لم تكف إشارة يتيمة صدرت عن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في كلمة له امس، وتحدث فيها عن “جهود جادة وجماعية ” لتذليل العقبات المتبقية امام تشكيل الحكومة الجديدة، لتثبيت أي معطى إيجابي محتمل لكسر معادلة تعطيل التشكيل، لان المطلوب من السيد في نزع شراكة التعطيل مع العهد، لا يبدو انه سيتحقق في المدى القريب. ذلك انه فيما عاد كثيرون يراهنون على تحرك حذر و”منزوع الصوت” لرئيس مجلس النواب نبيه بري العامل على استمزاج المواقف المختلفة والمتناقضة للافرقاء المعنيين بتأليف الحكومة سواء في ما يتصل بالرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، او في ما يتصل بالشركاء الآخرين، فان ازدياد منسوب الحذر لدى بري وتجنبه حتى الان طرح مبادرة متكاملة بدا بذاته مؤشرا الى امتلاكه معطيات دقيقة عن استمرار الصعوبات والعقبات التي تعترضه كما اعترضت وأسقطت سابقا كل الوساطات الداخلية، وجمدت مفاعيل المبادرة الفرنسية. ويتردد في هذا السياق ان بري “الذي لدغ من الجحر مرات” ان من خلال جهوده ووساطاته الخاصة، او من خلال مراقبته لمصير وساطات الاخرين، لن يكون في وارد “الطحشة ” بوساطة كاملة المواصفات وعلنا ما لم يتحصن مسبقا هذه المرة بضمانات واضحة وثابتة من المعنيين الأساسيين بالتأليف، ويأتي في مقدم ذلك تعهد العهد وتياره باسقاط مسألة الثلث المعطل إسقاطا اسمياً وفعلياً بما يتيح البحث في توسيع التركيبة على معادلة ثلاث ثمانات بلا أي ثلث معطل لاي فريق، علما ان ثمة معطيات تشير الى ان بري ليس هو الذي طرح تركيبة الـ 24 وزيرا وانما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وان بعبدا لم تجب بعد على هذا الطرح وكذلك الرئيس الحريري.
الموقف الدولي
ولكن ما يتعين تسليط الأضواء عليه في خلفية التحرك الهادئ الذي يجري منذ أيام والذي تكثف على نحو ملحوظ غداة الاتصالات التي اجراها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بالرؤساء عون وبري والحريري، وإصداره بيانه الأخير الذي اكتسب أهمية استثنائية، هي المعطيات التي توردها “النهار” عن ان المجموعة الدولية التي تهتم بلبنان تبدي خوفا شديدا يكاد يلامس الذعر على الوضع في لبنان، وهي تاليا بدأت تستعد لاتخاذ اجراءات وخطوات في شأن معرقلي تشكيل الحكومة في لبنان في ظل نقاشات جدية تجريها الدول المعنية حول طبيعة هذه الاجراءات، وما اذا كانت تستطيع ان تفرض عقوبات على السياسيين الذين يعيقون الاتفاق على حكومة جديدة. وتفيد معلومات موثوقة ان هذه المجموعة، ولا سيما منها فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة ودول عربية عدة، تفكر وتناقش ما يمكنها القيام به من اجل دفع الامور في لبنان نحو مكان افضل ما يفيد تالياً ان كل الخيارات موضوعة على الطاولة لان هذه الدول لم يعد في استطاعتها ان تقف مكتوفة وتتفرج على وضع تعتبره خطيرا جدا فيما هناك اداء يرقى الى اللامسؤولية في تدمير البلد علما ان هذه الدول لا يمكنها كذلك ان تكون مكان المسؤولين اللبنانيين الذين يتعين عليهم القيام بما عليهم القيام به. مع ذلك فان الخيارات المطروحة امام هذه الدول تبدو مربكة ازاء نقاط من بينها اي خطوات يجب اتخاذها، وهل ينبغي فرض عقوبات، ومن ستشمل؟ علما ان هؤلاء المسؤولين انتخبهم الشعب اللبناني او فئات منه. وتاليا ما هي فاعلية هذه الاجراءات او العقوبات؟ وهل ستخلق دينامية مختلفة او ان ردود الفعل عليها ستؤدي الى تشبث هؤلاء بمواقفهم وتعقيد الوضع اكثر مما هو عليه حتى الان؟. (ص 2 و3)
وفي سياق المواقف الديبلوماسية من الازمة، اعلن القائم بالاعمال البريطاني مارتن لنغدن بعد لقائه امس رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب “اننا اتفقنا على الحاجة الملحة اكثر من أي وقت مضى الى حكومة جديدة قادرة على الإصلاح لكنني شددت أيضا على ان التحديات الحرجة في الوقت الحالي تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل كل من هم في موقع المسؤولية “.
بري .. ونصرالله
في أي حال لم يسجل على الصعيد الداخلي امس سوى لقاء بري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم العائد من باريس حيث تم عرض للاوضاع العامة والمستجدات الحكومية. وبينما الخلاف على حاله بين بعبدا وبيت الوسط حول وزير الطاشناق الذي يعتبره عون “مستقلا” في حين يحسبه الرئيس المكلف كجزء من “تكتل لبنان القوي”، لوحظ لقاء بري أيضا امس مع الامين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان.
في غضون ذلك اقتصر كلام السيد حسن نصرالله في كلمته امس عن الوضع الداخلي على إشارة مقتضبة الى الملف الحكومي فقال “لسنا في موقع اليأس فلا تيأسوا . الكل يجمع ان تشكيل الحكومة يضعنا على طريق الحل وخلال هذه الأيام هناك جهود جادة وجماعية للتعاون في محاولة لتذليل بقية العقبات امام تأليف الحكومة “. وأضاف “الكل يعلم ان البلد استنفد حاله ووقته وآن الأوان لوضع كل شيء جانبا والذهاب الى معالجة حقيقة الوضع”.
في غضون ذلك وفيما شهد وسط بيروت مساء امس مسيرة احتجاجية تطالب بالاستقالات الجماعية للرؤساء أعلن رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس أن “الاربعاء المقبل يوم اضراب عام وتحرك ومسيرات سيارة لقطاع النقل البري على كلّ الاراضي اللبنانية.