كتبت صحيفة “النهار”: لم يكن التصعيد الواسع في منحى المواجهات الميدانية المباشرة عبر الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، كما في اتّساع استهداف مناطق مدنية بعيدة عن خط المواجهة، غير انعكاس لتهاوي كل الرهانات أو المحاولات المبذولة لوقف النار ولجم تفجّر الحرب الجارية في لبنان. فبعد أقل من عشرين يوماً على تصعيد إسرائيل وتيرة غاراتها وهجماتها في لبنان، سادت أجواء تشاؤمية للغاية لدى المراجع الرسمية اللبنانية حيال احتمالات نجاح أي محاولة لوقف النار. وكشفت مصادر معنية بمجريات الاتصالات الجارية مع رئاستي الحكومة ومجلس النواب لـ”النهار” أن انسداداً خطيراً يُسجل في سياق المساعي والجهود لوقف التصعيد الحربي والتوصل إلى وقف للنار بما ينذر بتصعيد واسع وخطير أقله لجهة ترجمة التهديدات التي يطلقها المسؤولون السياسيون والقادة العسكريون الإسرائيليون.
وإذ لم تخفِ هذه المصادر خشيتها من مؤشرات التصعيد في المواجهة البريّة على الحدود عقب محاولات الاختراق المتعاقبة التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، بدت متحفظة بل حذرة للغاية حيال ما يتردد عن “ضمانات” أميركية بردع إسرائيل عن تسعير الحرب ومحاولة اختراق أو احتلال مناطق في الجنوب اللبناني، بما يؤشر إلى أن الشكوك الرسمية اللبنانية في الموقف الأميركي بلغت ذروتها في ظل “التغطية” الأميركية للهجمات الإسرائيلية على “حزب الله”. وبذلك بات يُخشى أن يكون التصعيد الواسع الذي سجل أمس وطاول مناطق بعيدة عن الجبهة في لبنان وإسرائيل إنذاراً متقدماً لاحتدام ميداني سيؤدي إلى تسريع المواجهات البريّة وسط انعدام الأمل باي تسوية لوقف نار موقت في وقت وشيك.
مؤتمر الدعم
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن باريس ستعقد اجتماعاً وزارياً دولياً بشأن الأزمة في لبنان في 24 تشرين الأول (أكتوبر)، وسيركز على الوضع السياسي الداخلي والمساعدات الإنسانية وسط تصعيد الصراع بين إسرائيل و”حزب الله”.
وأشارت الوزارة إلى أن الاجتماع سيركز أيضاً على العمل على تعزيز الدعم للقوات المسلحة اللبنانية في الوقت الذي تحاول فيه الدول إقناع الجانبين بقبول وقف إطلاق النار.
وأفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين أن المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان ينعقد في باريس يوم 24 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري بحضور ممثلين عن الادارة الأميركية وبمستوى وزراء خارجية دول الخليج أي السعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن وسيكون الموضوع الأبرز توفير المساعدات للجيش بالمال والتجهيزات والمساعدات للنازحين ومساعدات للبنان.
الى ذلك طلبت فرنسا اجتماعاً لمجلس الأمن لإعلان موقف من ضرورة وقف اطلاق النار في لبنان وفي غزة، لأن باريس ترى أن التصعيد في كل من غزة ولبنان لا يصل إلى أي نتيجة سوى إلى حرب اقليمية ضخمة غير مسبوقة. وترى المصادر الفرنسية أن هذا واجب مجلس الأمن ودوره في منع هذه الحرب، أما الادارة الأميركية التي تؤيد عقد المؤتمر من أجل لبنان، فلا توافق على وقف النار في لبنان، إذ أن إسرائيل فصّلت للادارة الأميركية ما تريد القيام به في لبنان عبر عملية ستستمر لبضعة أسابيع على أن تكون هناك هجمات عسكرية في الجنوب اللبناني “وليست احتلالاً بل عمليات قصيرة المدى لانهاء قوات “حزب الله” في الجنوب ودفعها إلى ما وراء جنوب الليطاني ثم التفاوض على الحدود وعلى تطبيق القرار 1701″. والادارة الأميركية تؤيد ما تقوم به إسرائيل في لبنان وترى أن “حزب الله” ينهار بعدما واجه هزيمة كبرى وأن إسرائيل مستمرة في عملياتها في الجنوب حتى تهزمه كلياً ثم تتفاوض مع الحكومة اللبنانية، لذا تشدد الولايات المتحدة فرنسا على ضرورة اجراء انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. وأكدت المصادر أن واشنطن طلبت من إسرائيل ألا تعرّض مطار بيروت ولا مرفأ بيروت لاي خطر.
ومن جهته، أكد ميقاتي أمس “أن المساعي العربية والدولية لا تزال مستمرة لوقف العدوان على لبنان، لكن التعنّت الاسرائيلي والسعي لتحقيق ما يعتبره العدو مكاسب وانتصارات لا يزال يعيق نجاح هذه المساعي”. وقال: “قد يعتقد البعض أن الجهود الدبلوماسية قد توقفت، وهناك ما يشبه الموافقة الضمنية على مضي إسرائيل في عدوانها، لكن هذا الانطباع غير صحيح، فنحن مستمرون في إجراء الاتصالات اللازمة، وأصدقاء لبنان من الدول العربية والأجنبية يواصلون أيضاً الضغط لوقف اطلاق النار لفترة محددة للبحث في الخطوات السياسية الأساسية وأهمها التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، واجبار العدو الإسرائيلي على تنفيذه”.
التصعيد
أما على الصعيد الميداني، فشهد يوم أمس تصعيداً نوعياً واسعا تمثل في مواجهات برية على الحدود وقصف للأعماق. وفي رابع غارة تستهدف اقليم الخروب شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة على بلدة الوردانية، مستهدفة شقة سكنية في فندق دار السلام الذي يؤوي عائلات نازحة. وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أن الغارة أدت إلى استشهاد أربعة أشخاص وإصابة عشرة آخرين بجروح.
في المقابل، سقط قتلى إسرائيليون في كريات شمونة. وأعلن “حزب الله” في سلسلة بيانات أنه قام بِتفجير عبوة ناسفة بِقوةٍ من الجنود الإسرائيليين واشتبك معها لدى محاولتها التسلل إلى بلدة بليدا، كما أنه استهدف محاولة تقدّم إسرائيلية في اتجاه منطقة اللبونة وحقق فيها إصابات مباشرة ما أدى إلى تراجعها. واستهدف أيضاً قوة مشاة إسرائيلية حاولت التسلل إلى منطقة اللبونة بصلية صاروخية كبيرة. كما أعلن أنه قصف تجمعاً للجنود الإسرائيليين جنوب مارون الرأس برشقة صاروخية وأنه استهدف قوات إسرائيلية أثناء تقدمها من سهل طوفا تجاه ميس الجبل ومحيبيب بصلية صاروخية”. وأعلن بعد الظهر أنه خاض اشتباكات مع قوات إسرائيلية في بلدة ميس الجبل. ثم أعلن استهداف تجمع للقوات الإسرائيلية في كريات شمونة وفي مستعمرة كفرجلعادي”. وأشار إعلام إسرائيل إلى مقتل مستوطنين اثنين جراء صواريخ الحزب وقصف الحزب صفد عصراً برشقة صاروخية وصفتها إذاعة الجيش الإسرائيلي بأنها الأعنف منذ بداية الحرب.