كتبت صحيفة “البناء”: طغت العملية التي نفذتها المقاومة العراقية ضد القوات الأميركية وتداعياتها، على ما عداها من أحداث كبرى على جبهات القتال في غزة وحدود لبنان والبحر الأحمر، فقد أعلنت القيادة الأميركية الوسطى عن تعرّض قواتها في شرق الأردن على الحدود مع سورية لغارة من طائرة مسيّرة انتحارية أدّى انفجارها إلى مقتل 3 جنود أميركيين وجرح 34 آخرين، ولاحقاً أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق مسؤوليتها عن العملية، ووضعها في إطار ما سبق وتعهدت به لجهة مواصلة عملياتها ضد القوات الأميركية رداً على مشاركتها في العدوان على غزة، ولحين توقف هذا العدوان من جهة، وطلباً لانسحاب القوات الاميركية من العراق من جهة أخرى. واعتبرت المقاومة العراقية أن كل القوات والمصالح الأميركية في المنطقة هي أهداف مشروعة لعملياتها حتى تحقيق هذين الهدفين المعلنين.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير دفاعه لويد أوستن، أن واشنطن سوف ترد على العملية وأنها سوف تنتقم لدماء جنودها، واتهم بايدن جماعات مدعومة من إيران بالوقوف وراء العملية، بينما قال البنتاغون إنه يستكمل تحقيقاته لمعرفة هوية منفذي العملية.
المنطقة أمضت ليلتها في حال توتر مع الخشية من أن تنجح حكومة بنيامين نتنياهو بتوريط الأميركيين بالمزيد من الانخراط في الحرب الفاشلة التي يخوضها جيش الاحتلال، فيأتي الرد الأميركي على العملية باستهداف مواقع إيرانية، كما قالت بعض التحليلات الأميركية العسكرية. وقالت مصادر متابعة لأوضاع المنطقة وطبيعة عمل محور المقاومة، إن الرد الأميركي هو الذي سوف يقرّر اتجاه المواجهة، واللجوء الأميركي للتصعيد يعني عدم وجود نية للانسحاب من العراق وسورية، ويعني أن الكلام المعاكس كان لذر الرماد في العيون والخداع، والتفكير بتوجيه ضربة لإيران هو علامة تصعيد كبير قد يجرّ المنطقة الى حرب إقليمية يسعى إليها بنيامين نتنياهو، لدمج حربه الفاشلة بحرب أميركية تضيع فيها هزيمته وتصغر.
عادت اللجنة الخماسية لتشغيل محركاتها الرئاسية من جديد، من خلال حراك سفرائها في بيروت الذين قرروا بعد اجتماعهم في اليرزة الانطلاق في جولة سياسية لبنانية تبدأ برئيس المجلس النيابي نبيه بري الثلاثاء أو الأربعاء ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتشمل كل الأفرقاء السياسيين الأساسيين المعنيين بالاستحقاق الرئاسي. وتقول أوساط سياسية مطلعة على أجواء النشاط الديبلوماسي الخماسي أن ما يقوم به السفراء يصبّ في إطار حراك ممثلي دولهم تجاه إحداث تقدم ما في سياق المواقف المحلية اللبنانية والنجاح في إيجاد نقاط مشتركة بين المكونات السياسية، خاصة أن هناك اقتناعاً عربياً وغربياً بضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي الذي يستدعي أولاً التركيز على ما يجمع بعيداً من طموحات الأسماء التي يمكن القول إنها أفشلت المبادرة الفرنسية التي أدرك واضعوها أن النجاح لم يُكتب لها لأنها رفضت من القوى المسيحية الأساسية على وجه الخصوص. وتعتبر الأوساط أن حراك الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين تراجع خطوة إلى الوراء ومرد ذلك أن الوقت لم يحن بعد للوصول لتسوية شاملة من الجنوب إلى الرئاسة وأن كل ذلك سيبقى مؤجلاً إلى حين وقف إطلاق النار في غزة، كما تبلغ من المعنيين اللبنانيين. وتقول الاوساط إن ما يهم دول الخماسية هو إنهاء الفراغ في قصر بعبدا وإعادة الانتظام إلى المؤسسات وتفعيل عمل السلطات.
وتقول مصادر سياسية إن المساعي التي تقوم بها دول الخليج من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو من أجل حماية لبنان وتعزيز الاستقرار فيه وتحصين جبهته خوفاً من أي تطور أمني غير متوقع.
وأشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إلى أنّه “كم يؤسفنا أن نرى شعبنا في حالة الذل والفقر والتقهقر الاقتصادي، ولا عجب فدولتنا المبتورة الرأس، أصبحت بمقدراتها الكبيرة فريسة الفاسدين المعتدين عليها والعاملين بكل وسعهم على عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لكي يخلو لهم الجو، والوقت الطويل لقضم مالها ومؤسساتها وإشاعة حالة من الفوضى تسمح للنافذين تمرير ما هو غير شرعي”.
ميدانياً، استهدفت غارة إسرائيلية حربية أطراف بلدتي مروحين ورامية. ودوت صفارات الإنذار في كريات شمونة في إصبع الجليل عند الحدود اللبنانية الفلسطينية.
كذلك قام العدو الاسرائيلي بتمشيط بلدة كفركلا بالأسلحة الرشاشة، وكان شنّ طيرانه الحربي غارة بالصواريخ استهدفت أطراف بلدة زبقين في منطقة العاصي.
واستهدف القصف المعادي المنازل وسط الضهيرة الفوقا.
كما أغار الطيران المعادي على منزل في حولا من دون وقوع إصابات وعلى أرض زراعية، في حين تعرضت أطراف شيحين وطيرحرفا لقصف مدفعي معاد من عيار 155 ملم، وسط تحليق للطيران الاستطلاعي في الأجواء لا سيما فوق الضهيرة والناقورة والساحل الممتد بين صور والناقورة والقليلة. ودوت صافرات الإنذار في مقر اليونيفيل في الناقورة.
واستهدف القصف المدفعي بلدتي شيحين ويارون، وأشارت المعلومات عن سقوط صاروخ من طائرة حربية معادية في حولا إلا أنه لم ينفجر.
في المقابل، استهدف حزب الله انتشارًا لجنود العدو الإسرائيلي في ثكنة راميم ومحيطها بالأسلحة الصاروخية وحقّق فيها إصابات مباشرة. كما استهدف بالصواريخ جنود العدو الإسرائيلي شرقي موقع بركة ريشا وحقق إصابات مباشرة، كما استهدف انتشارًا لجنود العدو الإسرائيلي في محيط ثكنة هونين بصاروخ بركان، تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي في موقع تل شعر بالأسلحة الصاروخية وحقق فيها إصابات.
وشدد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على أن “المقاومة في لبنان تصدّت للعدو الإسرائيلي وقالت بالواقع العملي وفي الميدان إياك أن تخطئ الحساب وإياك أن تحوّل جنونك من مكانٍ إلى مكان باتجاه لبنان لأن ما ينتظرك فيه هو المقابر”. وقال: “نحن جاهزون للمواجهة إلى أبعد مدى وإذا رأى العدو حتى الآن جزءاً بسيطاً من بأسنا فنحن جاهزون لأن نريه كل بأسنا”. وأضاف أن “العدو ومن معه يستحضر الخيبة نتيجة فشله في تحقيق أهدافه في غزة ويأتي محاولاً التنمر والتمثيل مهولاً علينا بالحرب الشاملة في لبنان لتحقيق شروطه التي تطمئن المستوطنين في الشمال حتى يعودوا إلى مستوطناتهم”. وقال: “أن نطمئن أهلنا الذين نزحوا من قراهم أولى عندنا من أن تطمئن مستوطنيك. لن يكون أمن على حساب أمننا ولن يكون هناك تفاهم دولي وإقليمي لا يلحظ استقرارنا وسيادتنا وحقنا في أرضنا وفي التموضع الذي نحن الذين نقرّره ونختاره».