كتبت صحيفة “النهار”: على وقع التطورات الشديدة التوهج والتضارب والتسارع المتصلة برفح والتسوية المترنحة لوقف النار في غزة ، اشتد توهج الجبهة الميدانية في جنوب لبنان وعبره حيث تميز مسار المواجهات في الساعات الأخيرة بتكثيف الهجمات التي شنها “حزب الله” على مواقع ومستوطنات إسرائيلية، وسط تزامن تصاعد ألمواجهات مع الاضطراب الشديد الذي طبع التطورات في رفح. وبدا المشهد الداخلي في لبنان عرضة لسباق حار بين رصد التطورات الميدانية في الجنوب حيث تتصاعد مؤشرات اتساع المواجهات باطراد، وبين تصاعد الحماوة السياسية الداخلية حيال ملف النازحين السوريين بعدما شكلت هبة المليار يورو من الاتحاد الأوروبي لغما فجر السجالات والاحتقانات والانقسامات حيال هذا الملف المفخخ ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الاستجابة بسرعة لمطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعقد جلسة مناقشة حول الهبة الأوروبية.
ووسط هذا السباق الحار بين أولويات الملفات الضاغطة بقوة على الواقع اللبناني، علمت “النهار” ان الرد اللبناني الذي انتظره الفرنسيون من رئيس مجلس النواب نبيه بري على النسخة الثانية للورقة الفرنسية الخاصة بتهدئة الوضع في الجنوب وإعادة تنفيذ القرار 1701 ، قد تم تسليمه إلى الجانب الفرنسي عبر السفارة في بيروت، على ان تأتي الخطوة المقبلة من الفرنسيين لتبين طبيعة ردهم على الردين اللبناني والإسرائيلي على هذه الورقة. وفُهم ان الرد اللبناني الذي تم وضعه بالتنسيق بين رئيس المجلس وقيادة “حزب الله” جاء على طريقة “مردود مع الشكر” اذ اخذ في الاعتبار “تثمين الجهود الفرنسية المبذولة”، مع التأكيد على الموقف اللبناني الذي يلتزم تطبيق القرار ١٧٠١ وانما من دون مقدمات او تفسيرات له تعطل التطبيق. وفهم ان الرد اتسم بتعبير عن الرفض الناعم للتعديلات التي أحدثت على النسخة الأولى ولعدد من بنود الورقة من دون رفض الورقة كلا .
وتشير المعلومات المتوافرة الى ان موقف “حزب الله” لم يتغير، ولا يزال متمسكاً بخيار الربط بين الساحة الجنوبية وغزة. وعزي تمسك قيادة الحزب بموقفها إلى ان التعديلات لم تحمل اي مقترحات جديدة كما انها لم تأخذ باعتراضات الحزب الاساسية عليها، ولا سيما في ما يتصل بمسألة انسحابه من جنوب الليطاني وتسليم سلاحه، تطبيقاً للقرار 1701. وتكشف المعلومات، ان الحزب يعتبر ان المقترحات الواردة في الورقة تتجاوز مندرجات القرار الدولي بما يؤدي إلى تعطيل تطبيقه كما ورد، على نحو يدخل تعديلات على القرار، من دون العودة إلى مجلس الامن كما يفترض ان تكون الحال، وكأن هناك قراراً جديداً. وعليه، لا يرى الحزب حاجة إلى إعلان موقف جديد، خصوصاً وانه حصر مهمة التفاوض وإبداء الرأي في يد رئيس المجلس نبيه بري .
جلسة مناقشة
اما في ملف النازحين السوريين وتداعياته فدعا امس رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة مناقشة حول الموقف من الهبة الأوروبية في الحادية عشرة من قبل ظهر الاربعاء 15 أيار الحالي.
وتواصلت في هذا السياق تحركات القوى المعارضة، اذ بحثَ امس وفدٌ من “تكتل لبنان القوي” مع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب في ملابسات الهبة الأوروبية التي قُدمت للبنان وفي ملف النزوح السوري وكيفية مواجهته. واكد النائب نقولا الصحناوي الذي تحدث باسم الوفد” رفض أي اتفاق مع الإتحاد الأوروبي أو مساومة تمس حقوق لبنان”، مشيراً إلى أنَّ “الوفد استوضح من الوزير بوحبيب حول شروط الهبة الأوروبية، ومؤكداً رفض أيّ شرط لإبقاء النازحين السوريين لأنَّه ملف وجودي.
كما ان وفدا من نواب تكتل “لبنان القوي” تابع جولته لبحث ملابسات الهبة، فزار سفارة الاتحاد الأوروبي والتقى السفيرة ساندرا دي وايلي وأعلنت النائبة ندى البستاني بعد اللقاء باسم الوفد أنه تم استيضاح تفاصيل الهبة، وبحث كيفية تقريب وجهات النظر حول ملف النزوح، مؤكدةً أنه سيكون للتيار والتكتل مواقف إضافية في هذا الإطار. واعلن “تكتل لبنان القوي” إن الجولة التي بدأها نواب التكتل سيجري استكمالها بلقاء رئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال والسفارة القبرصية وبتحركات ميدانية، “وهي تؤكّد تصميم التكتل على التوصل الى حلول تحظر تثبيت النازحين في أرض لبنان، بتخفيف وجود غير الشرعيين منهم”.
من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان ان “كلّ سوري لا يملك إقامة يجب إعادته إلى سوريا، ولجنة الإدارة والعدل رفعت توصية إلى الحكومة اللبنانية بتاريخ 5/12/2023 لتعمل على تنفيذها”. ورأى ان “الوجود السوري في لبنان غير شرعي، ولا يحاولنّ أحد بما فيها المفوضية العليا لشؤون النازحين تصنيف الأمر بطريقة أخرى، ومن لديه أي اقتراح فليتفضّل باستقبال النازحين في بلده وليطبّق عليهم التوصيفات التي يريدها”.
كما علم ان وفدا من “كتلة الجمهورية القوية” سيزور مفوضية اللاجئين غدا الخميس في اطار سلسلة تحركات ضاغطة بدأتها “القوات اللبنانية” للمطالبة باعادة السوريين الى بلادهم وهي ستشمل ايضا الوزارات المعنية وصولا الى تحركات شعبية.
الحماوة الميدانية
اما على صعيد الوضع الميداني جنوبا وبينما عملية الجيش الاسرائيلي انطلقت في رفح، تصاعد التوتر على الحدود الجنوبية. واعلن “حزب الله” انه شن “هجومًا جويًا بمسيّرات انقضاضيّة استهدفت ضبّاط وجنود العدو أثناء وجودهم في باحة ثكنة يفتاح وأصابتهم بدقة وأوقعتهم بين قتيل وجريح. وفي الوقت نفسه، استهدفت طائرات أخرى إحدى منصّات القبّة الحديدية المتموضعة جنوب ثكنة راموت نفتالي وأصابتها إصابة مباشرة أدت إلى إعطابها”. واعلن الحزب ايضا انه بعد ظهر امس “استهدف التجهيزات التجسسية في موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة وأصابها إصابة مباشرة”. وألقت طائرة حربية إسرائيلية بالونات حرارية في أجواء المنطقة حيث دخلت المسيرات. وسُمع دوي إنفجارات في يفتاح وراموت نفتالي.
وشن الطيران الحربي الاسرائيلي غارة على بلدة عيتا الشعب. وسجلت غارات للطيران الاسرائيلي استهدفت بلدتي بليدا ومارون الراس والخيام وأطراف راشيا الفخار .
وفي وقت سابق، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين في المطلة عند الحدود مع لبنان في استهداف بطائرة مسيّرة نفذه “حزب الله” أمس.