كتبت “البناء” تقول : مع تعليق المسار التفاوضي حول مقترح الوسطاء لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، الذي وافقت عليه المقاومة ورفضته حكومة الكيان، وإعلان جيش الاحتلال انطلاق معركة رفح، اتجهت الأنظار الى الميدان، حيث سجلت المقاومة مواجهات متعددة مع دبابات الاحتلال التي احترقت منها خمس دبابات، ومع تجمّعات جنوده الذين اعترف الاحتلال بسقوط أربعة منهم قتلى إضافة لعدد من الجرحى برصاص المقاومة. ووصف يوم أمس بيوم عصيب على جيش الاحتلال، وشكّكت مصادر إعلامية في الكيان بصدقية أرقام الإصابات التي اعترف بها الناطق العسكري، بينما توقعت مصادر متابعة للمسار التفاوضي، أن ترفض المقاومة العودة للتفاوض على الأرضية الحالية ذاتها بعد معركة رفح، حيث سوف يكون سقف المقاومة أعلى وصيغة الربط بين تبادل الأسرى ووقف الحرب وفك الحصار أشدّ وضوحاً وتزامناً.
سياسياً، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار بمنح فلسطين العضوية الكاملة بتأييد 143 دولة وامتناع 23 دولة ومعارضة 9 دول فقط، وهو ما وصفته مصادر دبلوماسيّة وأمميّة في نيويورك بفرض العزلة الدوليّة على كيان الاحتلال، والصفعة الدبلوماسيّة لواشنطن التي لم تكتف بالتصويت ضد القرار، بل جنّدت نفوذها لرفع عدد الدول المعارضة للقرار.
على جبهات الإسناد للمقاومة والشعب في غزة، سجلت جبهة جنوب لبنان تصعيداً نوعياً تمثل باستهداف المقاومة للعديد من مواقع الاحتلال على الحدود وخلفها، وليلاً اشتعلت الجبهة بإطلاق عشرات الصواريخ نحو مستعمرة كريات شمونة، حيث اشتعلت عشرات الحرائق، وغرّد المعلّق الإسرائيلي بن كاسبيت على المشهد بالقول، «ستكون هناك نار، كما وعد نتنياهو في الحملة الانتخابية»، «الليلة، الشمال يحترق»، لقد تحقّقت نبوءات نتنياهو.
وواصلت المقاومة الإسلامية قصف مواقع العدو شمال فلسطين المحتلة واستهدفت التجهيزات التجسسية المستحدثة في موقع مسكفعام، وضربت قوات العدو عند وصول آلياته إلى موقع المالكية بقذائف المدفعية محققةً إصاباتٍ مؤكدة، كما استهدفت موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابةً مباشرة.
وفي إطار الرد على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة واستهداف المدنيين وآخرها في طير حرفا، قصف مجاهدو المقاومة الإسلامية ثكنة يفتاح بالأسلحة الصاروخية وراجمة فلق.
كذلك، استهدف المقاومون مستوطنة «كريات شمونة» وقاعدة «خربة ماعر» ومرابض مدفعيتها بصليات من صواريخ الكاتيوشا.
في المقابل أغار طيران الاحتلال الإسرائيلي على بلدتي كفركلا وبليدا قضاء مرجعيون. كما استهدفت مدفعية جيش الاحتلال وادي العصافير في مدينة الخيام، ومنطقة اللبونة – الناقورة. كما نفذ الطيران المسيّر غارة بالقرب من محطةMTC في بلدة طيرحرفا مستهدفا المنطقة بصاروخين ما ادى الى سقوط شهيدين، وإصابة آخرين بجروح. الشهيد الأول، عنصر من الدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية هو غالب حسين الحاج من بلدة شيحين، اما الثاني فهو فني من شركة power tec المتعهدة بأعمال الصيانة.
إلى ذلك حذرت مصادر غربية من تدهور الوضع على الحدود بحال استمرت المواجهات العسكرية بين حزب الله و»إسرائيل» بظل توسّع النطاق الجغرافي للعمليات العسكرية واستخدام أسلحة جديدة لا سيما وأن الحرب في غزة مستمرّة والعملية العسكرية في رفح وغياب أي أفق للهدنة بعد تعثر مفاوضات القاهرة». ولفتت المصادر لـ»البناء» الى ان «تطبيق القرار ١٧٠١ هو الوسيلة الوحيدة لاحتواء التصعيد ومنع اشعال حرب شاملة». وأكدت المصادر ان الجهود الدبلوماسية مستمرة للجم التصعيد والاتفاق شبه منجز وفق الورقة الفرنسية لكن ينتظر انتهاء الحرب في غزة لتطبيقه».
وأكدت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» أن الورقة الفرنسية لا تصلح لان تكون اتفاقاً عادلاً لكون الكثير من البنود غير قابلة للتطبيق العملي وتخدم المصلحة الاسرائيلية وأمن الكيان الاسرائيلي وحل ازمة الشمال التي تضغط على الحكومة الاسرائيلية». وشددت المصادر على ان ما لم تأخذه «إسرائيل» بالحرب في ٢٠٠٦ لن تأخذه في المفاوضات وهي منكسرة في غزة وفشلت بتحقيق أهدافها في هذه الحرب».
وعلمت «البناء» أن «الملاحظات اللبنانية على الورقة الفرنسية باتت لدى الفرنسيين ويجري درسها وتعديل بعض البنود في ضوء التحفظات اللبنانية على ان اي اتفاق يحتاج الى جولة مشاورات جديدة بين بيروت وتل أبيب لينال موافقة كافة الأطراف».
وذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم» أن القدرة العملياتية لقوة الرضوان في المقاومة الإسلامية لم تتضرّر بشكل مهمّ، على الرغم من عمليات جيش الاحتلال طوال سبعة أشهر، مشيرة الى أن وحدة النخبة التابعة للمقاومة، والتي وصفتها بــــ»المنظمة»، ما تزال تمتلك القدرة في حال اتخاذ القرار في أي لحظة على تنفيذ اجتياح منطقة محدودة داخل الكيان مع 200 مقاتل.
إلى ذلك أفادت مصادر سياسية ودبلوماسية وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)، بأنّ لبنان سلّم إلى فرنسا ردّه على مبادرة اقترحتها من أجل وضع حد للتصعيد مع «إسرائيل»، مبديًا تحفظه خصوصًا على انسحاب مقاتلي حزب الله لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود.
وتقترح المبادرة المعدّلة وقف الأعمال العسكرية من إسرائيل وحزب الله، وانسحاب مقاتلي حزب الله وحلفائه لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود، وفق مسؤولين لبنانيين.
كما تنصّ على ضمان حرية حركة قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) والسماح لها بتسيير دوريات في منطقة عملياتها من دون أي قيود، وتعزيز انتشار الجيش اللبناني وعديده.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي للوكالة «سلّم الجانب اللبناني ردّه مطلع الأسبوع، وتضمّن ملاحظاته على مسألة انسحاب المجموعات المسلحة والتعاون مع اليونيفيل والتطبيق الكامل للقرار 1701» الذي ينص على حصر الانتشار المسلح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني واليونيفيل.
ورأى نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أنّ «التضحيات في لبنان عطَّلت مشاريع «إسرائيل» من بوابة لبنان، ليس لهذه المرحلة فقط بل للسنوات المقبلة وللمستقبل»، معلنًا «أننا سنطرح رؤيتنا في الجنوب اللبناني بعد وقف إطلاق النار الكامل في غزة وقبل ذلك لن نطرح شيئًا».
ولفت، في تصريح له من احتفال في بيروت، إلى أنّ «التهويل الذي يقوم به بعض القادة الصهاينة لا ينفع معنا، لأننا مصممون على الدفاع عن أرضنا وعن مستقبل أولادنا مهما بلغت التضحيات، جرّبتم في الماضي وهزمتم وإذا جربتم الآن فستهزمون، وهذا مرتبط بالوعد الإلهي لنا».
على صعيد آخر واصل وفد «تكتل لبنان القوي» جولته على المرجعيات لبحث ملف النزوح وحط في السراي الحكومي، وضم الوفد النواب: سليم عون، أسعد درغام، جيمي جبور وسامر التوم. وبعد الاجتماع مع الرئيس نجيب ميقاتي، قال جبور باسم الوفد «استوضحنا دولة الرئيس عن مسألة الهبة الأوروبية فأبلغنا أن ما يحكى عن اتفاق هو أمر غير صحيح، وليس هناك اي ورقة تم توقيعها مع الأوروبيين، وكل ما في الأمر أنه تم إعلان أوروبي عن هذه الهبة». وقال: «أبدينا أيضاً هواجسنا من مسألة موضوع العمال الموسميين وربطها بالهبة وإبقاء النازحين وكل هذه الامور التي أتت على خلفيتها لتشير بشكل أو بآخر الى أن مسألة النازحين السوريين يمكن أن تستمر في لبنان كبديل عن الشعب اللبناني من خلال إزاحته او تهجيره الى بلدان أخرى، لذلك كانت اليوم جلسة مصارحة اتسمت بإيجابية مع الرئيس ميقاتي وتبلغنا منه الموقف والمعطيات وأبلغناه بدورنا موقفنا».