كتبت صحيفة النهار تقول: مع اليوم الأخير اليوم الأحد لعطلة عيد الميلاد وبدء العد العكسي لاستقبال السنة الجديدة لا مغالاة في القول أن لبنان يبدو أمام واقع أشد صعوبة من أي وقت سابق من هذه السنة المشارفة على أيامها الأخيرة. وفي ظل الفشل الذي أسقط آخر المحاولات لتأليف الحكومة الجديدة قبل أيام تبدو التساؤلات الكبيرة عن الخط البياني الذي ستسلكه التطورات الداخلية بلا أي أجوبة بما يضاعف حالة الضياع والتخبط التي تطبع نهاية السنة وما إذا كان ممكناً بعد تعويم أي محاولة جديدة لتشكيل الحكومة بعد رأس السنة أم أن الأمور ذاهبة في نفق لا ضؤ في نهايته. هذا المناخ القاتم انعكس في الساعات الأخيرة بشكل واضح إذ انعدمت أي ملامح لتحركات سياسية داخلية جديدة من شأنها تحريك مسار تأليف الحكومة بعدما سادت مناخات سلبية للغاية بين بعبدا وبيت الوسط عقب انفجار السجالات الحادة بينهما قبل أيام كما أن الرهان على إعادة تحرك المبادرة الفرنسية عقب معاودة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نشاطه بعدما تعافى من إصابته بفيروس كورونا لا يمكن أن يستقيم إذا لم تظهر ملامح متغيرات حقيقية في موقف الفريق المعطل لتأليف الحكومة وهو أمر مشكوك فيه حتى اللحظة.
ذلك أن الجانب الأبرز في ما كشفه فشل المسعى الأخير لتأليف الحكومة وفق الأوساط المعنية بالتحركات التي سبقت وأعقبت الاجتماعين الثالث عشر والرابع عشر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في بعبدا يتمثل في ما صار ثابتاً لدى الكثيرين وهو أن التعطيل لا يتصل بموقف الفريق الرئاسي وحده ولو أنه المسبب المباشر إذ أن الوجه الآخر يتمثل في شراكة التعطيل مع “حزب الله” الذي لم يعد القريبون منه يخفون أن لا حكومة قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهماته في العشرين من كانون الثاني المقبل واتضاح اتجاهاته حيال الملف النووي الإيراني.
ولذا تعتقد الأوساط المعنية نفسها أن ما أعلنه نائب رئيس تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش من أن الفريق الرئاسي يسعى إلى دفع الرئيس الحريري إلى الاعتذار الذي لن يقدم عليه الحريري بطبيعة الحال هو واقع سياسي صحيح وفي ظل هذا الواقع تكبر المخاوف من تمادي فترة تعطيل تأليف الحكومة كما من الصعوبة القصوى للتعايش بعد تأليف الحكومة إذا حصل.
وإذ بدا واضحاً أن أي شيء جديد في مسار التاليف مستبعد تماماً قبل بداية السنة الجديدة بدليل مغادرة الرئيس الحريري إلى عطلة عائلية فإن الجانب المتصل بتداعيات الأزمة السياسية والأزمات الأخرى بدأ يأخذ الوهج والواجهة والأولية خصوصاً مع تنامي القلق من كارثة صحية تتسبب بها الأرقام المحلقة لأزمة انتشار كورونا في كل المناطق اللبنانية وتفاقم هذه الكارثة في ظل تسرب المصابين بالسلالة الفيروسية المتحورة الاتين من بريطانيا.
وإذ لوح وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي أمس بعد زيارته لبكركي إلى أن استمرار ارتفاع الإصابات سيفرض إقفالاً عاماً للبلاد لمرة جديدة بدا من المعطيات الوزارية والصحية والاستشفائية أن مطلع الأسبوع سيشهد جدلاً واسعاً في اللجنة الصحية المعنية باتخاذ التوصيات العاجلة للحكومة حول موضوعين: الأول وقف الرحلات الجوية بين لبنان وبريطانيا رغم التأخير الذي حصل والذي استعاد تجربة إبقاء الرحلات مع بلد موبؤ كما سبق أن حصل منذ تسلل الوباء إلى لبنان في شباط الماضي وحتى الآن. والثاني موضوع الإقفال العام وهل يحصل قبل رأس السنة أم بعده في ظل التصاعد الخطير في أعداد الإصابات وحالات الوفاة اليومية. وهو أمر يتصل أيضاً بالجانب المتعلق بالواقع الاقتصادي والمالي الذي سيفتح على الغارب إذا تجدد الاتجاه إلى الإقفال العام ولا سيما أن موضوع الدعم على السلع الأساسية لم يبت بعد بصورته النهائية وثمة معطيات تشير إلى أن حكومة تصريف الأعمال تسعى ما أمكن عبر رئيسها حسان دياب إلى إرجاء اتخاذ الإجراءات الموجعة ريثما تتألف الحكومة الجديدة لتنأى بنفسها عن مزيد من الارتدادات السلبية الشعبية عليها.