بعد أن أشبَع فريقُ الحُكم الإعلامَ تسريباتٍ عن إيجابيات، وأتحفوا الناس بمواقف تدّعي تسهيل تأليف الحكومة والزهد في المشاركة وتبنّي بنود المبادرة الفرنسية، انكشفت للرأي العام أن كل تلك المحاولات كانت لتقطيع الوقت والتعمية على حقيقة النفَس الاستئثاري الذي لا يزال حتى اللحظة يتحكّم بكل توجّهات الحُكم، الأمر الذي وضع مساعي تأليف الحكومة أمام خيارات صعبة مفصلية، على طريقة آخر الدواء الكيّ، وهي الطريقة نفسها التي بات من الواجب التفكير فيها في الشأن الصحي الذي يتفاقم يومياً.
وفيما ارتفعت العراقيل المقنّعة بعقدٍ وهمية أمام ولادة الحكومة، استمر تكاثر الأزمات والمصائب على رؤوس اللبنانيين المتروكين لأقدارهم من سلطة عاجزة لا هم لها بهموم المواطنين، ومعها ازدادت المخاوف من ارتفاع عدد إصابات كورونا الى معدلات خطيرة من ألفي إصابة يوميا خلال هذا الشهر الى خمسة آلاف في نهاية العام وفق ما أفادت مصادر طبية “الأنباء”، في حين أن أصحاب الحل والربط في السلطة غائبون كليا عن أي توجه أو قرار من شأنه أن يخفف من وطأة الخطر الداهم.
حكومياً قالت مصادر بيت الوسط لـ “الأنباء” إن “الوقت لم ينفذ بعد، ولدى الرئيس سعد الحريري أوراقٌ لم يستخدمها بعد، وعلى الفريق الآخر التخلي عن شروطه، لأن التمسك بالشروط وتعطيل ولادة الحكومة يضر بمصداقية العهد الذي أصبح في الثلث الأخير من ولايته، ويفترض به في السنتين المقبلتين التعويض على اللبنانيين ما خسروه في السنوات الأربع الماضية التي لم يحصدوا فيها سوى الخيبة والوعود الفارغة”.
وطالبت مصادر بيت الوسط “بكف يد” من أسمته “ولي العهد” عن “التدخل في تشكيل الحكومة وإختلاق الأزمات لتحسين الشروط”، متوقعة أن يزور الحريري قصر بعبدا في الساعات المقبلة، آملة أن تفضي هذه الزيارة الى تشكيل الحكومة بشروط الحريري، “وإلا فالبلاد ذاهبة الى أزمة لا أحد يمكنه أن يعرف نهايتها”.
من جانبها كشفت مصادر عين التينة لـ “الأنباء” عن “بوادر إيجابية قد تظهر نتائجها في الساعات المقبلة”، مشيرة الى وجود تنسيق تام بين قيادتي أمل وحزب الله لحلحلة العقد وتسهيل تشكيل الحكومة. ونقلت المصادر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تفاؤله بأن ولادة الحكومة لن تتأخر.
في المقابل فإن أجواء بعبدا أوحت لـ “الأنباء” بظهور “ليونة في المواقف لجهة توزيع الحقائب التي لم تعد مشكلة، وأن رئيس الجمهورية ميشال عون حريص على تشكيل الحكومة وعدم إضاعة الوقت”.
النائب السابق فارس سعيد توقع أن تتشكّل الحكومة في الساعات المقبلة وقبل الانتخابات الأميركية إنطلاقا من أمرين: ”إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله النية لتسهيل تشكيل الحكومة، وما ظهر في الموقف السعودي اللافت الذي تحدثت عنه الصحف السعودية من أن المملكة تدعم الحريري لتشكيل حكومة مستقلين لا يكون قرارها السياسي عند حزب الله”. وقال سعيد لـ”الأنباء” إن “هذا الموقف يؤكد على تبدل الموقف السعودي من الحريري على عكس ما كانت عليه الأمور في السابق”، ورأى أن هذا الموقف “قد يحسّن ظروف الحريري، ومن الممكن أن يكون هناك إمكانية لانتزاع حد أدنى من حكومة قابلة للحياة، خاصة وأن رهان الحريري ما زال على تشكيل الحكومة قبل الانتخابات الأميركية”.
صحياً، وبعد مطالبة رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي الى الإقفال التام، أكدت مصادر وزارة الداخلية والبلديات لـ “الأنباء” أن الوزير محمد فهمي “لا مانع لديه من الإقفال لمدة أسبوعين، وهو ليس على خلاف مع وزير الصحة أو مع لجنة الصحة النيابية في هذا الموضوع، لكن ثمة من يعتبر في خلية الأزمة الحكومية أن الإقفال يضر بمصالح المواطنين خاصة العمال والمياومين، لأن الدولة لا تستطيع أن تؤمن لهم شيئا، لكن إذا بقي عدد المصابين في تزايد فإن آخر الدواء الكي، ولا بد عنها من الإقفال التام الذي يجب أن يترافق مع إجراءات وتدابير رادعة، وأن تتولى الحكومة تجهيز جميع المستشفيات العاطلة عن العمل مع المستشفيات الخاصة التي ما زالت تتردد في استقبال مرضى كورونا”.