الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: “الجبهة الثانية” تسابق دعوات السفارات إلى الترحيل
النهار

النهار: “الجبهة الثانية” تسابق دعوات السفارات إلى الترحيل

كتبت صحيفة “النهار”: ازداد لوحة الغموض التي تغلف الوضع اللبناني برمته في ظل الاخطار المتصاعدة من حرب غزة والتي ادت منذ يومين الى وقوع المذبحة المدنية الافظع في تاريخ المجازر الحربية الإسرائيلية أي مجزرة المستشفى الأهلي – المعمداني سابقا، من جهة، ومضي الوضع الميداني على الحدود الجنوبية اللبنانية مع إسرائيل في وتيرة تصعيد متدرجة من جهة أخرى. واحتدمت بعد ظهر امس ومساء المواجهات بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية على نحو واسع فيما كان لبنان بالكثير من مناطقه شهد وقفات احتجاجية وتظاهرات تنديدا بمجزرة المستشفى الأهلي في غزة، في حين برز مؤشر مثير لمزيد من المخاوف حيال الوضع في لبنان تمثل في انضمام سفارات دول كبرى كالسفارات الأميركية والفرنسية والسعودية الى توجيه دعوات عاجلة الى رعايا هذه الدول الى مغادرة لبنان وعدم التوجه اليه في المرحلة الراهنة.

ولعل هذا المؤشر اظهر ان التوقعات المتصلة بلبنان لا تزال تميل نحو التخوف من اتساع الحرب خصوصا ان عاصفة الغضب التي عمت معظم العواصم العربية حيال المجزرة لم تبق أي مجال لتوقعات متفائلة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة بعدما تنصلت تل ابيب من المجزرة واتهمت بها حركة “الجهاد الإسلامي” وجاراها في ذلك الرئيس الأميركي جو بايدن . ذلك ان التصعيد الذي حصل امس على جبهة الجنوب بدا بمثابة مواكبة ميدانية للاحتقانات الكبيرة التي عمت المنطقة ولم يكن ادل على مستوى التصعيد الميداني من اعتراف الجيش الإسرائيلي مساء بان تسعة صواريخ مضادة للدروع وقذائف اطلقت من لبنان واعترض أربعة منها خلال ساعات .

وبازاء هذا الواقع القاتم لم تسقط الرهانات على تحرك دولي يلجم اتساع الحرب واتساعها. وفي السياق ابلغ مصدر ديبلوماسي اوروبي مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان فرنسا ايدت مشروع القرار الذي قدمته البرازيل في مجلس الامن بالنسبة الىً الصراع الحالي بين اسرائيل والفلسطينيين لانه يجمع تأييد 9 اصوات على الأقل في مجلس الامن وتضمن في مقدمته تأييد جهود الاسرة الدولية من اجل وقف القتال و حماية المدنيين. كما ادان حماس وهذا مهم لفرنسا. وطالب المشروع بتحرير جميع الرهائن دون شروط فورا وضرورة معاملتهم بشكل انساني. وذكر بحل الدولتين الاسرائيلية والفلسطينيةً وتأييد الجهود لايقاف التصعيد في كل المنطقة .

اما المشهد اللبناني فطغى عليه امس “استنفار” الاحتجاجات الواسعة ضد المجزرة في غزة وشارك لبنان الرسمي عبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي شارك في وقفة تضامنية أمام وزارة الصحة. وقال ميقاتي “الوقفة اليوم لها معنيان، الاول هو التضامن مع أهل غزة، والثاني ان القيم الانسانية تنتهك في غزة” وسأل “اين هي الامم المتحدة مما يجري؟ أين مجلس الامن؟ أين شرعة الامم المتحدة؟هذا الامر يجب وضع حد له ،وهذه هي رسالتنا للعالم من باب التمسك بالقيم الانسانية والحفاظ على النظام العالمي الذي تعلمنا ان اساسه العدالة، ولسوء الحظ فهذه العدالة تضرب اليوم في الصميم”.

اما في التحركات الحزبية فنظم “حزب الله” اعتصاما في حارة حريك تحدث خلاله رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين واعتبر “ان الكيان الصهيوني قائم في الأساس على المجازر وقتل الأبرياء من دون رادع، فكيف إذا كان مدعومًا بالأميركي والغربي”. وقال: “نقف هنا لنعلن استنكارنا وغضبنا الشديد لما ارتكبه الصهاينة من مجازر متتالية، وآخرها مجزرة مستشفى المعمداني”، مشيرا الى ان “السبب في إراقة دماء الشعوب هو الولايات المتحدة الأميركية ومعها الغرب”. وقال: “وقاحة الصهاينة أمس ظهرت ، بمحاولة التنصّل بشكل فاضح من المسؤولية وتحميل الفصائل الفلسطينية مسؤولية ما حصل”.

غوغاء في عوكر

وتكررت الدعوة الى تظاهرة امام السفارة الاميركية في عوكر غداة تحركات عنيفة استهدفت محيط السفارة وايضا سفارتي فرنسا ومقر الاسكوا، وتم تعزيز الاجراءات الامنية في محيط عوكر. وبعد الظهر اندلعت مواجهات في محيط السفارة بين المتظاهرين والقوى الأمنية والجيش بعدما حاول المحتجون إجتياز السياج الشائك ورموا الحجارة باتّجاه القوى الأمنيّة التي ردّت بإطلاق القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لإبعاد المحتجين. وكان الجيش أقام سلسلة حواجز في الضبية وعلى المداخل المؤديّة إلى عوكر. واقدم المحتجون مجدداً على اشعال مبنى يضم بعض المحال التجارية قرب السفارة الأميركية، وعمد الدفاع المدني الى اخماد النيران التي قضت على الموجودات. وبدا لافتا الإصرار من افراد مشاركين في التظاهرة على اشعال اعمال الشغب باحراق ممتلكات خاصة الامر الذي اثار شبهة حيال اندساس متعمد ضمن التظاهرة لافتعال الغوغاء . وقد عمد الجيش الى دفع المتظاهرين وتفريقهم ولكنهم تجمعوا في طريق المغادرة عند اوتوستراد الضبية وحاولوا قطع السير على المسربين الامر الذي دفع الجيش الى التدخل مجددا وتفريقهم. وأعلنت السفارة الأميركية في بيان ان المتظاهرين الحقوا اضرارا بالممتلكات الخاصة في الحي المحيط بالسفارة لكن موظفي السفارة ظلوا امنين ولم يلحق بهم أي ضرر. وأثارت الاعتداءات على الممتلكات الخاصة في عوكر استنكارات واسعة وأصدرت قوى مسيحية أساسية ابرزها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب بيانات ادانة لهذه الاعتداءات داعية الى التحقيق فيها والتعويض على المتضررين .

ووسط هذه الأجواء تلاحقت دعوات السفارات الى رعاياها لمغادرة لبنان فحضت السفارة الاميركية مواطنيها “على عدم السفر إلى لبنان”. وقالت: “نوصي المواطنين الأميركيين في لبنان باتخاذ الترتيبات المناسبة لمغادرة البلاد. تظل الخيارات التجارية متاحة حاليًا. نوصي مواطني الولايات المتحدة الذين يختارون عدم المغادرة بإعداد خطط طوارئ لحالات الطوارئ” .

بدورها، نصحت السفارة الفرنسية في لبنان “الذين يرغبون زيارة لبنان بالذهاب إلى هذا البلد إلا لأسباب ملحة” .

كما دعت سفارة المملكة العربية السعودية “جميع المواطنين الى التقيد بقرار منع السفر، ومغادرة الأراضي اللبنانية بشكل فوري لمن هو متواجد في لبنان حالياً، وذلك بعد متابعة تطورات الأحداث الجارية في منطقة جنوب لبنان”

الجبهة الجنوبية

على الصعيد الميداني بدأ التوتر منذ قبل الظهر حيث تعرضت المنطقة الحرجيّة في أطراف بلدة علما الشعب لقصف اسرائيلي في وقت تحدثت إذاعة الجيش الإسرائيلي، عن سماع دوي انفجارات على الحدود مع لبنان. وكانت مجموعة ‌من “حزب الله” قامت صباحا بإستهداف دبابة ميركافا للجيش الاسرائيلي في موقع ‌‏الراهب وبعد الظهر استهدف الحزب موقع جل العلام قبالة علما الشعب، في حين اطلق صاروخ مضاد للدروع من لبنان باتجاه موقع عسكري في مستوطنة منارة. وعصرا، قصفت المدفعية الإسرائيلية اطراف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتلة السماقة وحلتا والخريبة وطاول القصف المزارع في كفرشوبا . ثم اعلن الحزب مهاجمة مواقع جل العلام وثكنة زرعيت وموقع البحري الواقع مقابل رأس ‏الناقورة “بالصواريخ الموجّهة والأسلحة المناسبة”.‏ واحتدم القصف الإسرائيلي مساء وطاول عيترون وبليدا وميس الجبل وكفرشوبا . وليلا اعلن الحزب انه هاجم موقع المالكية “وتمت اصابته بشكل مباشر مما أدى الى إصابة عدد من الجنود وتدمير جزء كبير من تجهيزاته الفنية ” ، كما اعلن مهاجمة مواقع أخرى منها رويسات العلم في تلال كفرشوبا والمطلة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *