كتبت صحيفة “الديار”: لم يستدع تجاوز عدد الشهداء في غزة الـ11 ألفا خلال 37 يوما استنفارا عربيا ودوليا، لممارسة كل الضغوط اللازمة لوقف العدوان الاسرائيلي على القطاع. ظل العالم يشاهد عن بُعد الابادة غير المسبوقة التي يتعرض لها أهل القطاع من دون تحريك ساكن، حتى تحوّل المستشفيات ومراكز الايواء اهدافا مباشرة للعدو الصهيوني، بات يمر مرور الكرام تماما، كما موت الرضع والاطفال والنساء المرضى والمصابين نتيجة نفاد الوقود.
وحدها فصائل واحزاب المقاومة وبخاصة في لبنان، واصلت تصعيدها لاشغال جيش العدو بجبهات اخرى للتخفيف من وطأة هجومه واجرامه في القطاع، حيث دارت اشتباكات ضارية بمحاور عديدة غرب غزة.
وكانت قوات الاحتلال قصفت مستشفى مما أسفر عن استشهاد طبيبين، كما أطلقت مسيّرات النار على مجمع الشفاء الطبي، وخلّفت غارات استهدفت أحياء سكنية بشمال وجنوب القطاع أكثر من 20 شهيدا.
وقالت الأمم المتحدة إن عددا كبيرا من القتلى سقطوا في قصف “إسرائيلي” على مقر لها في القطاع، فيما وجّه مدير الإسعاف والطوارئ في غزة محمد أبو مصبح مناشدة للعالم عبر رسالة قال فيها: إنها قد تكون الأخيرة، قبل الانقطاع عن العالم الخارجي، ونبه الى ان القطاع بات على شفا مجاعة، لافتا الى ان الاستهداف “الإسرائيلي” يمس مقومات الحياة الرئيسية.
تعليق مفاوضات الاسرى
ونتيجة كل ما سبق، اعلن مسؤول فلسطيني في حديث لـ “رويترز” أن “حركة حماس علقت مفاوضات الاسرى بسبب ما تقوم به القوات الإسرائيلية تجاه مستشفى الشفاء”.
من جهته، قال رئيس وزراء حكومة العدو بنيامين نتانياهو إن “إسرائيل عرضت تقديم الوقود لمستشفى الشفاء في غزة، والذي توقف عن العمل في خضم قتال عنيف مع حماس، لكن الحركة رفضت استلامه”.
واوضح نتانياهو ان السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا ينبغي أن تدير قطاع غزة، مؤكدا ان السلطة الفلسطينية فشلت في نزع السلاح في الضفة الغربية، ولم تقم بإدانة حماس حتى الآن وبالتالي لن تدير غزة.
وقالت مصادر مواكبة عن كثب للوضع في غزة، ان “الأداء الاسرائيلي يؤكد وجود قرار بمواصلة الابادة، رغم التكاليف البشرية الكبيرة التي يتكبدها العدو”، معتبرة في حديث لـ “الديار” انه يتصرف كما لو انه لا يكترث لوضع اسراه، وهو احبط اكثر من محاولة ومسعى لتحرير رهائن اجانب، ما اثار غيظ واشنطن واوروبا”. واضافت: “لكن كلما فاقم اجرامه، توسع القتال على جبهة جنوب لبنان بقرار من المقاومة، كما انه سيكون على موعد مع احتدام وزيادة حدة العمليات العسكرية على باقي الجبهات دون استثناء”.
وفي تصريحات تؤكد حجم الاجرام الاسرائيلي، اعتبر وزير الأمن القومي الصهيونى إيتمار ين غفير انه يجب القضاء ليس فقط على قيادات ومقاتلي حركة حماس، بل مؤيديها من المدنيين الفلسطينيين، وحتى من يوزعون الحلوى ابتهاجاً بعمليات الحركة. وفي حديث لقناة 12 “الإسرائيلية”، وصف بن غفير جميع المتعاطفين مع حماس بالـ” إرهابيين”، وقال: “يجب أن يكون واضحا أن الهدف هو القضاء على حماس، وذلك يشمل من يغنون ومن يؤيدون ومن يوزعون الحلوى”. وأضاف: “أدعو الآن إلى احتلال قطاع غزة”.
ورفض الوزير اليميني المتطرف إدخال أي مساعدات إنسانية للقطاع المحاصر، وقال إنه “ما دام أن حماس لا تطلق سراح الأسرى الذين في أيديها، فإن الشيء الوحيد الذي يحتاج إلى دخول غزة هو مئات الأطنان من المتفجرات من سلاح الجو الإسرائيلي، وليس المساعدات الإنسانية”. كما دعا بن غفير إلى المزيد من التسليح للمستوطنين “الإسرائيليين”، قائلاً: “الأسلحة يمكنها أن تنقذ الأرواح، مهمتي الأولى الآن هي توزيع السلاح على المستوطنين”.
حزب الله يكثف عملياته
وردا على المجازر المستمرة في غزة والاستهداف الإجرامي للمستشفيات، كثف حزب الله عملياته باتجاه مراكز وآليات العدو شمالي الاراضي المحتلة، ما ادى الى رفع العدو مستوى تهديداته وقول جيشه ان “هجوم حزب الله بقذائف مضادة للدروع على مدنيين إسرائيليين إرهابي، ويخاطر بلبنان كدولة”.
وفيما اعلنت كتائب القسام- لبنان مسؤوليتها عن قصف شمال حيفا ومستوطنتي “شلومي” و”نهاريا” بعدة رشقات صاروخية مركزة، قالت المقاومة الإسلامية انها استهدفت ثكنة زرعيت “الاسرائيلية” بقذائف المدفعية وحققت إصابات مباشرة. وفي بيانات اخرى افادت عن استهداف تجمعا لأفراد العدو الصهيوني في مثلث الطيحات رويسة العاصي، وتجمعا لمشاته في بركة ريشا، كما قوة لوجستية تابعة لجيش العدو قرب ثكنة دوفيف محققة إصابات مؤكدة.
وبالتزامن، قال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد: “على العدو الاسرائيلي أن يتوقف لا بفعل خطاباتنا بل بفعل دمائنا، وسيتوقف هذا العدو عن عدوانه ويعرف أننا لم نستخدم بعد اوراقنا، وما لدينا يردعه بمجرد أن يعرفه”.
واكد مصدر مطلع على جو حزب الله لـ” الديار ” ان العمليات التي تشن من جنوب لبنان تسير على وقع مجريات الوضع العسكري في غزة، فطالما التصعيد “الاسرائيلي” متواصل، فعلى العدو ان يتوقع اي شيء، وبخاصة ان السيد نصرالله كان واضحا ومنذ البداية بقوله ان “ما يتحكم بجبهتنا أمران: الأول هو مسار تطور الاحداث في غزة، والثاني هو سلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان”. واضاف: “لا شك ان الوضع خطر جنوبا، وهو قد يتدحرج في اي لحظة في حال قرر العدو مواصلة اجرامه وخرق الخطوط الحمراء”.
باسيل يصعّد بوجه قائد الجيش!
محليا، بقي صوت معركة التمديد لقائد الجيش هو الاعلى، خاصة مع تصعيد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، معتبرا ان “كل تمديد في الوظيفة العامة هو ضرب للقانون والدولة، ونحن رفضنا التمديد مرتين لمجلس النواب، كما رفضناه للواء عباس ابراهيم وجان قهوجي والعميد سليلاتي ومع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولذلك نرفضه لقائد الجيش الحالي جوزيف عون، والتمديد غير شرعي ويخالف مبدأ شمولية التشريع، وهو ليس من تشريع الضرورة لان هناك حلول متوافرة، وهو يضرب هيكلية المؤسسة، ويظلم الضباط بحقوقهم”.
واعتبر أن الحديث عن ان “الجيش سينقسم اذا لم يحصل التمديد كذبة”، وقال: “لا يوجد شيء اسمه فراغ في المؤسسات الامنية، والحلول القانونية متوافرة ومنها ان يتولى الضابط الاعلى رتبة، وهو مسيحي للذين استفاقوا على حقوق المسيحيين، وهكذا حصل في الامن العام وقيادة الدرك، وثاني حل هو التكليف بالتوافق على الاسم، والثالث هو تعيين القائد مع المجلس العسكري بمراسيم جوالة”.
وشدد على ان “التمديد المطروح بتأجيل التسريح هو مخالف للقانون، وخاصة اذا حصل في مجلس الوزراء، لان هذا من ضمن صلاحيات الوزير، ومن تذكر اليوم صلاحيات الرئيس اين سكوتكم من مئات المراسيم الموقعة فقط من رئيس الحكومة ومن دون كل الوزراء، وسكوتكم على عشرات جلسات تصريف الاعمال وبجداول اعمال من عشرات البنود، التي لا يوجد فيها بنود طارئة”؟
وشدد باسيل على ان “الحريص على الجيش لا يمدد لقائد جيش يعمل في السياسة ويخالف باعترافه قانون الدفاع الوطني ويعتدي قانونيا وأخلاقيا على وزيره، وينفذ عشرات الصفقات بالتراضي وفيها روائح الفساد. ومثلما شهدنا الحرص على رياض سلامة وكان اكبر فاسد، وغدا سوف تتذكرون حقيقة ما حصل في الجيش، والموضوع ليس شخصيا بل سياسي، ولذلك جاء امر عمليات كي يغير الجميع موقفهم، ومنه كتلة “القوات” التي غيرت فجأة موقفها من التشريع في غياب رئيس الجمهورية، ونحن لسنا غنما وقرارنا حر”.
وقالت مصادر معنية بالملف ان تصعيد باسيل متوقع وهو سيزداد وترتفعه وتيرته، خاصة انه متروك وحيدا بخوض هذه المعركة، لافتة في حديث لـ “الديار” الى انه “لم يُبلّغ بأي شيء رسمي من حزب الله بخصوص كيفية مقاربته هذا الملف، وان كانت قد وصلته بعض الاشارات التي تخدم الموقف الباسيلي”. واضافت: “لكن رئيس التيار يخشى من ان يكون تراجع رئيس “المردة” سليمان فرنجية عن موقفه الحاد الرافض للتمديد، واظهاره مؤخرا نوعا من الليونة كانعكاس لموقف حزب الله”.