حرّكت مبادرة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الجمود في مشاورات تشكيل الحكومة التي كانت عالقة عند تمسك “الثنائي الشيعي” (“حزب الله” و”حركة أمل”) بالاحتفاظ بوزارة المال.
وفي حين اتسمت الجهود والاتصالات التي تكثفت أمس بالسرية، ظهر شبه إجماع بين الأفرقاء السياسيين على أن مبادرة الحريري؛ التي طرح فيها أن يسمي رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب شخصية شيعية لتولي وزارة المالية، فتحت كوّة في حائط المشاورات الذي بقي مسدوداً في الأيام الماضية. وأشارت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ”الشرق الأوسط” إلى أجواء إيجابية تسود الأوساط السياسية؛ لا سيما منها المعنية بالتأليف، لافتة إلى أن الحل الذي بدأ يعمل عليه هو أن يقدّم رئيس البرلمان نبيه بري 10 أسماء شيعية إلى رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب ليختار منها وزيراً للمالية. ورأت أنه إذا نجحت المساعي الأخيرة وسارت الأمور كما هو ظاهر حتى الساعة، فقد يتم الإفراج عن الحكومة بين اليوم وغد بعد لقاء يعقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف.
من جهتها، أكدت مصادر مقربة من الثنائي الشيعي لـ”الشرق الأوسط” أن مبادرة الحريري أعادت تحريك عجلة التأليف، مشيرة إلى أن “حزب الله” و”حركة أمل” تلقفا الطرح بطريقة إيجابية، وأنه يتم العمل على إيجاد حلول قد يكون أحدها طرح تقديم بري 10 أسماء ليختار منها أديب وزير المال العتيد.
الأجواء الإيجابية نفسها عبّر عنها نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، والنائبان في “التيار الوطني الحر” ماريو وألان عون.
وقال الفرزلي بعد انتهاء جلسة هيئة البرلمان برئاسة نبيه بري: “لم يعد التشاؤم سيّد الموقف حكومياً، وهناك إمكانات واعدة يمكن البناء عليها، ولكن علينا الانتظار قليلاً”.
وصباحاً كان قد تحدث النائب في “التيار الوطني الحر” ماريو عون عن أجواء إيجابية في الملف الحكومي، مبدياً تفاؤله بقرب تأليف الحكومة، وتوقع، في حديث إذاعي، أن يشهد الملف الحكومي حلحلة في الساعات المقبلة.
من جهته؛ قال النائب ألان عون، في حديث تلفزيوني، إن مبادرة الحريري “فتحت نافذة في الحائط، ويعول على توسيع هذه الفجوة للوصول إلى حكومة جديدة”.
أتى ذلك في وقت رد فيه رئيس الجمهورية ميشال عون على موقف وزارة الخارجية الفرنسية والحريري من دون أن يسميهما، خصوصاً لجهة إعلانهما أن أديب يختار أعضاء الحكومة بنفسه. وقال عون في بيان إنه معني “بالمباشر بتشكيل الحكومة، وبإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف”.
وقال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية: “إزاء المواقف والبيانات وما تم تداوله إعلامياً بشأن تشكيل الحكومة، وحرصاً على المبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين مستقلين للقيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذ لبنان من أزماته المعقدة، وبما أن البيانات والمواقف المختلفة والمتباينة في بعض الأحيان قد تحجب المسار الدستوري الذي يجب اتباعه حتماً للوصول إلى تشكيل الحكومة، يهم مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية إيضاح نقاط عدة، أهمها: (التذكير بأن الدستور ينص صراحة في مادتيه (53 – فقرة4) و(64 – فقرة2) على أن رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة، وأن رئيس الحكومة المكلف يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ما يعني من دون أي اجتهاد أو اختزال أو تطاول على صلاحيات دستورية، أن رئيس الجمهورية معني بالمباشر بتشكيل الحكومة، وبإصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف”.
وكان رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب قد شدد على حرصه على تشكيل حكومة تعمل على تنفيذ المبادرة الفرنسية من إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية. وقال إنها ستكون “حكومة مهمة” ترضي جميع اللبنانيين، ولفت إلى أنه “آلى على نفسه التزام الصمت طيلة هذه الفترة من عملية تشكيل الحكومة، تحسساً منه بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه ومن أجل الوصول إلى تقديم تشكيلة بالتشاور مع رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية، تساعد اللبنانيين على وضع حد لآلامهم اليومية”.
وجدّد الرئيس المكلف التزامه بالثوابت التي أطلقها في أن تكون الحكومة “من ذوي الاختصاص وأصحاب الكفاءة القادرين على نيل ثقة الداخل كما ثقة المجتمعين العربي والدولي، لأن من شأن ذلك أن يفتح الباب أمام حصول لبنان على الدعم الخارجي الضروري لانتشال الاقتصاد من الغرق”. وتمنى أديب مجدداً على الجميع التعاون لمصلحة لبنان وأبنائه وتلقف فرصة إنقاذ الوطن.
الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط: مبادرة الحريري تحرك مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية توقعات بإعلانها خلال يومين… وبرّي يقدم لائحة من 10 أسماء إلى أديب