كتبت صحيفة “البناء”: توّج الرئيس الأميركي اتصالاته لتسويق صفقة اتفاق حول غزة بعد الاتصال المطوّل برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، باتصالين، واحد مع الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي والثاني مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتزامن الاتصالان مع وجود وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في السعودية ولقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وتحدّثه في منتدى اقتصادي تستضيفه الدوحة، وقد تحدّث كاشفاً جوهر المبادرة التي يتم العمل على تسويقها، وما تضمنته اتصالات الرئيس بايدن. وقال بلينكن إن هناك عرضاً سخياً أمام حركة حماس عليها قبوله، وإن اتصالات الرئيس بايدن هي لطلب المساعدة في إقناع حماس، وتحميلها مسؤولية الفشل. ومشروع الصفقة واضح، كما قالت مصادر فلسطينية ونقل إعلام الكيان وتحدثت الحكومة البريطانية، فالصفقة كناية عن هدنة وتبادل أسرى، وقد أضيف إليها تخفيف القيود الإسرائيلية على عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة وعلى دخول المساعدات الإنسانية، وعلى حجم انتشار جيش الاحتلال في غزة، خصوصاً في وسط غزة وممرات عودة النازحين، لكن المشروع خالٍ من أي التزام بإنهاء الحرب أو بفك الحصار أو بإعادة الإعمار أو بالانسحاب الشامل للاحتلال من قطاع غزة، رغم أن المقاومة ممثلة بحركة حماس قبلت بجعل الانسحاب على مرحلتين وبنقل الالتزام بوقف الحرب إلى المرحلة الثانية، لكن من ضمن صفقة شاملة تتضمّن كل هذه المبادئ.
عاد وفد حماس للتشاور من القاهرة بعد الاطلاع على الملاحظات التي وضعها وفد كيان الاحتلال، ويتوقع أن يتبلور موقف قوى المقاومة بوضوح اليوم، وهو موقف ترجّح المصادر الفلسطينية أن يكون حاسماً بعدم قبول أي صيغة لا تتضمن تعهدات واضحة بثلاثيّة الانسحاب ووقف الحرب وفك الحصار إضافة للالتزام بإعادة الإعمار.
في أميركا تتواصل الانتفاضة الطالبية ويتواصل معها الكر والفر بين الطلاب والشرطة في عدد من الولايات التي قررت إدارة الجامعات فيها وحكام الولايات استخدام القوة لفضّ الاعتصامات، وفي مقدّمتها تكساس، بينما تدخل جامعات عالمية جديدة على خط الدعم الطالبي، وتشترك اليوم جامعات عربية عديدة في التحرك العالمي الطالبي المساند.
في المنطقة خسائر فادحة لجيش الاحتلال في غزة تحت ضربات عمليات نوعية للمقاومة، وفي جنوب لبنان عمليات تتسع وتتصاعد، واليمن يواصل استهداف السفن المتّجهة إلى كيان الاحتلال.
وبينما تتجه الأنظار إلى نتائج جولة المفاوضات في القاهرة بين المقاومة الفلسطينية والإسرائيليين، تترقب الأوساط السياسية الجواب الإسرائيلي الذي سيحصل عليه وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه الذي يزور «تل أبيب» اليوم، حول وقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، على وقع تصعيد العمليات العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال.
وواصلت المقاومة عملياتها النوعية، وشنَّت أمس هجومًا ناريًا مركزًا على قاعدة “خربة ماعر” ومرابض مدفعيتها وانتشار جنود العدو وآلياته في محيطها بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعية على أنواعها. كما استهدفت تجمعًا لجنود العدو “الإسرائيليّ” في محيط موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بقذائف المدفعية وأصابته إصابة مباشرة.
وأفادت وسائل إعلام العدو عن “اعتراض أكثر من 30 صاروخاً من الجنوب باتجاه إصبع الجليل والجليل الأعلى”.
وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لدى حماس في بيان “استهداف مقرّ قيادة اللواء الشرقي 769 “معسكر جيبور” شمال فلسطين المحتلة برشقة صاروخيّة مركزة بقصف من جنوب لبنان، وذلك رداً على “مجازر العدو الصهيونيّ في غزة الصابرة والضفة الثائرة”.
في المقابل، تعرّضت أطراف بلدتي علما الشعب والناقورة فجرًا لقصف مدفعي متقطع تزامن مع إطلاق القنابل الضوئية فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط وصولاً حتى مشارف بلدات زبقين وياطر وكفرا. كما نفذت مسيرة إسرائيلية عدواناً جوياً حيث أطلقت صاروخين باتجاه محيط “الملعب” في بلدة عيتا الشعب.
ولفتت جهات ميدانية لـ”البناء” الى أن “جيش الاحتلال يتكبّد خسائر كبيرة جراء العمليات النوعية للمقاومة لكنه يخفي خسائره”، مشيرة الى أن “المقاومة سدّدت سلسلة ضربات نوعية متتالية لجيش الاحتلال ولقواعده العسكرية والاستخبارية والتجهيزية أحدثت إرباكاً وقلقاً كبيرين لدى قيادة الاحتلال في الشمال والقيادة المركزيّة في “إسرائيل” فيما جيش الاحتلال يقصف عشوائياً ويستهدف المدنيين لأنه لا يملك بنك أهداف عسكرية”. وأوضحت الجهات أنه بعد هذه الضربات التي وجّهتها المقاومة لم يعُد جيش الاحتلال قادراً على امتلاك زمام المبادرة لا في الجو ولا في البر، وقد تيقّن من امتلاك المقاومة سلاحاً استراتيجياً وقدرات تقنية وتكنولوجية كبيرة، قادرة على منع العدو من فرض قواعد اشتباك ومعادلة ردع على العدو، وبالتالي لم يعد جيش الاحتلال قادراً على شن عدوان كبير على لبنان”.
في غضون ذلك، من المرتقب أن تسلّم الخارجية الفرنسية الحكومة اللبنانية رسالة تتضمّن الورقة الفرنسيّة المكتوبة المعدّلة مع الردّ الإسرائيلي عليها، على أن تدرسها الحكومة اللبنانية، وكشفت مصادر فرنسيّة مطّلعة وفق مصادر إعلاميّة محليّة، بأنّه “سيتمّ تسليم الورقة الفرنسيّة المعدّلة الرّامية إلى خفض التّصعيد ووقف القتال على الجبهة الجنوبيّة، إلى المسؤولين اللّبنانيّين اليوم”، مشيرةً إلى أنّ “الإليزيه أعدّ التّعديلات على الورقة الأصليّة، في ضوء ملاحظات المعنيّين والاجتماع الّذي عُقد بين الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي”.
غير أن مصادر مطّلعة أوضحت لـ”البناء” أن “الورقة الفرنسية محاولة جدّية لضبط الحدود أو على الأقل تخفيض التصعيد إلى مستوى معين لا يؤدي الى توسيع الحرب، إلى حين التوصل الى اتفاق هدنة في غزة. وتتحدث الورقة عن خطة على مراحل لتطبيق القرار 1701 وسحب فتيل التوتر، تبدأ بوقع العمليات العسكريّة ثم تعزيز قوات الجيش اللبناني وقوات اليونفيل ومنح مساعدات للجيش اللبناني لكي تقوم بإعادة انتشار في المناطق الساخنة على الحدود، ثم إطلاق مفاوضات لتثبيت الحدود اللبنانيّة مع فلسطين المحتلة”. لكن المصادر شدّدت على أن “أي ورقة أو مقترح فرنسي أو أميركي لن ينال موافقة لبنان قبل درسه وإدخال الملاحظات اللبنانية التي تلحظ مصلحة لبنان والحقوق السياديّة لا سيما الأراضي المحتلة وفق القرارات الدولية”. ولفتت المصادر الى أن أيّ اتفاق بين لبنان و”إسرائيل” وإن حصل لن ينفذ قبل وقف العدوان على غزة، لكون الجبهة الجنوبية ارتبطت منذ البداية بالجبهة في غزة”.
وفي سياق ذلك، أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله أن “أي مبادرة خارجية تجاه لبنان هدفها إراحة حكومة نتنياهو لتركز كل جهدها على غزة، هي مبادرة محكوم عليها بالفشل. فالبحث عن الحلّ لا يكون بمعالجة النتائج، بل معالجة الأسباب التي أدّت إلى هذه النتائج، وما يحصل على جبهتنا الجنوبيّة من مساندة لغزة، له سبب رئيسيّ، وهو العدوان الإسرائيلي على غزة، وسبب آخر هو منع العدوان على بلدنا، ولذلك مَن يريد إيجاد الحلول، عليه أن يذهب بالدرجة الأولى إلى الكيان الصهيونيّ ويمارس الضغط عليه كي يوقف هذه المذبحة في غزة، وأما كيف يكون عليه الجنوب بعد وقف العدوان، فهذا ما يقرّره الشعب اللبناني ودولته ضمن قواعد الحماية للجنوب، ومن ضمنها معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وأيضاً عدم المسّ بسيادتنا الوطنية”.
ووفق مصادر إعلامية فإن زيارة الموفد الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت لا تزال قائمة حتى الساعة ولو أن مواعيدها لم تُحدد، لافتة الى تنسيق أميركي – فرنسي في الملف الحدوديّ وفي الورقة الفرنسية الأخيرة.
على صعيد آخر، رأس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اجتماعاً لبحث ملف النازحين السوريين في السرايا الحكومية، شارك فيه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، المنسق المقيم للامم المتحدة في لبنان عمران ريزا وممثل مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان ايفو فرايجسن ومستشار رئيس الحكومة زياد ميقاتي. وتمّ خلال الاجتماع البحث في التعاون بين لبنان والمفوضيّة وسبل معالجة القضايا المتصلة بملف النازحبن.
وتزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين بيروت الخميس في 2 أيار المقبل، برفقة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس. ويعقدان في السرايا الحكومية اجتماعاً يترأسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومن ثم ينتقلان إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
رئاسياً، لم يسجل أي تطور جديد في ظل جمود يسيطر على الملف. ووفق معلومات “البناء” فإن الجهود السياسية والدبلوماسية تجمّدت بانتظار تطورات الجبهة الجنوبية ومفاوضات القاهرة لإعادة إطلاق المساعي الرئاسية، لكون الجميع توصّل الى قناعة بأن الملف الرئاسي بات مرتبطاً بالتطورات الميدانية في الجنوب المرتبطة بدورها بالوضع في غزة، لذلك اكتفى الوسطاء الخارجيون وأصحاب “المساعي الخيرة” الداخليون بتمهيد الأرضية للمرحلة المقبلة فور توقف الحرب في الجنوب وفي غزة. واستقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى، عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب أحمد الخير، الذي قال بعد اللقاء: “أكدنا للمفتي أننا مستمرّون بمبادرتنا مع الحرص على المصلحة الوطنية اللبنانية، وإدراكًا منّا أهمية أن يكون هناك فريق وسطيّ من خلال الاصطفافات العمودية التي تحصل بالبلد، ولأننا حرصاء على البقاء على موقفنا الوسطيّ، وعلى التوافق، فهو مرشحُنا الدائم للرئاسة، ولا نرى أيّ حل يمكن أن يؤدي إلى انتخاب رئيس، إلا من خلال التقاء اللبنانيين تحت عنوان “اللقاء التشاوري” الذي هو في صُلب مبادرتنا الرئاسية، ولا يمكن أن يكون لدينا رئيس إلا من خلال توافق اللبنانيين على رئيس له القدرة على نقل لبنان بالمرحلة المقبلة مما هو فيه، مع حكومة كاملة الصلاحيات”.