قدم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مطالعة في العقدة الحكومية المحدد مكمن الخلل فيها، ولم يقدم الحل. استعرض وقائع تشكيلية حفظها اللبنانيون عن ظهر قلب واقترح الغاء التوزيع الطائفي للوزارات السيادية وهو يدرك ان الثنائي الشيعي، متمترس خلف مطلب الاحتفاظ بحقيبة المال، غير آبه بـ”جهنم اللي رايحين عليها” كما بشّر الرئيس شعبه اذا لم تشكل الحكومة. اطلالة رئاسية “أبكت” اللبنانيين، وقد جفت دموعهم لكثرة ما ذرفوا منها على اخوانهم الشهداء في الوطن، نظرا لكونها لم تفتح ثغرة في جدار الازمة ولانقطاع الامل بالغد وانعدام سبل استمرار العيش في دولة يشكو رئيسها حالها كما اي مواطن لبناني و”ما باليد حيلة” .
صحيح ان صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة وصحيح ان اتفاق الطائف نقل معظمها الى رئاسة الحكومة ، بيد ان الصحيح ايضا ان من يمنع تأليف حكومة المهمة الانقاذية ويرفع سواتر العرقلة هو حليفه في تفاهم مار مخايل الذي أمّن له غطاء مسيحيا ً لم يكن الحزب ليحلم به. فأضعف الايمان ان يرد الجميل ويتنازل عن مطلب غير دستوري لينقذ عهد حليفه الذي اوصله بإصراره على ترشيحه الى كرسي الرئاسة، فلمَ لا يطلب منه؟ هل لأنه حان وقت تسداد فاتورة ”الرئاسة” مكسبا للطائفة الشيعية؟ هل لأنه يدرك ان اهداف العرقلة ابعد من حقيبة وزارية تمتد الى طلب ايراني بوجوب ابقاء لبنان ورقة في يد طهران الى ما بعد الانتخابات الاميركية؟ على الارجح السؤال هنا والجواب ايضاً.
اقتراح عون: فيما عملية التأليف متعثرة ومعقدة، والاتصالات كذلك على رغم انتهاء المهلة، تدخّل رئيس الجمهورية مقترحا حلا وسطا يقوم على إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل جعلها متاحة لكل الطوائف فتكون القدرة على الإنجاز وليس الانتماء الطائفي هي المعيار في اختيار الوزراء”، متسائلا:”هل نقوم بهذه الخطوة ونبدأ عملية الانقاذ المتاحة أمامنا أم سنبقى رهائن الطوائفية والمذهبية؟”، مشددا على ان “لا الاستقواء على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي. وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتوازن هو ما سيأخذنا الى الاستقرار والنهوض”. ورأى “اننا اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، ولم يكن مفترضاً أن تحصل لأن الاستحقاقات التي تنتظر لبنان لا تسمح بهدر أي دقيقة، ومع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالباً ومغلوباً (…)”.
لاءات:
كما رأى انه “لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي”.
أديب: وكان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى أديب اعلن في بيان أصدره صباحا “أن لبنان لا يملك ترف إهدار الوقت وسط كمّ الأزمات غير المسبوقة التي يمر بها، مالياً ونقدياً واقتصادياً واجتماعياً وصحياً”. وقال “إن أوجاع اللبنانيين التي يتردد صداها على امتداد الوطن وعبر رحلات الموت في البحر، تستوجب تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج سبق أن تعهدت الأطراف دعمها، مؤلفة من اختصاصيين وتكون قادرة على وقف الانهيار وبدء العمل لإخراج البلد من الأزمات، وتعيد ثقة المواطن بوطنه ومؤسساته”.
سياسات العزل: وموازاة التقى الرئيس نبيه بري وفدا من اللقاء الديموقراطي في عين التينة، واعتبرت حركة امل في بيان في مناسبة حزبية “ان نظام الطائفية السياسية البغيض ولّاد الأزمات والنكبات المتتالية(…)”.
جعجع والشيعة:
في المقابل، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في بيان ان “البعض يحاول تصوير ما يحصل في موضوع تأليف الحكومة وكأنه استهداف للشيعة إلى حد ذهب قسم من هذا البعض إلى القول “لن نقبل بإلغاء طائفة بأمها وأبيها (…) ولكن ما نريد هو الخروج من المأساة التي نعاني لأشهر بل لسنوات خلت، (…) من هذا المنطلق فحسب، نحن مع المداورة الكاملة طوائفَ وأحزابا،(…). سجال مالي: وصبّ الملف الحكومي الزيت على جمر تباعد التيار الوطني وأمل، القابع دائما تحت الرماد. اذ برزت تغريدة للنائب زياد اسود قال فيها “وزارة المالية الامس واليوم نموذج فاقع عن حالات فساد تبدأ من أصغر معاملة إلى أكبرها ولا يمر شيء دون حصة، ونموذج آخر يوم كانت لجنة المال والموازنة من نصيب مسيحي في كنف الرئيس بري، وكنا نمشي بلا موازنة وأرقام وتلاعب بحساب وحصص وهي نفذت مهمة ما وصلنا اليه اليوم من افلاس”. وأرفق تغريدته بهاشتاغ: #لا_تنسوا. في المقابل، ردّ النائب علي حسن خليل على تغريدة اسود، بالقول “عهدكم الاسود هو النموذج الذي لم يسبقه احد بالفساد من أعلى المقامات الى أدنى متوتر يكذب نفسه والناس. تحديناكم مرات فلا تصدقوا أنفسكم على حساب الحقيقة ولا تنسوا ان الكل يعرف طاقتكم، فالوزارة معنا اعادت الانتظام للمالية موازنات وحسابات وتدقيق وتقارير محاسبة لتكمل ما انجزه ”المسيحي الوطني” رحمه الله في لجنة المال ودوره الذي لا يختلف عليه إثنان”.
توصية بالاقفال:
كورونيا، وفي وقت تعقد في السراي اللجنة الوزارية المختصة بكورونا اجتماعا مفصليا وهاما، على وقع تحليق عداد الاصابات، أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنه “رفع توصية للجنة كورونا الحكومية بإمكانية الإقفال العام لمدّة أسبوعين وذلك بسبب ارتفاع عدد الإصابات أخيراً”.
وليس بعيدا، أعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب “أنّ أمامنا مرحلة صعبة لمتابعة العام الدراسي الذي سيتقرّر شكله التعليمي بحسب المؤشر الصحي لكورونا”.
الحزب في بلغاريا:
وسط هذه الاجواء، حكم القضاء البلغاري على عنصرين من حزب الله ميلاد فرح وحسن الحاج حسن، بالسجن المؤبد، بعد إدانتهما بالمسؤولية عن انفجار مطار سارافافو الذي استهدف حافلة سياحية إسرائيلية العام 2012. وسبق للحكومة البلغارية أن اتهمت حزب الله بالوقوف وراء الاعتداء الذي أسفر عن مقتل خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة، في تموز من العام نفسه. ووفق ما أعلنته شرطة بلغاريا آنذاك، فإن الانتحاري الذي فجّر نفسه بالحافلة، على صلة بخلية تابعة لحزب الله اللبناني، فضلا عن “جوازات السفر الكندية والأسترالية” التي كانت في حوزته. والانتحاري كان أحد الشخصين اللذين تحدثت عنهما السلطات الأمنية وقتها، وقالت إن لديها معلومات عن تمويل حزب الله لهما، مشيرة إلى أنهما عاشا في لبنان في الفترة ما بين 2006 و2010.