كتبت صحيفة “البناء”: انشغل الغرب عموماً، وأميركا خصوصاً، بالحوار الذي أجراه الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على خلفيّة المواقف التي أطلقها بوتين، وما تضمّنته من قراءة للمشهد الدولي، وخلفيات المواجهة مع الغرب. وكان الرئيس الروسيّ قد قدّم عرضاً تاريخياً تفصيلياً لظروف نشوء الصراع مع أوكرانيا، والظرف التاريخي لولادة الكيان الأوكراني، ككيان حديث مصطنع قام الزعيم السوفياتي السابق جوزف ستالين بتجميعه من أراضٍ روسية وبولندية وهنغارية، موضحاً الحقوق التاريخية لروسيا في الأراضي الشرقية الأوكرانية ووصولاً الى المنافذ على الحبر الأسود، والخلفية التاريخية للجذور الروسية لأبناء هذه المناطق. واستعرض بوتين المشهد السياسي والاقتصادي والعسكري للتنافس بين روسيا والصين من جهة والغرب من جهة أخرى، موضحاً بالأرقام أن الصين تجاوزت منذ زمان المكانة الأولى اقتصادياً في المنافسة مع أميركا، وأن روسيا اليوم الدولة الأولى في أوروبا اقتصادياً، وأن روسيا تجاوزت أميركا عسكرياً بتفوّق غير قابل للمنافسة خصوصاً في الصواريخ الفرط صوتية. وعن علاقته بالرؤساء الأميركيين استعاد بوتين صوراً من الذاكرة لتعهدات سمعها من الرؤساء جورج بوش الابن والرئيس باراك أوباما وكلها انتهت بأكاذيب.
في المنطقة تهديدات إسرائيلية بالهجوم على رفح، ترافقها حملات أميركية وأوروبية وعربية للتحذير من خطر العملية والحديث عن شروطها، وما سوف يرافقها من مذابح بحق المدنيين، وصولاً إلى تحويل التهديد إلى مدخل لتوظيف التهديد تفاوضياً بمطالبة المقاومة بتقديم تنازلات تتيح التوصل الى اتفاق يمنع العملية، بينما قالت قوى المقاومة إنها جاهزة لتلقين الإسرائيلي درساً جديداً وإلحاق هزيمة جديدة بجيشه إذا اختار الاحتكام إلى الخيار العسكري مجدداً، بينما هددت قوى المقاومة بإنهاء الخيار التفاوضي إذا وقع الهجوم.
في سياق مناخ الحرب ذاته في غزة، زار وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان بيروت، والتقى برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، كما التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وتحدّث عبد اللهيان، عن خسارة “إسرائيل” للحرب، وعن قوة المقاومة في لبنان وقدرتها على إفشال التهديدات بالحرب التي يطلقها قادة الكيان. كما كشف عن تبادل رسائل بين واشنطن وطهران حول الحرب، وعن تواصل إيراني مع السعودية للبحث في الحلول السياسية.
ينتظر الملف الرئاسي مقترحات اللجنة الخماسية التي لم تقدم بعد أي أفكار جديدة في شأن إنهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس الجمهورية. وتقول مصادر مطلعة لـ «البناء» إن سفراء الخماسية في بيروت سوف يقومون بزيارات إلى رؤساء الكتل والأحزاب السياسية ليس بصورة جماعية، إنما بشكل فردي. وتقول المصادر إن زيارة الموفد الرئاسي جان ايف لودريان إلى بيروت لم تتحدّد بعد وإن لا معطيات حتى الساعة عن أي جدول أعمال للودريان في بيروت. وهذا يعني أن الاتصالات لم تثمر بعد أي تقدم يبنى عليه.
وانشغل الداخل اللبناني يوم السبت بمواقف وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الذي حط في بيروت يوم الجمعة والتقى عدداً من المسؤولين قبل أن ينتقل الى دمشق ليل السبت، وقد أكد دعم المقاومة وركز على أهمية الضغط على كل المستويات لإنهاء الحرب على غزة، وأن ليس هناك رغبة في التصعيد. كما ركز أيضاً على ضرورة لبننة الاستحقاق الرئاسي، مشدداً على أن بلاده تدعم ما يتوافق عليه اللبنانيون عليه. وقال مصدر مقرب من حزب ألله إن لا نقاش في أيّ أمر يتعلّق بالحدود اللّبنانيّة الجنوبيّة إلّا عند وقف العدوان على قطاع غزة. وهذا أمر محسوم وغير قابل للنقاش.
الى ذلك لم تنته قرارات مجلس الوزراء الذي التأم يوم السبت من دون أخذ ورد لا سيما حيال تعيين رئيس للأركان، فتوحّد التيار الوطني الحر جبران باسيل والبطريرك الماروني بشارة الراعي بينما حاول حزب القوات أن يحيد نفسه قليلا عن التصعيد المسيحي ضد الحكومة ورئيسها. واستغربت مصادر في فريق 8 آذار الحملة التي شنت على رئيس الحكومة، معتبرة أن توصيف “الدويكا” أثار امتعاض رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله أسوة برئيس الحكومة، والحريّ بالبطريرك الراعي ان يجمع الأقطاب الموارنة من أجل الوصول إلى تفاهم حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأن المعضلة الأساس تبقى في الفراغ الذي تمعن القوى المسيحية في استمراره نتيجة خلافاتها السياسية وتضارب حساباتها ومصالحها. ودعت المصادر التيار الوطني الحر الى الكف عن المهاترات السياسية واستعراض العضلات السياسية خاصة أن وزراء التيار الوطني الحر لا يقاطعون جلسات مجلس الوزراء وأن عدداً منهم يحضر الى السراي ويشارك في بعض الجلسات.
ومنذ صدر قرار مجلس الوزراء بتعيين اللواء حسان عودة رئيساً للأركان، انبرى عدد من السياسيين والصحافيين الى شن حملة على القرار واتهام رئيس مجلس الوزراء والحكومة بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية والانقلاب على اتفاق الطائف. كما اطلق البعض خياله لسيناريوات مزعومة عن تواصل بين دولة رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس، ولذلك أكد المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان الرئيس ميقاتي لم يستشر رئيس مجلس شورى الدولة بشأن مسألة التعيين، ولم يحصل اي تواصل بينهما بشأن هذا الملف او غيره، وبالتالي فان كل ما يقال خلاف ذلك عبارة عن تحليلات وتلفيقات معروفة الاتجاهات. وأضاف: لقد كان ميقاتي واضحاً في مقاربة هذا الملف لدى عرضه على مجلس الوزراء، حيث شرح الاسباب الموجبة للقرار وضرورته لضمان استقرار مؤسسة الجيش، بعدما امتنع وزير الدفاع عن القيام بواجبه في هذا الملف. وكان ضرورياً ان يقوم مجلس الوزراء، بما له من سلطة جامعة باتخاذ القرار المناسب. واذا كان القرار لا يعجب البعض، فهناك عدة طرق قانونية يمكن سلوكها للطعن به، كما ان الحكومة سوف ترضخ لأي قرار قضائي قد يصدر في هذا الصدد في حال تقديم اي طعن، وهذا ما صرح به رئيس مجلس الوزراء في جلسة التعيين، مجدداً تمسكه باتفاق الطائف وما يتضمنه من صلاحيات وروحية يشدد دولته على التمسك بها.
وشدد البيان على أن الحملات الاعلامية الممجوجة التي تشنّ على ميقاتي والحكومة في هذا الموضوع تفتقد الى الصدقية والحجة، وهدفها العراضات الاعلامية، بما يثبت ان البعض يفتش عن حيثية مستقلة او ينصّب نفسه وصيّاً وقيّماً على عمل الوزراء والوزارات وعلى حقوق الطائفة التي ينتمي اليها.
وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: “كفى مخالفات للدستور، ومخالفات قاتلة للدّولة، من أجل مصالح فرديّة أو فئويّة أو حزبيّة أو سياسيّة”، مشدّدًا على أنّ “كلّ هذه المصالح مدانة ومرفوضة، فابدأوا أوّلًا بانتخاب رئيس للجمهوريّة، لكي تنتظم كلّ المؤسّسات”.
واعتبر أنّ “الدستور معطّل عمدًا، ونتوجّه إلى الضّمير الوطني لرئيس وأعضاء المجلس النيابي، لعلّ وخزّ الضّمير يستحثّهم”.
واعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن “العدو الاسرائيلي يعرف أن المقاومة في لبنان تؤذيه وتكيل له الصاع صاعين ولكن يحاول ان يستدرج بعض القوى الحليفة لمشاركته في العدوان مباشرة فيحاول ان يتطاول تارة في النبطية وتارة على طريق الساحل. لماذا هذا التطاول؟ لأنه يريد ان يرسل اشارة الى من يرعاه ويحرص عليه من الأميركيين بأنه ضاق ذرعاً ولا يستطيع ان يتحمل ما تفعله المقاومة ضده في جبهتنا”.
أضاف في احتفال تأبيني في حسينية كفرفيلا: “لا زالت المبادرة بأيدينا ولا زلنا متمكنين في الدفاع عن وجودنا ووطننا وسيادتنا وأمننا ولن يكون في النهاية الا ما تريدون انتم ولن نعطي جوائز ترضية لأحد. نحن بذلنا دماء غالية من ابنائنا وابنائكم من اجل أن نصون مجتمعنا”.
ودانت وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات “المخططات الإسرائيلية العدوانية باقتحام مدينة رفح استكمالا للحرب المستمرة على قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين بصورة قسرية”.
ودعت مجلس الأمن الدولي إلى “ضرورة الاضطلاع بمسؤولياته من خلال اتخاذ قرار بوقف فوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الانسانية للفلسطينيين، وصولا الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”، وفقاً “لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يتوافق مع مبادئ القانون الدولي”.
هذا ووصل الرئيس سعد الحريري أمس الى بيروت للمشاركة في ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم بعد غد الأربعاء.