كتبت صحيفة “البناء” تقول:
استهدفت طائرة مسيّرة محملة بالمتفجّرات حفل تخريج طلاب الضباط في الكلية الحربية السورية في حمص، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء وعشرات الجرحى من الضباط وأهاليهم. وذكرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في بيان لها أنه «إمعاناً في نهجها الإجرامي واستمرارها في سفك الدم السوري قامت التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة ظهر اليوم باستهداف حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة، وذلك بعد انتهاء الحفل مباشرة، ما أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء من مدنيين وعسكريين ووقوع عشرات الجرحى بينهم إصابات حرجة في صفوف الأهالي المدعوين من نساء وأطفال، إضافة إلى عدد من طلاب الكلية المشاركين في التخرّج». وقرأت مصادر متابعة في البيان إشارة إلى جماعات مدعومة من الاحتلال الأميركي، لأنه لو كان القصد جهات إرهابية تدعمها تركيا، لقال البيان جهات إقليمية وليس جهات دولية، وهذا يجعل أصابع الاتهام تتوجه نحو تنظيم قسد باعتباره الجهة الرئيسة المدعومة من الاحتلال الأميركي، والأميركي هو الجهة الدولية، أي غير الإقليمية، التي تدير جماعات إرهابية في سورية عبر قواعدها. وإذا لم تكن قسد، فهذا يعني الجماعات المحسوبة تحت تسميات معارضة وتتلقى دعماً أميركياً في قاعدة التنف.
في لبنان مع تراجع الملف الرئاسي، يتقدم ملف النازحين السوريين إلى الواجهة مع تدفق موجات نزوح جديدة، وسط تحذيرات من خطر وجودي يمثله النزوح، وتختلط في التعامل مع الملف الخلفيات النابعة من القلق، مع المواقف العنصرية العدائية التي يهدد تصاعدها بالوقوع في مطبات لا تُحمَد عقباها. وقالت مصادر سياسية متابعة إن الإشكالات الأمنية المتنقلة التي يكون طرفاها لبنانيين وسوريين تشكل احتمالات مخاطر كبيرة. وليل أمس وقع إشكال كبير في منطقة الدورة اضطر الجيش اللبناني للتدخل للسيطرة على تداعياته، بعدما استعان صاحب مؤسسة تجارية بعماله السوريين في إشكال شخصي يخصه. وأضافت المصادر السياسية أن سبب كل هذه التداعيات هو غياب الحكومة عن مسؤولياتها، ورمي الأعباء على المؤسسات الأمنية والبلديات، التي تفوق أعباء الملف قدراتها. فالحل يبدأ سياسياً، سواء بالتوجه نحو دمشق والتنسيق مع الحكومة السورية، وهو ما لا يبدو التوجه الحكومي نحوها صادقاً، أو بالتصدي للضغوط الغربية، حيث الحكومة تهرب من المواجهة، أو بضبط نشاط مفوضية اللاجئين الأممية، ومثلها نشاط الجمعيات التي تدير أموالاً طائلة تحت عنوان هذا الملف من وراء ظهر الدولة، التي تنازلت عن مسؤولياتها واستقالت من مهمتها.
يبدو أن الوزارات المعنية والأجهزة الأمنية والعسكرية بدأت بتنفيذ الإجراءات والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها المجلس في السراي الحكومي منذ حوالي الشهر، فيما يتعلق بالحد من أزمة النزوح السوري، وذلك بعدما استفحلت الأزمة وباتت تشكل مخاطر وجودية على لبنان، وبعد أن تكشفت حقيقة القرار الدولي بوضوح برفض إعادتهم الى سورية ووجود مشروع دولي لإبقائهم في لبنان ودمجهم في المجتمع اللبناني.
وتتوالى الإجراءات القانونية والأمنية وفرض القيود على عمالة النازحين وانتشارهم العشوائي، فبعد الكتاب الذي وجهه لإقفال المحال التي يديرها سوريون ممن لا يحملون إقامات، وجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي أمس كتاباً الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، يطلب فيه إطلاق حملة لقمع وتوقيف الدراجات النارية التي يقودها أشخاص سوريون لا يحملون الإقامة اللبنانية، وذلك بعدما تبيّن ازدياد حركة الدراجات النارية وقيادتها من قبل أشخاص سوريين واستغلال البعض منهم هذا الأمر للقيام بأعمال سرقة أو إطلاق نار أو ترويج مخدرات.
وطلب مولوي من محافظ مدينة بيروت مروان عبود إعطاء التعليمات الى عناصر الحرس البلدي، لتكثيف الدوريات الأمنية بالتنسيق مع قيادة شرطة بيروت في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للعمل على إزالة ظاهرة التسول لا سيما عند إشارات المرور من قبل أطفال غير لبنانيين في مختلف شوارع العاصمة.
كما وجّه وزير الداخلية والبلديات كتابين الى المحافظين يطلب فيهما الإيعاز الى القائمقامين التعميم على البلديات والمخاتير، منع قبول أي نوع من الهبات (مشروطة أو غير مشروطة) منعاً باتاً من أية جهة كانت، في كل ما يتعلق بالنازحين السوريين وما قد يؤثر على بقائهم في لبنان وعدم عودتهم الآمنة الى بلدهم. والإيعاز الى القائمقامين التعميم على البلديات والمخاتير، الإفادة دورياً كل خمسة عشر يوماً عن التدابير المذكورة في التعميم ٧٤ حول تنفيذ قرارات مجلس الوزراء بشأن أزمة النزوح السوري.
بالتوازي، باشر موظّفو المصالح الإقليمية في وزارة الصناعة بحملات إقفال المصانع التي تعمل من دون ترخيص قانوني، والتي توظّف عمالاً سوريين وأجانب لا يحملون إجازات عمل أو أوراقاً قانونية. وأشرف وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان على الحملة الميدانية التي انطلقت صباح أمس في كلّ من مدينتي زحلة ورومية الصناعيّتين، وأعطى تعليماته وتوجيهاته لكي تكون هذه الخطوة دقيقة وسريعة وشاملة المحافظات والأقضية من دون استثناء.
على الصعيد الأمني، واصل الجيش اللبناني حملة المداهمات لمخيمات النازحين السوريين، وأفادت قيادة الجيش أمس، بأن «وحدة من الجيش تؤازرها دورية من مديرية المخابرات دهمت عددًا من مخيمات النازحين السوريين في منطقة السماقية – عكار وأوقفت عددًا من السوريّين لدخولهم خلسة إلى لبنان وتجولهم من دون أوراق ثبوتية وتم ضبط مبالغ مالية مزوّرة وسيارة غير قانونية إضافة إلى ختم عائد لأمين صندوق إحدى البلدات اللبنانية».
الى ذلك، بدأ أمن الدّولة في النبطيّة حملةً لنزع خيم النازحين السوريّين غير الشرعيّين، والذين يقطنونها من دون ترخيص من البلديّات، وأزالت خيمتين تعودان لـ (م.ش.) في منطقة عين عرب. وأفادت المديرية، في بيان، بأنّ «حملة إزالة الخيم هذه أتت لمكافحة الفوضى المستشرية بين النازحين، وبسبب الشبهات بانتمائهم إلى منظّمات إرهابيّة، صادر خلاله أمن الدّولة حتّى اليوم، كمّيّات كبيرة من الأسلحة الحربيّة في خيمٍ تعود إلى النازحين السوريّين، في مختلف المحافظات».
وعلى الرغم من الإجراءات التي تتخذها بعض الوزارات والأجهزة الأمنية إلا أن الحكومة ورئيسها ووزير خارجيتها غائبون عن الأزمة الوجودية التي تواجه لبنان، ولم يعقد المجلس جلسة واحدة منذ شهر لمواكبة التطورات الجديدة بعد المواقف الأميركية والأوروبية من مسألة النزوح السوري في لبنان، فيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غادر بشكل مفاجئ الى الامارات والتقى حاكم إمارة أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان مساء أمس.
ولفتت مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن الحكومة تأخرت باتخاذ الإجراءات الاحترازية والاستباقية للحد من موجات النزوح الجديدة والسابقة كما ماطلت وتواطأت بتباطؤ التواصل مع الحكومة السورية للبدء بإعادة النازحين الى سورية، كما لم تطبق الإجراءات التي اتخذتها في جلستها الشهر الماضي. متهمة المعنيين بالحكومة بالرضوخ للقرار الخارجي الأميركي – الأوروبي بمنع إعادة النازحين الى سورية والتواصل مع سورية لهذه الغاية. متسائلة ماذا ينتظر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب لترؤس الوفد الوزاري للتوجه الى سورية؟ وعلى الرغم من أهمية الإجراءات التي تنفذها وزارة الداخلية والبلديات والقوى الأمنية في الحد من النزوح وتقييد أعمال وحركة النازحين ما سيدفع الكثير منهم للعودة الى سورية، لكن المصادر أبدت مخاوفها من أن يكون قد فات الأوان لإجراءات كهذه، بسبب إهمال الحكومة القيام بواجبها، وبعد أن عملت مفوضية شؤون اللاجئين على توفير الظروف والبيئة المناسبة المالية والاجتماعية لتشجيع النازحين على البقاء في لبنان.
وشدّدت كتلة «الوفاء للمقاومة»، في بيان لها بعد اجتماعها الدوري في حارة حريك، على أنّ «مشكلة النازحين السوريين هي إحدى نتائج العدوان الأميركي المقنع على سورية، وإن معالجة هذه المشكلة تقتضي وقف أميركا دعم الإرهاب التكفيري ورفع العقوبات وفكّ الحصار عن سورية والكفّ عن سياسات الدجل والنفاق الغربي التي تُنفّذ في سورية ولبنان خدمة لمصالح الكيان الصهيوني ودول الغرب وفق منهجية عنصرية فاضحة لا تستطيع كل لافتات حقوق الإنسان أن تخفي البعد العدواني الذي ترمي إليه هذه السياسات عبر الاستثمار السياسي في أزمة النازحين السوريين»، متابعة: «لقد آن الأوان لوقف هذا الاستثمار المرفوض وعلى اللبنانيين أن يفرضوا المعالجة المناسبة لهذا الملف بما يحقق مصلحة لبنان والنازحين».
وإذ أسفت الكتلة «لتفويت البعض فرصة الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي»، فإنها تتابع وتقدر «الجهود التي تُبذل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي عبر المعبر الدستوري الذي لا مفرّ فيه من التفاهم مهما كابر المكابرون». وذكرت أنّ «أمام اللبنانيين استحقاقات مقبلة وداهمة لن تكون البلاد في منأى عن المخاطر اذا لم يتم التوصل إلى معالجات سريعة لها واتخاذ إجراءات احترازية تحول دون المزيد من التصدعات والانهيارات في أكثر من مرفق ومؤسسة وقطاع».
وأشارت الكتلة إلى أنّ «التفاهم لإنجاز الاستحقاق الرئاسي هو المدخل الوطني الضروري لترميم أو إعادة تفعيل مؤسسات السلطة والأجهزة والمؤسسات في القطاعات الأمنية والعسكرية والقضائية والصحية والاستشفائية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية، فضلًا عن قطاع الطاقة والمياه والاتصالات والأشغال والبيئة والبلديات وغيرها».
ولم يخرج الملف الرئاسي من دائرة الجمود، وأشارت مصادر على صلة بالمبادرات الخارجية لـ»البناء»، الى أننا عدنا الى نقطة الصفر، وكل الجهود باءت بالفشل و»الحركة بلا بركة». ولفتت الى أن لا أجواء ومعلومات دقيقة عن عودة المبعوث الفرنسي فيما الموفد القطري أسمع كل طرف التقاه ما يحب أن يسمعه ويرضيه.
وتشير معلومات «البناء» الى أن «التواصل قائم بين حارة حريك والفرنسيين واللقاءات لم تتوقف، وفي اللقاء الأخير بينهما تم الاتفاق على استمرار التواصل ومنح فرصة لتقييم الوضع القائم ومواكبة المستجدات الداخلية والخارجية وتقديم مقترحات جديدة تساهم في كسر جدار الأزمة الرئاسية الصلب».
ويشعر الفرنسيون وفق المصادر أن محصلة حراكهم الماضي وصل الى طريق مسدود ولم يحقق النتيجة المرجوة منه، لكن لا يعني نهاية الدور الفرنسي وزيارة جان إيف لودريان أواخر الشهر الحالي لكن لم يحدد موعدها.
وإذ جددت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» رفض السير بترشيح فرنجية، أشار مصدر نيابي في حزب «القوات اللبنانية» لـ»البناء» الى أن «الموفد القطري التقى رئيس القوات سمير جعجع مرتين، والمرة الأخيرة أمس الأول حيث جدد عرضه الخيار الثالث واستمزج ما إذا لدى القوات مرشحون معينون، لكن القوات أكدت بأن المشكلة لدى الثنائي المتمسك بدعم مرشحه، ولكن القطري لم يطرح أسماء على جعجع». ولفتت الى أن «القوات مستعدة للنقاش في الاسماء المطروحة».
وعن موقفها من ترشيح قائد الجيش لفتت الى أن «لا فيتو على قائد الجيش لكن عندما يصبح الخيار جدياً يحتاج الى نقاش معمق حول رؤية قائد الجيش الاقتصادية والسياسية وعن المرحلة المقبلة بكاملها».
وفي ما خص الحوار مع التيار الوطني الحر أوضحت أن «التواصل قائم لكن لا نتائج عملية على الصعيد الرئاسي».
أما زيارة وزير الدولة القطري فغير محسومة بانتظار نتيجة جولة الموفد القطري الذي لا يزال في لبنان.
وأفادت مصادر إعلامية بأن «الموفد القطري جاسم آل ثاني التقى مساء الثلاثاء للمرة الثانية رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي حسم أمامه أنه لن يسحب ترشيحه ومستمر في السباق الرئاسي مدعوماً بكتلة صلبة من واحد وخمسين نائباً»، وكشفت المعلومات، أن «الثنائي الشيعي كان واضحاً أمام الموفد القطري بإبداء التعاون مع أي مبادرة خارجية، ولكن لا حزب الله ولا حركة أمل سيطلبان من فرنجية الانسحاب وهما مستمران في دعمه رئاسياً».
ولفتت أوساط «الثنائي» الى أن «الأمر لم يعد يقتصر على رئاسة الجمهورية أو على فرنجية لشخصه، بل بات فرنجية يشكل نقطة تحدٍ مع الأميركيين، ولذلك بات الحزب والثنائي أكثر تمسكاً برئيس المردة وموقفه أكثر تصلباً وتشدداً، في ظل تصعيد الصراع بين الحزب ومحور المقاومة مع المحور الأميركي في المنطقة، وما العدوان الإرهابي الكبير على سورية أمس، إلا دليل على ذلك»، حيث إن «التصعيد الثلاثي الأميركي – الاسرائيلي – الإرهابي في سورية سيترك تداعياته الكبيرة على لبنان، ما يعني أن حزب الله سيتشدد بالتمسك برئيس يحول دون تمرير مشاريع العدوان والتآمر الخارجي على لبنان والمقاومة وسلاحها».
وبرز كلام لافت لقائد الجيش العماد جوزيف عون، خلال افتتاحه في قاعدة جونيه البحرية مبنى مدرسة القوات البحرية بعد تشييده بتمويل من السلطات الألمانية، لافتاً الى أن «أزمة النزوح السوري هي أشد التحديات التي تواجه الجيش حاليًّا، سواء التسلل عبر الحدود البرية أو الهجرة غير الشرعية عبر البحر. لقد ازدادت موجات النزوح في الأشهُر الماضية بشكل لافت، وحذرنا منها مرارًا، وطالبنا الجميع بتحمّل مسؤولياتهم، كلٌّ من موقعه. يتصدى الجيش وحده حاليًّا لهذا التحدي رغم كل التعقيدات الجغرافية واللوجستية والعددية، ويتعرّض يوميًّا لحملات مشبوهة ضده. في هذا الإطار، أحيّي كلَّ ضباطنا وعناصرنا الذين يبذلون قصارى جهودهم للحد من النزوح وتداعياتِه، كما أحيّي عناصر القوات البحرية على جهودهم في ما خص حماية الحدود البحرية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، أمام كلّ الصعوبات والإمكانات المتواضعة». وختم مجدِّدًا «الشكر لألمانيا والدول الصديقة على دعمها للجيش وثقتها به».