كتبت صحيفة “الديار”: يفترض ان يكون يوم الخميس المقبل في مجلس النواب، الاختبار الاول العملي لحرب «الزواريب» اللبنانية، المتصلة بالتمديد لقائد الجيش جوزاف عون، ربطا بمعارك شخصية وبالاستحقاق الرئاسي المؤجل الى اجل غير مسمى. وبانتظار مآل هذا الاستحقاق سواء في الجلسة التشريعية او بمناورة جديدة في الحكومة، تضامن لبنان بالامس مع فلسطين باضراب نوعي شمل قطاعات واسعة من المؤسسات العامة والخاصة، فيما واصل حزب الله اشعال جبهة المساندة بعمليات نوعية موجعة للاحتلال على طول الجبهة الجنوبية.
في هذا الوقت رفع جيش الاحتلال وتيرة اعتداءاته على نحو متدحرج ومتصاعد، تزامنا مع رفع منسوب التهديدات على لسان مسؤوليه، الذين عادوا الى «نغمة» تدمير بيروت على شاكلة ما يحصل في غزة، فيما عادت الى الواجهة التسريبات حول شروط «اسرائيلية» تم ابلاغها لوسطاء، لترتيبات على الحدود مع لبنان تضمن الامن للحدود الشمالية، والا فانها ستفرض بالقوة من خلال عملية عسكرية «مدمرة»!
وقد انقسمت الآراء في تقييم هذا الارتفاع في منسوب التصعيد السياسي والميداني، الذي شمل التعرض لمواقع الجيش وقوات «اليونيفيل. ففي «اسرائيل» اقرار بان «مفاتيح» التصعيد من عدمه بيد الرئيس الاميركي جو بايدن، الذي يتحكم بالموارد التسليحية لجيش العدو الاسرائيلي، وهو الآن لا يريد مواجهة شاملة، بينما دعت مصادر ديبلوماسية الى اخذ الامور على محمل الجد، لان حكومة الحرب قد تكون بحاجة الى توسيع رقعة الحرب بعد الفشل في تحقيق «صورة انتصار» في غزة.
اما براي مصادر لبنانية بارزة، فان التصعيد جزء من الضغوط، بسبب بدء العد العكسي للهامش الاميركي المتاح لحرب غزة، وهو امر يدفع «الاسرائيليين» لمحاولة الحصول على تفاهمات على الحدود اللبنانية، لن يحصلوا عليها بالشروط التي تلبي مصالحهم، لان المقاومة لن تفتح باب النقاش الجدي في هذا الملف، الا بعد توقف اطلاق النار في غزة.
ارباك «اسرائيلي» وتناقض اميركي!
وفي خضم «الرسائل» الاميركية المتناقضة، والارباك الجدي في «اسرائيل» حيال كيفية التعامل مع الجبهة الشمالية، حاول «البنتاغون» رفع منسوب الضغط على «اعداء اسرائيل» بمن فيهم حزب الله، من خلال الاعلان ان واشنطن زودت «إسرائيل» بذخائر موجهة بدقة، وقذائف من عيار 155 و صواريخ اعتراضية للقبة الحديدية، في محاولة «للجم» اي محاولة لتوسيع تدخلهم في الحرب الدائرة في غزة.
في المقابل، أعلنت «هيئة البث الإسرائيلية»، بأن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان سيصل «إسرائيل» ما بين الخميس والجمعة المقبلين، في زيارة هي الأولى منذ اندلاع الحرب. ووفقا لمصادر ديبلوماسية، فان احد المهام الجوهرية لمباحثاته «ضبط» ايقاع المواجهات على الجبهة الشمالية مع لبنان، وكبح جماح الجناح المتطرف في حكومة الحرب «الاسرائيلية». وآخر التصريحات المقلقة لواشنطن بالامس، كانت لوزير المالية «الإسرائيلي» بتسلئيل سموتريتش، الذي قال: «ان حزب الله يفهم جيدا أنه إذا تجرأ فسيكون التالي، وسنسوي بيروت ولبنان بالأرض». من جهته، أعلن الوزير «الإسرائيلي» في حكومة الطوارئ بيني غانتس، أن «إسرائيل» تريد تغيير الواقع الحالي على الحدود مع لبنان. وشدد غانتس في حديث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على أنه يجب الضغط على حكومة لبنان لوقف هجمات حزب الله بدعم إيران وإبعاده عن الحدود.
«تسريبات» عن الشروط «الاسرائيلية»
وفي سياق التسريبات «المشبوهة»، نقلت قناتي «العربية» و»الحدث» امس عن مصادر لم تسمها، أن «إسرائيل» أبلغت الوسطاء الدوليين شروطها بشأن الوضع في لبنان، «وزعمت» أنه قد يتم التوصل لاتفاق وشيك في هذا السياق. وبحسب تلك المصادر، وافقت «إسرائيل» على أن يبقى لحزب الله بعض مواقع الرصد المشتركة مع الجيش اللبناني ومع قوات فرنسية في جنوب لبنان، وتحديداً جنوب نهر الليطاني.
وشددت «إسرائيل» بحسب الوسطاء على ضرورة أن ينتشر الجيش اللبناني على الحدود مع لبنان «بكل النقاط»، وأن تتواجد معه قوات فرنسية وذلك ضمن إطار «قوات دولية». كما شددت «إسرائيل» على ضرورة أن يكون السلاح محصوراً بيد الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني. وبحسب ما تبلغه الوسطاء الدوليين، هناك «ضمانة أميركية» بألا تقوم «إسرائيل» بأي عملية أو اعتداء على جنوب لبنان، كما تم اقتراح انتشار قوات أميركية على الجانب «الإسرائيلي» من الحدود.
لا تفاوض «تحت النار»
في المقابل، لفتت مصادر مطلعة الى ان هذه التسريبات «جس نبض» للجانب اللبناني للحصول منه على موافقة مبدئية على تعديل القرار 1701، والذهاب الى ترتيبات حدودية يحتاجها كيان العدو، لطمأنة سكان الشمال لضمان عودتهم الى المستوطنات بعد توقف الحرب، وهو يوحي لهم انه يحاول «بالنار» والديبلوماسية تغيير الوقائع على الارض لضمان امنهم. لكن فعليا، لبنان لا يريد خوض اي نقاش للتعديل قد ينسف الـ1701 ويعيد النقاش الى «نقطة الصفر»، وهو امر خطير للغاية، لا يحقق اي مصلحة لبنانية.
وتؤكد المصادر ان لا شيء جدي عمليا، لان حزب الله ما يزال على موقفه الثابت من عدم فتح النقاش حول اليوم التالي قبل توقف الحرب، وكل المحاولات الراهنة لتحييد الجبهة الجنوبية، التي تشكل مشكلة حقيقية «لاسرائيل» غير وارد، اما رفع مستوى التصعيد «اسرائيليا» فسيواجه تصعيدا نوعيا وكميا، ولن يمر دون اثمان موجعة بات يلمسها «الجيش الاسرائيلي».
لا تسوية ديبلوماسية؟
وبحسب وسائل الاعلام «الاسرائيلية»، فان السؤال المطروح في «اسرائيل» ولا اجوبة عليه حتى الان: هل ان تقدم العملية في القطاع سيزيد من نشاط حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، بهدف تهديد «الجيش الإسرائيلي»؟ فوفقا لرئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي، فإن الوضع على الحدود الشمالية سيتغير. وإذا لم يوافق حزب الله على سحب قوة الرضوان إلى شمال نهر الليطاني نتيجة عملية ديبلوماسية، ستضطر «إسرائيل» إلى اتباع وسائل أخرى لإملاء الوضع الجديد.
ولهذا ترسل «اسرائيل» تهديدات صريحة لحزب الله، في محاولة لحث المجتمع الدولي على القيام بعملية تسوية سريعة. ولكن جيش العدو الإسرائيلي يعرف، كما يعرف هنغبي، بأن احتمالية ذلك ضعيفة جدا. لذلك، يجب الأخذ في الحسبان احتمالية أن تقوم «إسرائيل» بعملية عسكرية لتغيير الوضع، أو حتى أن يقوم حزب الله بتوجيه ضربة استباقية ضد «إسرائيل». وفي الخلاصة حتى لو تحقق تقدم في غزة، فهذا لا يحل التعقيد في الشمال.
«لعبة» الوقت
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «اسرائيل اليوم» عن مصادر رفيعة تأكيدها ان لا حل واضحا حتى الآن لما اسمته معضلة الشمال، ولفتت الى ان المشكلة الأساس «لإسرائيل» تلوح في الساحة السياسية؛ وعلى «اسرائيل» الاستعداد لإمكانية أن تكون المرحلة الحالية في حرب غزة أقصر مما كان مخططاً لها، ولا تتضمن الآن عملية في رفح أو في المخيمات الوسطى. معنى الأمر أن حماس لن تهزم تماماً، وعلى افتراض أنه لن يتحرر كل المخطوفين حتى ذلك الحين، فبانتظار «إسرائيل» انتقاد داخلي حاد على عدم تحقيقها أهداف الحرب المعلنة. وستكون الحكومة مطالبة بالمناورة في هذا التوتر في الأسابيع القريبة القادمة، بينما لا يلوح في الخلفية حل للتوتر في الشمال مع حزب الله.
بايدن «ومفاتيح» الحرب
من جهتها، وفي مقاربة واضحة تشير الى ان قرار توسيع الحرب من عدمه يبقى بيد الادارة الاميركية، اشارت صحيفة «هآرتس الاسرائيلية» الى ان أداة الضغط الأكبر لدى بايدن على نتنياهو ليست الاستمرار في استخدام حق الفيتو لصالح «اسرائيل» في مجلس الامن، بل تحكمه في إدارة مخازن التسليح، فمنذ بداية الحرب و»إسرائيل» تحصل على كميات كبيرة من السلاح والذخيرة من أميركا، وعلى «الجيش الإسرائيلي» الحفاظ على عيون مفتوحة نحو الشمال، إذا جررنا إلى حرب ضد حزب الله، فثم حاجة لكميات كبيرة من السلاح المتطور، وبايدن هو الذي يمسك بالمفتاح.
لا مصلحة اميركية بحرب شاملة
وفي هذا السياق، تشير المعطيات الى ان انفجار المنطقة من «بوابة» الجنوب اللبناني لا تخدم ابدا اجندة الرئيس الاميركي جو بايدن، فهو اصلا يضغط لإنهاء الحرب في غز، ربطا بجدول زمني للانتخابات التمهيدية في انتخابات الرئاسة، التي ستبدأ نهاية كانون الثاني 2024. فهناك معسكران في الحزب الديموقراطي: «التقدميون»، وأميركيون مسلمون يقولون إنهم لن يصوتوا له إذا واصل دعم «إسرائيل». وحتى الآن، فان نتائج بايدن في استطلاعات الانتخابات أمام ترامب ليست جيدة، سواء في المستوى القطري او في الولايات التي تحسم الانتخابات. أسباب ذلك مرتبطة بعمره الكبير وبسياسته الاقتصادية، وليس بتأييده «لإسرائيل».
لكن استطلاع رأي عام في الأيام الأخيرة نشره معهد «بيو»، يبين أنه وإن كان نحو ثلثي الجمهور يعتقد أن حماس مسؤولة عن الحرب، فإن 44 في المئة من الديموقراطيين مقابل 35 في المئة يرفضون موقفه من الحرب، و45 في المئة مقابل 26 في المئة يعتقدون أن «إسرائيل» بالغت في الحرب.
ارقام الاستطلاعات مقلقة
هذه النتائج تقلق مديري حملته. فهم يريدون أن يصل إلى الانتخابات التمهيدية بعد إنهاء ناجح للحرب من خلال «تحييد» حماس، لتخفيف حدة النقد عليه داخل حزبه، ولا يرغب ابدا بحرب اقليمية تتورط بها القوات الاميركية في المنطقة لاشهر وربما سنوات، ولهذا فهو الآن دخل في سباق مع الوقت، ويريد «لاسرائيل» ان تحقق «صورة» انتصار، لانزالها عن «الشجرة» سريعا، قبل الدخول في نفق لا خروج منه قريبا، ويكون ثمنه خسارة محققة للانتخابات الرئاسية..
وتجمّع العشرات من المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين بعد ظهر ومساء الجمعة في لوس انجلوس، بالقرب من مكان جمع التبرعات الذي بدأه بايدن في الولاية، منددين بالتمويل الأميركي للغارات «الإسرائيلية» الهمجية على غزة، وحمل أحدهم لافتة كتب عليها «لا أصوات لقاتل الأطفال».
«الرسائل النارية»
وبعد ساعات على تصريحات وزير الحرب يوآف غالانت، الذي اكد «سنؤمن الشمال إن لم يكن بالقنوات الديبلوماسية، فبالأداة العسكرية، ارتفع منسوب تبادل الرسائل «النارية» ميدانيا، فبعد الغارات «الاسرائيلية» العنيفة على مناطق سكنية «خالية» في بلدتي عيتا الشعب وعيترون، ، وكذلك استهداف ثكنات الجيش اللبناني ومراكز «اليونيفيل»، التي تعرضت لقذائف «اسرائيلية» في الايام الماضية، اطلقت المقاومة بالامس صواريخ على تلشيحا، وهي تبعد نحو 10 كلم عن الحدود اللبنانية. في المقابل استهدف قصف العدو الاسرائيلي منطقة جبل الريحان التي تبعد نحو 16 كلم عن الحدود.
ومساء استهدف حزب الله بعملية نوعية في مستعمرة المطلة، واعلن استهداف «قوة إسرائيلية» متمركزة داخل منزل في بالأسلحة الصاروخية، وتمّ إصابتها إصابة مباشرة وسقط عديدها بين قتيل وجريح.
ووفقا للمعلومات، فان هذا التصعيد يتزامن مع الضغوط الديبلوماسية، وخصوصا «الرسائل» الفرنسية العالية السقف التي لا يتبناها الاميركيون حتى الآن، لفرض تعديلات على الـقرار ١٧٠١ على الارض، وهو ما ستبحثه خلال ايام وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مع المسؤولين «الاسرائيليين».
الاوضاع الامنية
ميدانيا، ومنذ ساعات الصباح الأولى، دوّت صفارات الإنذار في منطقتَي الجليل الغربي والأعلى، بعد استهدافها بصواريخ المقاومة. وقصف جيش الاحتلال اطراف بلدتي الناقورة وعلما الشعب وجبل اللبونة في القطاع الغربي. واغار الطيران الحربي «الاسرائيلي» على اطراف جبل الريحان في منطقة جزين. واستهدف قصف مدفعي «إسرائيلي» وسط كفرحمام وإصيب منزل بأضرار مادية.
واستهدف جيش العدو الإسرائيلي سهل مرجعيون وتلة العويضة وأطراف بلدتي كفركلا ودير ميماس. واطلقت دبابة «اسرائيلية» عددا من القذائف باتجاه المياه الاقليمية اللبنانية مقابل رأس الناقورة، بالتزامن مع اطلاق النار من رشاشات متوسطة على المنطقة البحرية نفسها. وتجدد القصف «الإسرائيلي» لاطراف بلدات كفركلا ودير ميماس ويارون بعد ظهر امس، بالتزامن مع إلقاء قنابل فوسفورية بين بلدتيّ الضهيرة ويارين. كما سجل انفجار 5 صواريخ اعتراضية اطلقها جيش العدو في أجواء حولا وميس الجبل وعيترون.
في المقابل، نفذ حزب الله 10 عمليات على مواقع الاحتلال. واستشهد بالامس مختار بلدة الطيبة الجنوبية حسين منصور جراء قذيفة معادية استهدفت أطراف البلدة…
جلسة التمديد غير محسومة؟
داخليا، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تشريعية لدرس المشاريع واقتراحات القوانين المنجزة من اللجان، في الحادية عشرة قبل ظهر الخميس المقبل. لكن جدول اعمال الجلسة التشريعية لم ينته اعداده بعد، وقد تضاف اليه اقتراحات قوانين في جلسة اللجان المشتركة المقررة اليوم.
المعركة رئاسية
ووفقا لمصادر مطلعة، فان المواجهة الحالية رئاسية ولا ترتبط بقيادة الجيش، وتحديد موعد الجلسة لا يعني حكما التمديد لعون، فالجلسة ستدرج القوانين العادية اولا، وستؤجل القوانين المستعجلة الى جلسة اخرى قد تعقد في اليوم نفسه او اليوم التالي، وقد يعود ملف التمديد الى الحكومة.
وفي هذا السياق، تشير اوساط في المعارضة الى ان المشكلة لدى الفريق الداعم لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية تبقى في لعبة الارقام، فاذا ارتفعت اصوات عون سيقاس عليها رئاسيا، ولهذا تريد اعادة الملف الى الحكومة.
في المقابل، تلفت اوساط نيابية الى ان الامر مبالغ فيه، ومجرد ان يتم التمديد لقائد الجيش باقتراح قانون معجل، قدمته «القوات اللبنانية» بدعم من السفارات الغربية، فان هذا الامر يخرج قائد الجيش من السباق الرئاسي باعتباره مرشحا غير محايد، ولن يكون بعد اليوم مرشح «تسوية». ووفقا للمعلومات، فان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قد يتلقف مجددا «كرة النار»، ويعقد جلسة حكومية لبت ملف تأجيل التسريح، إذا نضجت التسوية قبل بتها في مجلس النواب.