كتبت صحيفة “النهار”: كادت الجلسة التشريعية التي سيعقدها مجلس النواب الخميس المقبل تشكل الفرصة الأخيرة الحاسمة لتجنيب قيادة الجيش والمؤسسة العسكرية كأس الفراغ القيادي بتداعياته الخطرة. ولكن الذي حصل ليلة امس اظهر ان ثمة انقلابا يعد على التمديد ويضع مجمل الملف امام احتمال حتمي للفراغ العسكري. ذلك ان الاتجاه الذي كان غالبا لدى أكثرية نيابية الى تبني التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لمدة سنة إضافية، وضع امام اختبار نهائي، لأنه من غير الوارد ان يكون ثمة جلسة تشريعية أخرى قبل العاشر من كانون الثاني المقبل، موعد إحالة العماد عون على التقاعد. وبعد إعداد جدول اعمال الجلسة والدعوة اليها تكشفت معطيات لمصادر نيابية وسياسية معارضة تكشف ان هناك تواطؤا حصل لاعادة سحب الحكومة ملف التمديد بحيث تعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الجمعة قبل وصول مجلس النواب في جلسته بعد الظهر الى طرح بند التمديد لقائد الجيش، ويقر مجلس الوزراء تأجيل التسريح ستة اشهر لقائد الجيش فيما اعد “التيار الوطني الحر” مراجعة الطعن فيه فورا. واذا لم تمر صيغة تأجيل التسريح، فان ثمة معطيات لم تستبعد الإقدام على تعيين قائد للجيش شرط حضور وزراء “التيار” باعتبار ان مرشح التيار لقيادة الجيش، في حال اعتماد خيار التعيين، هو مدير المخابرات الذي زار السعودية وقطر أخيرا. تبعا لذلك كان ادراج مشروع قانون التمديد لقائد الجيش ضمن جدول اعمال الجلسة التشريعية شكل المؤشر الحاسم الى اعتماد “تمديد الضرورة” او “التشريع الاضطراري” لهذا المأزق الذي في حال عرقلته فان ازمة خطيرة ستقف خلف الاستحقاق العسكري الذي تختلف ظروفه وخصائصه اختلافا كبيرا عن الاستحقاقات السابقة خصوصا مع تعاظم الاخطار الحربية الماثلة عبر المواجهات الميدانية والاشتباكات “والمشاغلات” وعمليات القصف الجارية عبر الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل .
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا الى جلسة تشريعية لدرس المشاريع واقتراحات القوانين المنجزة من اللجان في الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس المقبل علما ان المشاريع واقتراحات القوانين المنجزة في اللجان النيابية عددها 16. ومن غير المتوقع ان ينجز المجلس درس وإقرار جدول الأعمال في يوم واحد ولذا ستمدّد الجلسة الى ما بعد ظهر الجمعة.
وأوضح نائب رئيس مجلس النواب الياس أبو صعب بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس في عين التينة ان “المجلس النيابي ليس في وارد إستدراج احد الى الجلسات التشريعية فهي عندما تكون لها حاجه من اجل إيجاد حل لأمور المواطنين على كل المستويات يجب ان تكون هي الأولوية، ولا يجب ان يكون احد محرجا على الاطلاق. أما في موضوع الإحراج بسبب التمديد فليس هناك إحراج لاحد. هناك جدول أعمال منجز في اللجان، في الجلسة المتفق عليه يقر، وما لا يتم التوافق عليه لا يقر”. وحول القوانين القوانين المعجلة المتصلة بالتمديد لقائد الجيش اعلن بو صعب “نحن لا زلنا نقول قد يكون هناك حل في الحكومة واذا لم يحصل ذلك واضطررنا لمناقشة حل في الحكومة او في المجلس يجب ان نأخذ في الإعتبار الطعون التي يمكن ان تحدث سواء بقرار من الحكومة او بقانون من المجلس النيابي. الحل لا زال متاحاً امام الحكومة لانجاز شيء قانوني والجهد لا زال قائماً للوصول لأفضل حل، والرئيس بري يستطيع ان يحدد الأولويات في مواضيع القوانين المعجلة المكرره على جدول اعمال جلسة التشريعية”.
الوضع الحدودي
في غضون ذلك عم الاضراب الشامل لبنان وشل القطاع العام والادارات الرسمية والمدارس والجامعات والمصارف كما الحركة في معظم المناطق اللبنانية تضامنا مع اهل غزة والجنوب اللبناني. ولكن الوضع الميداني في الجنوب ظل على وتيرة عالية من الحماوة ولو انحسرت المواجهات نسبيا امس قياسا بالأيام السابقة فيما تواصلت التهديدات الإسرائيلية للبنان و”حزب الله” مناقضة معطيات وتقارير تتحدث عن اتجاهات نحو تسوية للجبهة الجنوبية .
وفي هذا السياق أعلن الوزير الإسرائيلي بيني غانتس، أن “إسرائيل تريد تغيير الواقع الحالي على الحدود مع لبنان”. وشدد غانتس في حديث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على أنه “يجب الضغط على حكومة لبنان لوقف هجمات حزب الله بدعم إيران وإبعاده عن الحدود”.
وفي غضون ذلك نقلت قناتا “العربية” و”الحدث” عن مصادرهما أن إسرائيل أبلغت الوسطاء الدوليين شروطها بشأن الوضع في لبنان، مضيفة أنه قد يتم التوصل لاتفاق وشيك في هذا السياق. وبحسب القناتين فان “إسرائيل وافقت على أن يبقى لـ”حزب الله” بعض مواقع الرصد المشتركة مع الجيش اللبناني ومع قوات فرنسية في جنوب لبنان، وتحديداً جنوب نهر الليطاني. وشددت إسرائيل على ضرورة أن ينتشر الجيش اللبناني على الحدود مع لبنان “بكل النقاط”، وأن تتواجد معه قوات فرنسية وذلك ضمن إطار “قوات دولية”. وشددت إسرائيل على ضرورة أن يكون السلاح محصوراً بيد الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني. وبحسب ما تبلغه الوسطاء الدوليين، هناك ضمانة أميركية بألا تقوم إسرائيل بأي عملية أو اعتداء على جنوب لبنان، كما تم اقتراح انتشار قوات أميركية على الجانب الإسرائيلي من الحدود”.
اما على الصعيد الميداني فتتجه الأوضاع تباعا الى مزيد من التصعيد اذ سجل اعتداء إسرائيلي جديد امس على المدنيين ذهب ضحيته مختار بلدة الطيبة الجنوبية حسين منصور جراء سقوط قذيفة على شرفة منزله أصابته ولم تنفجر ونجت مجموعة من اقربائه. وفي المقابل اعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض 8 صواريخ أطلقت من لبنان نحو منطقة الجليل الغربي، فيما سقط صاروخَان في منطقة غير مأهولة. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن توسيع “حزب الله” مدى عمق قصفه على الجليل. واستهدف القصف الإسرائيلي اطراف بلدتي الناقورة وعلما الشعب وجبل اللبونة في القطاع الغربي واطراف جبل الريحان في منطقة جزين وسهل مرجعيون وأطراف كفركلا ودير ميماس.
في المقابل، اطلق “حزب الله” صواريخ من محلة الخريبة، في اتجاه موقعي الرمثا والسماقة في مزارع شبعا ورد الجيش الاسرائيلي على مصادر النيران في الخريبة وطاول القصف اطراف بلدتي الهبارية والفرديس. كما اعلن “حزب الله” انه استهدف تجمعاً لجنود إسرائيليين في محيط موقع السّماقة في مزارع شبعا ، وموقع حدب البستان وموقع الراهب بصواريخ بركان وثكنة برانيت وموقع البغدادي وتجمعا للجنود الإسرائيليين وآلياته في محيطه وتجمعا للمشاة في حرج شتولا .