كتبت صحيفة “الديار”: توزّعت الإهتمامات خلال الساعات الماضية على متابعة تفاصيل زيارة الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان التي طالت لأكثر من يومين، خلافاً لما كان متوقّعاً، كونها الأخيرة له، على ما أعلن شخصياً. ويستكمل لودريان لليوم الثالث على التوالي صولاته وجولاته على القادة السياسيين خلال زيارته الثالثة الى لبنان تحت سقف إجماع اللجنة الخماسية، بعد أن التقى أمس الأربعاء عدداً من القادة السياسيين. على أن يلتقي الموفد الفرنسي، السفير السعودي وليد البخاري الذي دعا النوّاب السنّة ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى لقاء يُعقد في الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم الخميس في دارته في حضور لودريان.
أمّا ما خرج من إجتماعات لودريان ومحادثاته على مدى اليومين الماضيين، فتأكيد ما هو مؤكّد، وفق ما قالت مصادر سياسية مطّلعة لجريدة «الديار» ألا وهو أن «لا مجال لحلّ الأزمة الرئاسية اللبنانية، إلّا بالحوار ثمّ الحوار ثمّ الحوار»، وأنّ مبادرة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي تُشكّل المخرج لهذه الأزمة لا سيما مع انتهاء مهمّة لودريان الذي لن يعود الى لبنان. وهذا يعني بأنّ الموفد الفرنسي قام بتجيير مهمّته بعد انتقاله الى العُلا في السعودية لاستئناف عمله فيها كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية في تشرين الأول المقبل، الى برّي، إذ دعم مبادرته للحوار. كما الى الموفد القطري الذي قد يخلفه كمتحدّث باسم اللجنة الخماسية خلال المرحلة المقبلة، وذلك بعد فشله في خرق جدار الأزمة الرئاسية. وتوقّعت عدم التوصّل الى أي نتائج إيجابية وحاسمة في نهاية زيارة لودريان في ظلّ المواقف السياسية المتناقضة، وفي ظلّ الرفض المتواصل من قبل البعض للحوار من دون تقديم أي بديل عنه، في الوقت الذي تُحدث فيه « الخماسية» تطوّراً يُنتظر نتائجه من خلال اجتماعها المرتقب يوم الثلاثاء المقبل في نيويورك.
وتزامن الملف الأمني مع زيارة لودريان، وحطّ بثقله على الساحة اللبنانية من خلال 3 بوّابات: الأولى، بوّابة مخيم عين الحلوة الذي شهد هدوءاً حذراً بعد أن تواصلت الإشتباكات الأمنية فيه خلال الأيام الماضية، مع خرق جديد سجّل إطلاق طلقات نارية كثيفة. وقد تواصلت اللقاءات اللبنانية- الفلسطينية، والفلسطينية- الفلسطينية أمس بهدف تثبيت وقف إطلاق النار. فيما جرى الكشف عن جهات أجنبية إستخباراتية تستخدم المخيم لخلق الفوضى ليس فقط داخله إنّما في لبنان.
والثانية، بوّابة الحدود الشمالية الشرقية التي بقيت تشهد « إجتياحاً» للنازحين السوريين الى الأراضي اللبنانية يفوق الألف نازح يومياً عبر المعابر غير الشرعية والتي يصل عددها الى 160 معبراً، على ما أعلن قائد الجيش العماد جوزف عون. وإذ تمكّن الجيش من إعادة 23 ألف نازح متسلّل الى بلادهم، إلّا أن دخول 20 ألف آخرين بات أمراً مؤكّداً. وفي ظلّ غياب الحلّ السياسي والأمني الحاسم، اقترحت المصادر نفسها أن يُصار «الى تفخيخ هذه المعابر بالألغام، أو بالقنابل المسيّلة للدموع» كإجراء سريع لوقف هذا الإجتياح الخطير على أمن الداخل اللبناني، في ظلّ عدم توافر الإمكانات لدى الأجهزة الأمنية، التي تحتاج بالتالي الى قرار سياسي سريع وموحّد»..
والثالثة، البوّابة الجنوبية من خلال تحريك ملف»تثبيت» أو إظهار الحدود اللبنانية- الفلسطينية، في ظلّ استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، من خلال الإجتماعات الثلاثية العسكرية التي تُعقد في الناقورة، وموافقة «الإسرائيلي»، وفق المعلومات، على سحب قوّاته من الجزء الشمالي من بلدة الغجر، وربّما من الغجر بكاملها مقابل إزالة «حزب الله» للخيمتين المنصوبتين في كفرشوبا، لما يُظهرانه أمام الرأي العام الداخلي عاجزاً عن السيطرة على المنطقة المحتلّة.
محادثات لودريان: الحوار ثمّ الحوار!!
واتخذت لقاءات لودريان أمس طابعاً مهمّاً سيما وأنّه التقى كلّاً من رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط في كليمنصو، وعددا من نوّاب التغيير، وكتلة «تجدّد» ممثلة بالنائبين فؤاد مخزومي وميشال معوّض في قصر الصنوبر، ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، واختتمها بلقاء رئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع في معراب.
وتحدّثت مصادر سياسية واسعة الإطلاع لجريدة «الديار» على جولة لودريان أنّه خلال هذه المحادثات بدا مستمعاً ومناقشاً للمواقف والطروحات، غير أنّه شدّد على الحوار ثم الحوار ثمّ الحوار كمخرج للأزمة الرئاسية. وأعطى الضوء الأخضر التمهيدي لاستكمال مهمّته عبر مبادرة برّي للحوار الشبيهة لمبادرته، أولاً من خلال بقائه لمدة أسبوع في لبنان يُجري المحادثات ويتحاور مع جميع الأطراف، فيما دعا برّي الى حوار لسبعة أيّام تحت قبّة البرلمان، على أن تليها جلسات مفتوحة ومتتالية للإنتخاب، كما اقترح لودريان على النوّاب في وقت سابق. كما مهّد الطريق أمام الموفد القطري المنتظر مجيئه الى لبنان في 20 أيلول الجاري، والذي قد يخلفه في التحاور مع المسؤولين اللبنانيين باسم اللجنة الخماسية.
وأشارت الى أنّ لقاء لودريان بالنائب رعد كان مهمّاً جداً، شدد فيه رعد على «أهمية الحوار والتواصل بين اللبنانيين بإعتباره السبيل الوحيد المتاح للخروج من الوضع الحالي في الموضوع الرئاسي». وجرت خلاله مناقشة عامة للآليات والخطوات المرتقبة على هذا الصعيد.غير أنّ الأهم هو معرفة الموقف الأميركي منه.
وفي الوقت الذي شدّد فيه جنبلاط بعد لقائه لودريان على ما جرى مناقشته خلال الإجتماع ألا وهو الحوار، مؤكّداً على التمسّك بالمبادرة الفرنسية وبمبادرة برّي. وردّاً على سؤال، قال بأنّ المبادرة الفرنسية لم تنتهِ، وأنّ هناك في الداخل مَن يريد وقف هذا الدور، رافضاً إدخاله في لعبة الأسماء التي لم يدخل فيها مع لودريان، ذكرت مصادر مقرّبة من اللقاء أنّ» جنبلاط تحدّث مع الموفد الفرنسي عن الثوابت الوطنية، أي أنّه لا يُمكن مجيء رئيس للجمهورية يُشكّل غلبة على الفريق الآخر، إنّما رئيساً توافقياً، وهذا الأخير لا يُمكن أن يتمّ التوصّل اليه من دون التفاهم والحوار». ولفتت الى أنّ جنبلاط سبق وأن توجّه الى الأميركي والإيراني محمّلاً إيّاهما مسؤولية الحسم. وقالت بأنّ الموفد القطري سيستكمل مهمّة لودريان في لبنان، وقد سبق وعبّر عما تريده بلاده، أي» رئيس لا يُشكّل تحدياً لأي طرف، أو ليس من قبول مسيحي عليه، أو أن يكون بعيداً عن الحاضنة العربية التي سترعى المنطقة في المرحلة المقبلة».
أمّا كتلة « تجدد» فعقدت إجتماعا في مقرها في سن الفيل، إثر لقاء ممثليها النائبين معوض ومخزومي الموفد الرئاسي الفرنسي، وتم استعراض مضمون اللقاء. واعتبرت الكتلة في بيان، أن «اللقاء كان إيجابيا وبناء، ونعول على الدور الفرنسي كوسيط نزيه لمساعدة لبنان في انتخاب رئيس للجمهورية، ومؤكدة على انتخاب رئيس يجسد النزاهة ويوحد الأمة، ويضع مصالح لبنان في المقام الأول». وشددت على أنّ « التقاطع حول المرشح جهاد أزعور بين قوى المعارضة وقوى سياسية أخرى هو نتاج حوارات قائمة كل يوم بهدف إنقاذ الجمهورية».
وبعد اجتماع الجميّل مع لودريان، قال: «عبرنا للموفد الفرنسي أننا تقدمنا كمعارضة بخطوة حوارية بمجرد أننا رشحنا جهاد أزعور واتفقنا مع ميشال معوض على الانسحاب من السباق الرئاسي، ونعتبر هذه الخطوة حوارية».
وأردف: «نعتبر أن الحوار الذي أطلقته المعارضة هو حوار علني، وقوبلت مبادرتها برفض تام وبالتخوين والتهديد والتعطيل.. لذلك نعتبر أن من المفترض أن يلاقينا «حزب الله» الى منتصف الطريق اذا اردنا الكلام بالرئاسة. ولكن لدينا قناعة بأن لدى الحزب منطق الاستقواء والفرض والاستيلاء على المؤسسات وعلى الديموقراطية وعلى البلد». وختم: «نريد مبادرة متوازنة تعطي كل التطمينات لفريق المعارضة».
وفي معراب، أشار جعجع بعد اجتماعه بالموفد الفرنسي الى أن «من عطل إنتخاب الرئيس حتى اليوم هو محور الممانعة»، مضيفاً «من يسمعهم يظن أنهم ملائكة، «فلا تنتظروا منا مساعدتكم في تضييع الوقت». وأردف، «الحوارات قائمة كل يوم، ولكن الدعوات الحالية للحوار «سمّ في الدسم». وتابع، «الوقت الحالي هو لانتخاب رئيس للجمهورية وليس لتضييع الوقت بالحوارات التي هي قائمة كل اليوم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة».
وعبّر عن موقفه من دعوة برّي: « لا لجلسات متتالية، بل جلسة واحدة ودورات متتالية، ولن نشارك في الإلهاء عن الانتخابات الرئاسية». وختم، « ليس لدينا فيتو على اسم قائد الجيش جوزيف عون وكل شيء في وقته».
وفي السياق نفسه، دعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان الى عدم رفض دعوة برّي مشيراً الى أنّ «لبنان مصلوب بالكوارث والأزمات، وخشبة خلاصه الآن تختصرها معادلة «بري- لودريان»: حوار وانتخاب. ومن يتخلّف ينحر البلد، ومن يعارض إنما يتعمد ذلك بخلفية إيعاز أو مصلحة دولية لا مصلحة وطنية».
خطر النازحين الجُدد
في الموازاة، لا يزال عدم اتخاذ أي حلّ رسمي جذري لوقف موجة النزوح الثانية التي تُشكّل خطراً وجودياً على لبنان، فضلاً عن خطر تفجير الوضع الأمني في البلاد، تقول مصادر سياسية عليمة لجريدة «الديار» بأنّ الضياع على المستوى السياسي هو الذي يؤدّي الى استكمال عبور «المجتاحين» السوريين للأراضي اللبنانية. فلا يزال لبنان يرتدي القفّازات في تعامله مع الدول الأوروبية التي تريد توطين النازحين السوريين في لبنان بأي طريقة. وبدلاً من منع النازحين الذين يلجأون الى السفر عبر الزوارق غير الشرعية نحو أوروبا، على الدولة اللبنانية تأمين مراكب شرعية لهم للذهاب الى الدول الأوروبية التي هي دول لجوء، على عكس لبنان. علماً بأنّ ثمّة إجماعا لبنانيا على رفض التوطين إن بالنسبة للاجئين الفلسطينيين أو النازحين السوريين، ولبنان لا يستطيع اليوم تحمّل موجة النزوح الثانية التي تضمّ شباباً مجنّدين ينضوون الى عصابات منظّمة، ما يجعلهم يُشكلون خطراً فعلياً على الأمن والإستقرار في البلاد. في حين أنّ المطلوب هو اتخاذ قرار سياسي جريء، وضبط المعابر من خلال التشدّد مع النازحين، ومدّ الجيش بكلّ ما يلزمه لمكافحة هذه الموجة، بل من أن يبقى «عاجزاً» لافتقاره الى العناصر والمعدّات اللوجيستية.
وأضافت: بعد أن تقرّر أخيراً إرسال وزير المهجّرين عصام شرف الدين على رأس وفد وزاري الى سوريا للتنسيق مع السلطات على إعادة النازحين السوريين، عاد ميقاتي وقرّر إرسال وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب على رأس وفد عسكري تقني الى دمشق لمناقشة هذا الموضوع. علماً بأنّ بوحبيب رفض في تمّوز الماضي ترؤس الوفد اللبناني معلّلاً رفضه بانشغالاته وأسفاره الكثيرة، متساءلة.
وتنفيذاً لهذه المهمّة، أجرى بو حبيب أمس إتّصالاً بنظيره السوري فيصل المقداد، وذلك عطفا على قرار مجلس الوزراء القاضي بتكليفه ترؤس وفد رسمي لينتقل الى سوريا للبحث في قضية النازحين. واتّفقا على عقد لقاء بينهما فور عودته من نيويورك، حيث سيشارك الى جانب ميقاتي بأعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، على أن يلتقي هناك بنائب وزير الخارجية السوري الذي سيمثّل بلاده في الاجتماعات الأممية. وقد رحّب وزير الخارجية السوري بزيارة الوزير بوحبيب والوفد المرافق دمشق مبديا استعداده لكل تعاون يصبّ في مصلحة البلدين. وكان أكّد بوحبيب أن «لا مشكلة لي مع سوريا، أنا كنت قد زرت دمشف بعد زلزال 6 شباط والتقيت الرئيس السوري بشار الأسد وبحثنا بملف النازحين».
وتطرّق بو حبيب خلال اجتماع استضافته فيه الرابطة المارونية الى «الخطر الداهم الذي يتمثل بازدياد تدفق النازحين السوريين الى لبنان بطريقة غير شرعية»، مشيراً الى أن «الحكومة اللبنانية قررت اتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة هذه المسألة». وقال: «إن وزارة الخارجية والمغتربين تتابع ازمة النزوح السوري في جميع المؤتمرات الدولية والاقليمية ومع السفراء المعتمدين في لبنان والمفوضية السامية للاجئين».
وأشار الى «تمسك الغرب بالسياسة الرافضة لهذه العودة بسبب عدم توافر الظروف الامنية لذلك»، لافتاً الى أنّ «السوريين بحاجة الى تطبيق خطة التعافي المبكر من اجل ضمان العودة والى ضرورة السير بعملية الخطوة مقابل خطوة».
وفي هذا الإطار، أعلن الجيش أمس عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه «بتاريخ 2023-9-13، أثناء محاولة عدد من السوريين التسلل إلى الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية عند الحدود الشمالية، انفجر بهم لغمان أرضيان في الجانب السوري من الحدود، ما أدى إلى إصابة ٣ منهم. وقد تولى الصليب الأحمر اللبناني نقلهم إلى أحد المستشفيات في شمال لبنان.
وكتب النائب جيمي جبور على منصة «إكس»: من التقرير السري للأمن العام.. يتبيّن أن الإجراءات المتبعة حتى اليوم هي تضييع للجهد وتبديد لطاقة الجيش والقوى الأمنية. أما المطلوب : إقفال المعابر المعروفة، توقيف مشغليها المعروفين وتسليم الموقوفين عبر الامن العام للسلطات السورية.
الحدود البرّية ونقاط التحفّظ
وفيما يتعلّق بما جرى التداول به حول التوصّل الى اتفاق بين لبنان و»إسرائيل» حول التحفّظات على الحدود الجنوبية، نفت قيادة الجيش- مديرية التوجيه صحّة هذه الملعلومات المتداولة، وأعلنت في بيان لها أمس أنّه بتاريخ 2023-9-12، عقد في الناقورة اجتماع ثلاثي برئاسة قائد قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان اللواء أرولدو لاثارو، وفي حضور وفد من ضباط الجيش اللبناني برئاسة منسق الحكومة اللبنانية لدى قوات الأمم المتحدة العميد منير شحادة، وذلك لبحث النقاط الـ١٣ المتحفظ عليها والتي اعتُبرت خرقًا، من دون التوصل إلى اتفاق. وقد تَقرر أن تستمر الاتصالات والاجتماعات تحت رعاية الأمم المتحدة».
وعن هذا الإجتماع، قال الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي أنّ «المناقشات التي تجري في الاجتماعات الثلاثية سرّية، مع الإشارة الى أن التقارير الإعلامية التي صدرت اليوم (أمس) والمستندة إلى إشاعات غير مؤكدة يمكن أن تعرّض للخطر التقدم المحرز حتى الآن لناحية الحدّ من التوترات والمضي قدما في المناقشات بشأن المسائل التي لم يتم حلّها على طول الخط الأزرق». وشدد على «العمل لمواصلة المناقشات تحت رعاية «اليونيفيل» بهدف نهائي هو معالجة جميع القضايا على طول الخط الأزرق».
وكان الوزير بو حبيب، الذي يعمل أيضاً على خط ملف الحدود البريّة الى جانب ملف النازحين، قد أعلن في تصريح له بأنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لم يُقدّم اقتراحاً بشأن الحدود البريّة، وأنّ لبنان مستعدّ للإنتهاء من مسألة تثبيت الحدود البريّة بوساطة أميركية ورعاية أممية». وأكّد أنّ «حزب الله» لا يرفض ترسيم الحدود البريّة مع «إسرائيل».
النعماني: حذارِ التخلّي عن المزارع!!
وفي السياق نفسه، قال السفير الدكتور بسّام النعماني المتابع لقضايا الحدود البحرية والبريّة لجريدة «الديار»: لو افترضنا بأن لبنان خلال التفاوض على الحدود البريّة سيعلن تنازله عن المطالبة بمزارع شبعا (مثلما فعل مع الخط 29 البحري)، إما لعدم إحراج الجانب السوري أو رغبة في تسهيل مهمة هوكشتاين المرتقبة، فإن «ثغرة» مزارع شبعا ستبقى ماثلة للأسباب الآتية: أولاً: إن الحدود اللبنانية-السورية في تلك المنطقة من جسر الغجر (الذي يقع على نحو 4،5 كلم جنوب البلدة) والذي يمتد إلى جبل الشيخ ليست «مرسمة» في خرائط نيوكومب-بوليه 1923 أو في هدنة 1949. وبالتالي هي غير مسجلة لدى الأمم المتحدة وغير موجودة إلا في الخرائط العسكرية اللبنانية، والسورية، والفرنسية (بل هي موجودة أيضاً في الخرائط الإسرائيلية!!!). وثانياً: إن الخط الأزرق الذي رُسم في هذه المنطقة التي تحاذي مزارع شبعا عام 2000، والذي يمتد لنحو 20 كيلومترا، لم يراع الحدود الدولية المرسمة في الخرائط اللبنانية/السورية/الفرنسية، بل رسم خطاً «جديداً» متعرجاً ومنحنياً حول التلال والوديان. ويبدو أن الأمم المتحدة هي من «رسمت» خط الإنسحاب «الجديد» لأسباب خاصة بها. ولكنها اقتطعت الكثير من الأراضي اللبنانية وضمتها إلى الجانب الإسرائيلي. وهي بالتالي مسؤولة بشكل غير مباشر عن بعض الصدامات التي تحصل بين الأهالي وقوات الإحتلال. وتبلغ مساحة هذه الأراضي بموجب بعض التقديرات نحو 10 كيلومترات مربعة، أي ما يفوق كل التحفظات اللبنانية الأخرى على الخط الأزرق. ولعل لبنان في تحفظه على حدود تلك المنطقة التي تضم مزارع شبعا رأى بأنه لو تدخل في رسم «الخط الأزرق» بين جسر الغجر وجبل الشيخ سيعني ذلك تخليه ضمنياً عن مزارع شبعا. وثالثاً: إن الجيش اللبناني قد تحفظ لاحقاً في اجتماعات الناقورة على الخط الأزرق المرسوم على ضفاف نهر الحاصباني بين جسر الغجر وبلدة الغجر، واعتبر أنها لا تتبع خط الحدود الدولية. وهذا هو التحفظ رقم 13 الذي يشار إليه بـ «تحفظ منطقة الوزاني». ولكن الوفد العسكري اللبناني لم يستكمل تحفظه على الخط الأزرق من بلدة الغجر إلى جبل الشيخ لأنه يعتبر أنه قد سبق ولا زال يطالب بإنسحاب إسرائيل من كامل هذه المنطقة.
ولهذا فمن المستحسن، وفق النعماني، أن لا تقوم الحكومة اللبنانية بالتخلي عن مطالبتها بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا لأن ذلك سيعني أنه سينفجر في وجهها معضلة جديدة ألا وهو كيفية تصحيح وتثبيت الحدود التي قضمتها إسرائيل في خط الإنسحاب بين جسر الغجر إلى قمة جبل الشيخ والتي لم يتم التطرق إليها بشكل مفصل. وقد يكون من الأفضل أن تحزم الحكومة اللبنانية أمرها، وتقدم إلى هوكشتاين خريطة مفصلة يتم التوافق عليها حول النطاق الجغرافي لمزارع شبعا والحد الشرقي والجنوبي لها.
الفوضى في المخيّم لمصلحة مَن!!!
على الخط الأمني، سيطر الهدوء الحذر أمس على محاور مخيم عين الحلوة. وشهد المخيم سلسلة خروق لوقف إطلاق النار تركزت قبل ظهر أمس على حي حطين حيث أدى سقوط قذيفة على أحد منازل الحي إلى اشتعال النيران فيه. كما سمع بعد الظهر دوي قذيفتين تبعهما إطلاق نار، ما لبثت أن تطورت إلى تجدد الاشتباكات بين «فتح» والإسلاميين على محور حي حطين جبل الحليب استخدمت فيها القذائف الصاروخية والاسلحة الرشاشة، ما أدّى الى إصابة مسؤول حركة الجهاد الإسلامي معين عباس وجرح آخر. كما سجل انفجار قذيفة في الهواء فوق بلدة الغازية جنوب صيدا واختراق رصاص القنص مؤسسة تجارية عند كورنيش صيدا البحري. وتوسعت رقعة الاشتباكات من جبل الحليب – حطين الى محور التعمير – البركسات داخل المخيّم حيث تردّدت أصداء القذائف الصاروخية في مدينة صيدا.
وعلى مسار المساعي الجارية، عقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إجتماعا قبل ظهر أمس في السراي، لبحث الوضع في مخيم عين الحلوة، شارك فيه عن الجانب الفلسطيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد وسفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، وأمين سر حركة فتح فتحي ابو العردات. وعن الجانب اللبناني قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني الدكتور باسل الحسن.
وقال الأحمد بعد اللقاء: أنهت لجنة التحقيق التي شُكّلت في وقت سابق أعمالها، وحددت أسماء المتهمين بعملية اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي. وكان لا بد قبل ذلك، عودة المهجرين الى منازلهم. وبالمناسبة، في تلك المرحلة وفي اليوم الخامس، لم يكن هنالك أي مهجر من المخيم، ولكن العناصر الارهابية الخارجة عن القانون بقيت مصرة على خرق وقف إطلاق النار والاستمرار باطلاق الرصاص والقصف بشكل عشوائي، ليس في المخيم فقط وفي منطقة المدارس التي تتحصن بها، بل حتى في أنحاء صيدا، فضلاً عن قصف مواقع وثكنات الجيش اللبناني، وكأن هناك من يعطيهم تعليمات لتفجير الأوضاع الأمنية في المنطقة وليس في المخيم فقط بل في الجوار وفي صيدا وخارج حدود المخيمات، ما يدل على هناك مؤامرة أكبر مما يتصور البعض».
أضاف: «هناك جماعات لها اتصالات مع جهات أجنبية استخبارية موثقة لدينا والكل يعرفها. اتفقنا على التمسك بما قررناه وضرورة وقف حقن الدماء وتثبيت وقف إطلاق النار، وتسليم المتورطين في جريمة اغتيال العرموشي ورفاقه وقبله عبد الرحمن الفرهود الذي اغتيل قبل اغتيال العرموشي بأيام». وقال: «يجب عدم استغلال الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية في لبنان والفراغ الموجود للعبث بأمن لبنان الشقيق».
وكشف عن اتصال جرى أمس من استخبارات دولة أجنبية في داخل لبنان مع هؤلاء حول الوضع، للتحريض وتقديم اغراءات خدمة للبرنامج، وإسرائيل ليست بعيدة عما يدور، وحتى الوضع الداخلي اللبناني والقوى المستفيدة من هذا الفراغ ومن الأزمة السياسية والاقتصادية أيضا لا تريد الخير للبنان بل الفوضى، ولكننا نثق بحكمة القيادة اللبنانية وقدرتها على التصدي لمثل هذه المحاولات وسنكون الى جانبها».
كما عقد لقاء قيادي أمس بين حركتي «حماس» و»فتح»، في السفارة الفلسطينية في بيروت للبحث في تثبيت وقف إطلاق النار في المخيم. وصدر عن هذا الإجتماع بيان شدّد على نقاط عدّة أبرزها: وقف الحملات الإعلامية، وتأكيد قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك بالتزام تثبيت وقف إطلاق النار وتسليم المطلوبين، والعمل على تسهيل عودة المهجّرين إلى منازلهم، والإسراع في إخلاء المدارس لإعادة إعمار ما لحق بها من أضرار بالسرعة القصوى.
وفي ضوء عدم استقرار الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة، مددت رئاسة الجامعة اللبنانية إغلاق كل فروعها في صيدا، كما استمرّت سرايا صيدا في إقفال إداراتها الرسمية.
قداديس في عيد ارتفاع الصليب
وبمناسبة عيد الصليب، إحتفل الأب فادي تابت في بازيليك سيدة لبنان حاريصا السادسة من مساء أمس بقدّاس من الصليب مع لفيف من الكهنة. تلاه احتفال في الباحة الخارجية مع المؤمنين، تضمّنه تطواف بالصليب المقدّس وإشعال «قبّولة» النار.
واحتفل راعي أبرشية بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المتروبوليت جورج بقعوني السادسة من مساء أمس بقداس عيد الصليب، في كنيسة الصليب جعيتا. ويحتفل الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم بقداس عيد الصليب في كنيسة الصليب عين القبو – المتن.