لم يعد من تبقى من اللبنانيين في هذا الوطن يهتمون لا لذكرى انتخاب رئيس ولا لمناسبة تشكيل حكومة ولا لمن يرأسها او يتمثل فيها من القوى السياسية التي ما زالت حتى اللحظة تتصارع على انقاض الوطن وفتات الجمهورية لتحصيل مقعد وزاري من هنا وثلث معطل من هناك. هم لا يذكرون حتى، او معظمهم على الاقل، ان 31 تشرين الاول هو ذكرى انتخاب رئيس بلادهم الذي انقضى ثلثا عهده، من دون ان يتمكن من انتشالهم من قعر الهاوية لا بل غرقوا اكثر في وحولها. هم لا ينتظرون زيارة للرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا للتشاور في كيفية تذليل العقبات من درب ولادة حكومته وحركة اتصالاته المأمول ان تخرجها الى النور في الايام القليلة المقبلة. لقد ملّوا الانتظار. فكل الحكومات التي انتظروها وهللوا لها لم تقدم لهم سوى المحاصصات والتسويات بين اهل السلطة فيما هم يتخبطون وحدهم، يصارعون القدر للاستمرار في تأمين لقمة عيش، اكثر من نصفهم لم يعد قادرا على الحصول عليها.
الراعي… تنحوا
وفيما الشح اليسير من المعلومات المسربة عن مصير الجهود المبذولة على خط التشكيل يؤشر الى استمرارها لتقريب وجهات النظر وتذليل العقبات الاخيرة المستجدة لاسيما حجم الحكومة التي يريدها الحريري من 18 وزيرا ويصر الرئيس ميشال عون على رفع العدد الى 20، قبل ان يتوجه الحريري الى بعبدا مجددا، شن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اعنف هجوم على السلطة في اختتام سينودس اساقفة الكنيسة المارونية داعيا اياها الى التنحي، فاعتبر”أننا أمام استحقاق تاريخيّ دستوري كبير الأهميّة هو تأليف حكومة جديدة، يجب على الجماعةِ السياسيّةِ أن تَعترفَ بفشلِها في تمثيلِ المواطنين وكسبِ ثقتِهم وفي إدارةِ البلاد. فتَتنحّى من أجل لبنان، ولو مُوقّتًا، أمام فريقِ عملٍ حكوميٍّ متضامنٍ يَقود البلادَ نحو طريقِ النهوض. وإذ ننتظر تشكيلَ الحكومةِ سريعًا، فإنّا نريدها مع الشعب كله حكومةَ اللبنانيّين ولبنان، حكومةَ الدستورِ والميثاق، حكومة منكوبي إنفجار مرفأ بيروت، حكومةَ صرخةِ الأمّهاتِ والآباءِ والبنين، حكومةَ القدرةِ على الإنقاذ. وأيُّ حكومةٍ أخرى هي مَضيعةٌ جديدةٌ للوقتِ وللوطنِ كما كانت الحكومات السابقة. ولست أدري ما ستكون حظوظُ بقائِها ونجاحِها”.
التيار العوني
من جهته، وجه التيار الوطني الحر رسائله الحكومية رافضا مبدأ اسناد اكثر من وزارة للوزير كونه يضرب الاختصاص. ودعت الهيئة السياسية في التيار الى احترام وحدة المعايير الميثاقية والدستورية في عملية التشكيل لأن المبادرة الفرنسية بنقاطها الإصلاحية تحتاج إلى حكومة فاعلة ومنتجة من وزراء قادرين على تنفيذ البرنامج ويكونون إختصاصيين في مجال دراستهم، ما يعني ضرورة وجود وزير متخصص على رأس كل وزارة وبالتالي فإن إسناد اكثر من حقيبة وزارية لوزير واحد هو ضرب لمبدأ الإختصاص لا سيما إذا جمع الوزير بصورة إعتباطية بين حقيبتين لا علاقة لإختصاص الواحدة بالاخرى”. وتابعت: “تعلن الهيئة اصرارها وتمسكها بإجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان كخطوة أولى إلزامية على طريق الإصلاح”.
الاشتراكي
وفي المواقف النيابية، تحدث عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله، عن “استحضار عقد جديدة من هنا وهناك، من ضمن ما استحضر ما حكي عن خلاف حول عدد الوزراء بين 18 أو 20 بسبب التوزير الدرزي، وهنا نقول إن طرفا في بعبدا يستحضر هذه الأخبار ويضعها في الإعلام للايحاء بأن المشكلة درزية وان وليد جنبلاط يعطل تشكيل الحكومة، وبالتالي الذهنية القائمة هي هيمنة وسيطرة، ولم يكتفوا بأنهم أوصلوا البلد إلى هذا الدرك المتدني”.
بري متفائل
بدوره، شدد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب فادي علامة على أن “الرئيس نبيه بري متفائل لجهة قرب تشكيل الحكومة ولديه الحلول دائما اذا ما طلب منه ذلك”، مشيرًا الى ان “تأليف الحكومة يخضع لنمط جديد لم نشهده من قبل وهناك تكتم على التفاصيل والاسماء حتى الساعة”.وقال في حديث اذاعي: “عدد الوزراء ومسألة المداورة لا يجب ان تقف عقبة امام تشكيل الحكومة”، مؤكداً ان “كتلة التنمية والتحرير متمسكة بحقيبة وزارة المالية والرئيس الحريري متفهم لهذه النقطة”، معربا عن اعتقاده بأن “الجميع تخطوا هذه المسألة”.
كورونا والاقفال
في المقلب الآخر من هموم اللبنانيين، وفي ظل بلوغ عداد الاصابات بكورونا رقما قياسيا غير مسبوق يناهز الالفي اصابة يوميا، قال وزير الصحة حمد حسن اثناء تفقده مستشفى تل شيحا في زحلة حول امكان إغلاق البلد “عادة وزارة الصحة ترفع كلجنة علمية توصية الى لجنة كورونا الوطنية. البارحة تواصلت مع دولة رئيس الحكومة حسان دياب، الوضع الحكومي اليوم غير مستقر وبالتالي قرار الإقفال هو قرار كل الوزارات تتحمل فيه المسؤولية ( وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، وزارة الشؤون الإجتماعية …) طريقة دعم المواطنين وحمايتهم، كيفية تعايش الناس مع الظروف الصعبة مع الإقفال العام، لذا كتوصية دائمة من وزارة الصحة العامة يجب الإقفال، ولكن حتى بجزئية الإقفال نتمنى ان يكون القرار جديا وليس إعلاميا فقط، هذا يسيء إلينا والى معنويات الجمهور”.
وعن قرار فتح المدارس وسط ازدياد عدد الإصابات مع تسجيل إصابات فيها، ودور وزارة الصحة في الرقابة على المدارس، قال حسن: “… هناك توصية من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف بضرورة أن يذهب الأولاد الى المدارس، لكن يبقى هذا الموضوع بحاجة الى مثبتات علمية كي يكون لدينا الجرأة في الدعوة الى إكمال أو اتخاذ إجراءات إضافية لحماية الأجيال”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق : تشكيل الحكومة ينتظر الإنتخابات الأميركية الراعي للسلطة: اعترفوا بفشلكم وتنحّوا من أجل لبنان واللبنانيين