كتبت صحيفة “الأخبار”: التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون في مجلس النواب، الجمعة الماضي، لا يعني أن معركة المؤسسة العسكرية انتهت. وإذا كان الخارج قد «اكتفى» بربح هذه الجولة، بعدما جنّد لها كل حلفائه، فإن جولة أخرى ستبدأ هذا الأسبوع بعنوان التعيينات العسكرية، كانت قد لاحت بوادرها في الأيام الماضية في طيّات «معركة التمديد». ولم تتخطّ بيروت بعد مشهد تفخيخ جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة الجمعة الماضي لبتّ تأجيل تسريح قائد الجيش، وإقرار مجلس النواب، في اليوم نفسه، قانون رفع سنّ التقاعد لرؤساء الأجهزة الأمنية برتبة لواء وعماد، بعد تخريجة تولّى العسكريون المتقاعدون تظهيرها بقطع الطرق الى السرايا الحكومية، ما أعاق وصول عدد من الوزراء وحال دون اكتمال النصاب. وفيما صار معروفاً أن تمرير التمديد لعون جرى بضغط خارجي مارسته دول اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني (أميركا، فرنسا، السعودية، قطر ومصر) على القوى السياسية والنواب، فإن ما لم يتمّ التطرق إليه بعد هو الدور «المشبوه» الذي قام به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على خطّين:
علناً، بتأكيده أمام القوى السياسية أنه سيأخذ التمديد بصدره، رغم «النصائح» التي سمعها بعدم جواز تخطّي وزير الدفاع، وبأن مثل هذا القرار سيسقط بضربة قاضية من مجلس شورى الدولة، إذ أوحى رئيس الحكومة الى المعنيين بأنه أمّن التغطية القانونية للأمر بدراسة أعدّها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، و«رتّب» الأمر مع أعضاء في مجلس الشورى، وأوحى للجميع، في الداخل والخارج، بأن حكومته ستقرّ تأجيل التسريح قبل أن يتنصّل من وعوده، كالعادة، في ربع الساعة الأخير.
وسرّاً، عبر ترتيب رئيس الحكومة خطة مع قائد الجيش لتطيير الجلسة، تولّى العسكريون المتقاعدون تنفيذها عبر تظاهرة حالت دون وصول الوزراء الى السرايا. وتقاطعت هذه الخطة مع تطورات داخلية تمثّلت في مواقف بعض القوى التي وجدت في الأمر فرصة للهروب من التمديد في الحكومة وتجيير المهمة الى مجلس النواب لضمان سريان قرار التمديد وتأمين دستوريته، وهو حصل بعد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الهيئة العامة ستقوم بواجبها إذا تلكأ مجلس الوزراء عن القيام بالخطوة».
هذه الأجواء دفعت بالنائب السابق وليد جنبلاط إلى التواصل مع كلّ من حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، مطالباً بتنفيذ ما اتُّفق عليه مع ميقاتي لجهة تعيين رئيس للأركان، ما يفتح الباب أمام معركة التعيينات في المجلس العسكري، وهو بدأ الحديث عنه في الكواليس السياسية، وأعاد الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً، إذ إن جنبلاط يضغط لإجراء التعيينات في المجلس العسكري، ولا سيما تعيين العميد حسان عودة في رئاسة الأركان، ما فتح الباب أمام مشاورات جديدة، بحجة أن «التمديد لقائد الجيش لا يعني ترك هذا الموقع شاغراً، لأن دور رئيس الأركان يتجاوز مهمة النيابة عن قائد الجيش، ويرتبط بمنظومة القيادة والإشراف على هيئة عمل الأركان»، علماً أن قائد الجيش نفسه يحبّذ إجراء التعيين. وأشارت المصادر إلى أن «الأنظار ستتجه في الأيام المقبلة الى الاتصالات مع باسيل الذي يرفض أن تقوم هذه الحكومة بأيّ تعيينات، ومن المرجح أن يكون أكثر تصلّباً بعد التمديد لقائد الجيش، والذي اعتبره مؤامرة شارك فيها الجميع ضد التيار الوطني الحر».
مع العلم أن معضلة التعيينات في المجلس العسكري، كمعضلة التمديد للقائد، لا يُمكن أن تحصل في الحكومة بمعزل عن وزير الدفاع موريس سليم، وإلا ستكون عرضة أيضاً للطعن. وعليه، بدأ ميقاتي يسمع من بعض القوى السياسية نصائح بضرورة التوصل الى آلية للتوافق مع وزير الدفاع لبتّ هذا الملف.