كتبت صحيفة “الديار”: يبدو ان مهمة المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان لم تعد مهمة بالنسبة الى عدة احزاب وكتل نيابية والتي تعتبرها انها انتهت، وترى ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لم يعد ينظر الى حقيقة الوضع اللبناني، وخاصة الى وضع احزاب المعارضة المسيحية وحلفائها، كما ان عدداً كبيراً من المطارنة والرهبان الموارنة لا يوافقون على ما طرحه ماكرون سابقاً، حيث ان الموفد الفرنسي ابلغ القيادات اللبنانية ان باريس تؤيد وصول رئيس “تيار المردة” الوزير فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وهي تدعم ايضا السفير نواف سلام ليتسلم رئاسة مجلس الوزراء، ويعتبر هؤلاء المطارنة والرهبان ان طرح فرنسا منحاز على الساحة اللبنانية الى طرف معين.
وبالتالي، فان هذه الاحزاب، اضافة الى بعض النواب “التغييريين” ونواب آخرين، قرروا مقاطعة باريس وعدم الاجابة عن الاسئلة التي وزعتها السفارة الفرنسية نقلا عن لودريان. ورغم اعتبارهذه الاحزاب والكتل النيابية ان المبادرة الفرنسية لم تحترم بالشكل سيادة لبنان، فان رؤية هذه الاحزاب المعارضة ونواب من “التغيير” وحلفاء لها ، تعتبر ان الرئيس ماكرون انحاز الى حزب الله والثنائي الشيعي لدعم ترشيح فرنجية، وهي لن تقبل باي شكل من الاشكال ان يفرض حزب الله رؤيته من خلال المبادرة الفرنسية لايصال فرنجية الى قصر بعبدا.
رؤية باريس لمبادرة ماكرون
استندت رؤية باريس من خلال تقارير سفارتها في بيروت، ومن خلال تقارير رفعتها الاجهزة الفرنسية الهامة اليها، ومن خلال رؤية الرئاسة الفرنسية الى ان فرنسا هي دولة كبرى ليس فقط في اوروبا، بل على المستوى الدولي كله. وصحيح ان فرنسا هي عضو في الحلف الاطلسي، لكنها تتمايز في نسبة كبيرة عن موقف الولايات المتحدة ولها تقديرها للامور.
وبالتالي، فان ايفاد الرئيس الفرنسي ماكرون للوزير لودريان الى بيروت، سواء بالمبادرة السابقة ام بالرؤية الحالية، ينطلق من ان موازين القوى في لبنان تغيرت، وان فرنسا الحريصة على الوجود المسيحي في لبنان، ترى ان سياستها يجب ان تكون متفهّمة للثنائي الشيعي، وخاصة لحزب الله، حيث ان الحزب يمتلك مقاومة اصبحت قوة اقليمية في العالم العربي. وفرنسا ستستعمل عند اللزوم هذه العلاقة مع حزب الله لمصلحة المعارضة المسيحية والوجود المسيحي في لبنان، عند حصول اي تطور على الساحة اللبنانية.
اما اذا التزمت فرنسا بعلاقتها مع الاحزاب المسيحية وبعض المراجع الدينية المسيحية في لبنان، ولم تراع تطور ميزان القوى في لبنان وتفهّم حجم حزب الله، فان ذلك لن يكون مفيدا للوجود المسيحي، ولهذه المعارضة المسيحية وحلفائها. ورفضت المعارضة المسيحية مع حلفائها الرد على اسئلة لودريان، واعتبترها تعدّيا على السيادة اللبناينة، وتتعارض مع رؤيتها على الساحة اللبنانية، الا ان فرنسا تعتبر ان المعارضة وخاصة الاحزاب المسيحية لم تواكب المتغيرات التي حصلت منذ سنة 1982 وحتى سنة 2023 . هذه المعلومات ليست من السفارة الفرنسية، بل من مراجع اعلامية كبرى لها علاقات مع قصر الاليزية، حيث يدير الرئيس ماكرون السياسة الخارجية للجمهورية الفرنسية.
الانظار تتجه الى نيويورك
سواء استطاع الموفد الرئاسي الفرسي لودريان النجاح في زيارته القادمة، والتي لن تحصل في مطلع ايلول بل قد تتأخر لبضعة ايام او اسبوعين، فانه بعد زيارته لبيروت التي لن تستمر طويلا، سيقوم بكتابة تقرير شامل يقترح عبره الخطوات المقبلة على الرئيس ماكرون، ويترك له الامر لتحديد الخطة المكتملة لاحقا، حيث ان دورة الامم المتحدة السنوية التي يحضرها رؤساء الدول اجمالا، ويصل عددهم الى ما بين 80 الى 100 رئيس دولة، كما سيحضر وزراء الخارجية من كافة الدول اجمالا، وتحصل لقاءات بين رؤساء الدول ووزراء الخارجية حتما.
كما ان وزراء خارجية اللجنة الخماسية سيزورون نيويورك، وعلى الارجح سيجتمعون هناك، ويذكر ان اللجنة مؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والممكلة السعودية ودولة قطر وجمهورية مصر. وقد يتوصل وزراء خارجية اللجنة الخماسية الى رؤية موحدة بشأن الساحة اللبنانية، وخصوصا ان الانقسام العمودي كبير ويصل الى خطر وجودي على لبنان، ونظرة كل طرف من موقعه، خصوصا عبر طرح الفيدرالية والدولة الاتحادية، وحتى التقسيم الذي بدأ بالتقسيم النفسي على مستوى المتناحرين على الساحة اللبنانية.
مواقف دول اللجنة الخماسية بشأن اسماء الرئاسة
يبدو ان فرنسا، ورغم بعض الاعلام الذي تحدث عن تراجعها عن المبادرة المؤيدة لوصول الوزير سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، فانها ما زالت مقتنعة بدعمه لرئاسة الجمهورية، وان السفير نواف سلام له الافضلية برأيها لترؤس الحكومة القادمة، ولكن المعلومات تؤكد ان لا مانع لدى قصر الاليزيه، اذا رأت الممكلة السعودية ان يتولى الوزير السابق والنائب تمام سلام رئاسة مجلس الوزراء.
وفي المقابل، يبدو ان الولايات المتحدة ودولة قطر تدعمان قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون للوصول الى رئاسة الجمهورية، وتعتبران ان وصوله الى قصر بعبدا سيُقلّص دور القيادات السياسية التي حام حولها انباء واخبار عن الفساد وغير ذلك، كما تعتبران انه كما كان دوره كبيرا كقائد للجيش، ولم يتم اتهامه باي اعمال منسوبة للفساد ايضا، سيكون دوره قويا وكبيرا عندما يصبح رئيسا للجمهورية، ولا يكون دوره مخاصما للقوى السياسية، بل سيكون على ما عرفه الجيش الاميركي من خلال تنظيمه للجيش اللبناني، الذي يضم كل الضباط والرتباء والجنود من كل الطوائف على مختلفها، وايضا من كل المناطق اللبنانية، سواء كانت مناطق مزدهرة او مناطق فقيرة، فانه استطاع الحفاظ على المؤسسة العسكرية بعيدا عن اي انقسام، وكان الجيش له دور بالحفاظ على الوحدة الوطنية، كما ان اطرافا كثيرة وقيادات تؤيد شخصية العماد جوزاف عون.
اما الممكلة العربية السعودية وجمهورية مصر، وان كانا في السابق قد ايدا العماد جوزاف عون، الا انهما حاليا تدرسان الملف الرئاسي ولا تريدان اتخاذ اي موقف لتأييد اي شخصية، ولذلك فان اجتماع وزراء الخارجية ضمن اللجنة الخماسية سيكون هاما.
والفترة الممتدة بين 10 ايلول ونهايته ستكون شبه حاسمة، الا انه لا يمكن الارتكاز على هذا المعطى، لان النتيجة في مداولاتهم ستأخذ شهرين على الاقل، وبعد ذلك يمكن طرح التسوية بشأن انتخاب رئيس جديد لرئاسة الجمهورية.
لماذا يتحفظ الوطني الحر والرئيس عون عن اسم قائد الجيش؟
في المعلومات غير الرسمية، الا انها مستقاة من ضباط متعاقدين من الجيش اللبناني، فانهم يقولون ان العماد جوزاف عون تم اختياره شخصيا من قبل الرئيس العماد ميشال عون، وهو الذي فضّله على بقية العمداء في الجيش اللبناني. وكان اسم العميد كلود حايك مطروحا جدا، كما ان اسماء كبرى كانت مطروحة، لكن الرئيس العماد ميشال عون حسم هذا الموضوع باختيار العماد جوزاف قائدا للجيش اللبناني، واذا كان اسم العماد جوزاف عون اصبح مطروحا لرئاسة الجمهورية، فهذا الامر يعود فضله للرئيس العماد ميشال عون.
وهذا الحديث يعود الى انطلاق 17 تشرين، عندما قامت جماهير “الثورة” بالتهجم على الرئيس العماد عون، فحصل اجتماع بين الرئيس ميشال عون والعماد جوزاف عون، وطلب منه رئيس الجمهورية ان يمنع الشتائم بحقه وبحق عائلته وخاصة ابنته، فذهب العماد جوزاف عون وعاد لاحقا لزيارة الرئيس العماد ميشال عون، وابلغه انه لا يستطيع تنفيذ هذا الامر لانه قد يؤدي الى جرح او مقتل احد المتظاهرين، حينها ركز الرئيس عون انه لا يطلب لا جرح ولا قتل اي متظاهر، بل يطلب منع الشتائم ضده كرئيس للجمهورية اللبنانية، وعدم توجيه الشتائم الى عائلته القريية جدا.
بعد عدة ايام ابلغ العماد جوزاف عون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الولايات المتحدة هددت بفرض عقوبات عليه وعلى الجيش اللبناني، ولن تكون مستعدة لتقديم اي مساعدة للجيش اذا قام بهذه المهمة، والرئيس عون يعرف ان هنالك مساعدات عسكرية من الجيش الاميركي تدعم الجيش اللبناني، كما ان هناك مساعدات اخرى، فالعديد من الضباط اللبنانية تستقبلهم المعاهد الاميركية بدورات تدريبة على اراضي الولايات المتحدة.
ومنذ ذلك الوقت، استاء الرئيس العماد ميشال عون من قائد الجيش العماد جوزاف عون. وبعد انتهاء ولايته وانتقاله من قصر بعبدا الى منزله في الرابية، لم يقم قائد الجيش بزيارة الرئيس عون، وهو امر ترك آثارا سلبية في نفسية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وادى الى استياء كبير واسئلة حول موقف قائد الجيش ، ولماذا لا يقوم بزيارته.
ووفق ضباط قريبين من الرئيس عون نقلوا عنه انه كان يرغب على الاقل بان يزوره قائد الجيش ويسأله عن قوة حمايته العسكرية، واذا كان يرغب ان يتولاها احد اسماء الضباط، او اذا كان يريد زيادة او نقصان هذه القوة ، الا ان هذا الامر لم يحصل ، وفق العمداء المتقاعدين القريبين من الرئيس العماد ميشال عون.
ميقاتي يرأس اليوم اللجنة الوزراية وصدام مع وزير الطاقة
تجتمع اليوم اللجنة الوزارية في وزارة الطاقة برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وعلى جدول اعمالها بند وحيد وهو موقف اللجنة الوزراية وميقاتي من قرار اتخذه وزير الطاقة وليد فياض باستيراد مادة الفيول دون موافقة حكومة تصريف الاعمال، وهو امر لا يجب حصوله، لان مادة الفيول متوافرة في خزانات كانت مليئة بمادة الفيول، ويتطلب الامر موافقة مسبقة من الحكومة، وقد قام فياض باستيراد سفينة كاملة وثمنها 32 مليون دولار، كما اتصل بسفينة هي في عرض البحر تحتوي على مادة الفيول ، وثمن هذه المواد هو 52 مليون دولار، وليس لدى الحكومة ثمن تفريغ السفينة الاولى ولا ثمن السفينة الثانية.
وبالتالي، فان وزير الطاقة خالف قرار الحكومة، كما انه طلب عدم فحص مادة الفيول التي ستفرغها السفينة الاولى وثمنها 130 مليون دولار، وتدفع وزارة الطاقة عن كل يوم تأخير 90 الف دولار، ولاحقا تزداد الغرامة الى سعر 180 الف دولار يوميا.
سيكون اجتماع اللجنة الوزارية اليوم نقطة انطلاق لصدام كبير مع الوزير فياض. وهنا لا بد من مراجعة تصريح الرئيس ميقاتي الذي قال “ان للصبر حدود”، وقد تم سؤاله عن هذا الموقف. فهل يتخذ ميقاتي مع اللجنة الوزارية موقفا هاما تجاه وزير الطاقة وليد فياض؟