رأى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال المهندس زياد المكاري أن “لبنان يتعرض إلى أمرين خطيرين هما: النزوح إلى لبنان وتداعياته، والنزوح اللبناني الى الخارج الذي يجعلنا نخسر الفئات الشابة التي نحتاجها لبناء بلدنا“.
جاء ذلك خلال حفل تكريم أقامه له قنصل لبنان الفخري في فلوريدا مصطفى ناصر في رحاب “أوتيل الخوام” في بعلبك، تخلله تقديم سيارة إسعاف مجهزة لمفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، بحضور وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عباس الحاج حسن ممثلاً بشقيقه حسين، النائب غازي زعيتر ممثلا بعلي كركبا، النائب السابق الدكتور كامل الرفاعي، وفاعليات بلدية واختيارية وأمنية وتربوية وإعلامية واجتماعية.
وقال الوزير المكاري: “البيوت في إهدن تعرف قيمة بعلبك، وانا بالذات تربيت في كنف عائلة علاقاتها بأهل بعلبك قديمة جدا، لذا أشعر بأنني بين عائلتي“.
وتابع: “قبل قليل أخبرني سماحة المفتي الشيخ بكر الرفاعي، أن السياحة في بعلبك هذا الصيف كانت عامرة، وللمرة الأولى منذ زمن بعيد لم يقصد بعلبك مثل هذا العدد الكبير من السياح، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على أن كل ما يحكى سلبا عن بعلبك غير صحيح، وهذا أكبر دليل على كرم وضيافة أهل هذه المدينة، وهذا ليس غريبا على أهالي هذه المنطقة العزيزة على لبنان“.
وأشار إلى أن “بعلبك وقلعتها هي أول مكان يخطر على بال من يتحدث عن مواقع لبنان الأثرية والثقافية والسياحية في بلاد الإغتراب والعالم، لذا عليكم حماية هذا الإرث الحضاري الثمين والحفاظ عليه“.
ورأى أنه “رغم الأزمات والظروف الصعبة التي يعاني منها لبنان، فلا غنى عن الدولة، ومن دون الدولة نصل إلى الفوضى، وإلى غياب العدالة والقانون، إلى مكان لا نقبل ان نربي فيه أولادنا، لذلك نجد في هذه الأيام أن الكثير من أولادنا يهاجرون، وهذا النزف هو أخطر ما يتعرض له لبنان“.
وأضاف المكاري: “منذ حوالي الشهر تقريبا أتيت إلى بعلبك لتكريم الأستاذ الحبيب محمد أبو اسبر، طبعا تحدثت في كلمتي عنه، ولكنني في الموقف السياسي حذرت يومها من موضوع ضرورة وضع حد للنزوح السوري نحو لبنان. وقد نصل إلى مرحلة خطيرة إن لم نتدارك الأمر وتداعياته. ويوم غد الاثنين لدينا جلسة لمجلس الوزراء مخصصة لموضوع النزوح السوري، وسوف يحضر الجلسة وزراء قاطعوا الجلسات السابقة، لأن هذه القضية لم تعد مزحة، كما سوف يحضر قادة الأجهزة الأمنية وأتمنى أن يكون الإجتماع مثمرا، وأن نصل إلى اتخاذ قرارات واضحة وحاسمة تحد من هذا الوضع الشاذ الذي يتعرض له لبنان“.
وأردف: “نحن في لبنان نتعرض إلى أمرين خطيرين هما: النزوح إلى لبنان وتداعياته، والنزوح اللبناني الى الخارج الذي يجعلنا نخسر الفئات الشابة التي نحتاجها لبناء بلدنا، وفي الوقت نفسه في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، نحن نتكل على أحلام أولادنا وأحفادنا اينما وجدوا، نريدهم ان يتمسكوا بحبهم لوطنهم الأم في بلاد الاغتراب، وان يبقى قلبهم متعلقا بوطنهم، والسيد مصطفى ناصر هنا أكبر مثال، فهو حافظ على الإرث الوطني والبعلبكي الذي يتجسد في أوتيل الخوام“.
الرفاعي
وأشار المفتي الرفاعي إلى أن “ربنا يقول في محكم تنزيله: “مثل لذین ینفقون أمو الهم فی سبیل لله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، والله یضـاعف لمن یشاء، ولله واسع علیم“، ويقول سيدنا النبي: “رب درهم سبقت 1000 درهم“. قدر الله ان نلتقي في هذه المناسبة التي عنوانها العطاء، من رجل شكلت مسيرته قصة النجاح اللبناني منذ بدايته إلى الآن، قصة نجاح بدأت معه رياضيا عندما حقق أرقاما قياسية لم تكسر حتى اليوم على مستوى لبنان في عدة ألعاب رياضية، ثم هاجر من لبنان، وكما كان ناجحا في الرياضة كان ناجحا في الإغتراب، لكن لكن اغترب عن البلد ولم يغب، كلما ازداد بعده عن بعلبك، ازداد حضوره: علاقات، مساعدات، اهتمامات، لقاءات تبدأ ولا تنتهي، ثم لما كان يعود إلى مدينة بعلبك، كان دائما يعيش مع الفقراء ويفتح بابه لهم، ولا يتوقف عن مد يد المساعدة لهم، تارة على صعيد المدارس، وأخرى على صعيد الجامعات، وخاصة في موضوع أصحاب الحاجات الخاصة“.
ورأى أن “بلدنا بحاجة لأن يكون الإنسان فيه عابرا للمذاهب والطوائف. هناك كلام كثير في بلدنا كيف نخرج من هذه الأزمة، ولا نسمع خطابا أو كلاما يقول علينا أن نبدأ بإلغاء الطائفية السياسية. ما يقتل هذا البلد ويمنع الابداع فيه ويمنع التلاقي بين أبنائه هي الطائفية السياسية التي تمكنت من كثير من المفاصل، وهي تمنع قيام البلد ونهوضه“.
واعتبر أن “الإنسان الناجح هو الذي يستطيع أن يخرج من الدوائر الضيقة ليعيش الدوائر الواسعة، ليعيش لبنانيته ووطنيته وإنسانيته، فمن انغلق على نفسه وعاش الدوائر الضيقة لا يستطيع أن يبني نفسه ولا مجتمعه ولا بلده، في حين أن الذي يخرج من الدوائر الضيقة ويعيش الدوائر الواسعة على مستوى بلده ووطنه هو مدماك أساسي في موضوع نهضة لبنان في قادمات الأيام“.
وقال: “إن ربنا الحق المطلق أدار حوارا مع إبليس ليؤكد لنا أن الحوار قيمة يجب أن ننطلق دائما منها لكي نحقق النتائج بين كل المكونات، حتى الحروب عندما تنطلق تصل الى مفاوضات وبعد ذلك حلول. لماذا نحن في بلدنا لا يزال البعض يرفض الحوار؟ وكأننا نحتاج إلى وصاية خارجية، وكأننا لا نستطيع أبداً أن نعمل على حل أمورنا بأنفسنا“.
وأكد أن “الحوار حاجة وضرورة ملحة، ويجب القيام به في أقرب فرصة، ومن يتخلف عن الحوار، أرى أنه يتخلف عن السرعة في بناء الوطن وفي انقاذه. نحن نحتاج إلى رئيس جمهورية في أقرب فرصة، وإلى رئيس حكومة مع برنامج اقتصادي واضح، من بعد ذلك نستطيع أن نقول أن الوطن بدأ يتعافى، وربما نتحول إلى بلد نفطي في وقت قريب“.
وختم الرفاعي: “نشكر السيد مصطفى ناصر على هذه اللفتة وهي جزء من لمسات كثيرة قدمها، ونقدر ونثمِّن عاليا وجود معالي وزير الإعلام بيننا، وهذا الكلام النابع من القلب إلى القلب. هذه هي العائلة البعلبكية التي تشكل نموذجا عن الوطن الذي نبتغيه، والذي نريد ان نعيش فيه خارج الدوائر الضيقة، وضمن الدوائر الواسعة التي يتميز فيها كل مواطن عن مواطن بما يقدمه في سبيل رفعة وطنه وبنائه“.
ناصر
وبدوره قال ناصر: “نلتقي في فندق الخوام السياحي في مدينة بعلبك، انطلاقا من رؤيتنا الوطنية لأهمية العمل الإنساني والإنمائي، فنكرم معا الوزير الصديق المهندس زياد المكاري، وتكراراً لتسعين مرة وفقني الله بتقديم سيارات إسعاف وآلاف اللوازم الطبية للمقعدين وذوي الإحتياجات الخاصة، ويسعدني اليوم أن أقدم سيارة إسعاف لدار الفتوى ممثلة بمفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، لخدمة أهلنا في مدينة بعلبك“.
وأضاف: “حملت هموم المودعين المغتربين لدولة الرئيس نبيه بري الذي لمست لديه كل الحرص على حقوق المودعين، وآمل من معالي الوزير المكاري أن تكون هذه القضية هاجسه ومحط متابعاته في جلسات مجلس الوزراء ومع المعنيين“.
وقدم الوزير المكاري والمفتي الرفاعي درعا تقديرية لناصر باسم دار فتوى محافظة بعلبك الهرمل.