يكمن جوهر العمل النقابي في النضال لتحصيل حقوق العمال والطبقتين الفقيرة والمتوسطة، وهذا كان سبب إطلاق الحركة النقابية العمالية في لبنان منذ عقود. لكن لا شك ان العمل النقابي تراجع لمصلحة العمل السياسي والحسابات الفئوية والضيقة، وباتت النقابات في لبنان محكومة بالقرار السياسي، منحرفةً بذلك عن الخط النقابي العمالي.
إنطلاقاً من هذه النقطة، جاءت استقالة الحزب التقدمي الاشتراكي من الاتحاد العمالي العام، بهدف إجراء مراجعة ذاتية لممارسات السنوات الأخيرة، والانطلاق مجددًا ببرامج جديدة يكون هدفها واحد، العامل في لبنان. وفي السياق، كان الانسحاب من انتخابات نقابة المهندسين أيضاً، لإعادة تصويب بوصلة العمل النقابي الحزبي.
أما وعلى الصعيد السياسي، ورغم الحركة الدبلوماسية اللافتة التي بدأت مع انطلاقة شهر تموز وهي مستمرة حتى اليوم، إلّا أن شيئا لم يتغيّر في الستاتيكو القائم، فالتصلب سيّد الموقف ولا يبدو أن حلحلةً تلوح في الأفق، حتى ولو توجّه الرئيس المكلف سعد الحريري للإعتذار عن تشكيل الحكومة، فعندها الأزمة ستكبر، والهوّة ستتعمق بين طرفي النزاع، ومعاناة اللبنانيين ستتضاعف.
يزور الحريري مصر اليوم للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لوضعه في إطار التحركات التي صارت في الأيام الأخيرة، علماً أن مصر كانت أبرز الداعمين لتكليفه، ومن المتوقع أن يزور قصر بعبدا بعد العودة إلى بيروت لتقديم تشكيلة جديدة لرئيس الجمهورية، لكن لا شيء يوحي بأن جديداً سيطرأ ليوافق الأخير.
في هذا السياق، كشف عضو كتلة المستقبل النيابية بكر الحجيري أنه “كان من المفترض أن يتقدم الحريري بتشكيلة حكومية لعون بعد الاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على أسماء جديدة، وإذا رفضها عون يعتذر الحريري عن التشكيل، إلّا أن الجو الأوروبي والروسي والمصري الداعم للحريري وطروحاته قد يثني الأخير عن القيام بهذه الخطوة”.
وفي حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، رأى الحجيري أنه “وفي حال كان هناك إهتمام أوروبي جدي في لبنان، فقد يكون هناك شيئاً جديداً في الأيام المقبلة، وهي أيام ستكون حاسمة في ما يتعلق باعتذار الحريري من عدمه”.
ولفت الحجيري إلى أن “لا نية لرؤساء الحكومات السابقين لتسمية بديل لتكليفه بتشكيل الحكومة، وبري بدوره متمسك أيضاً بالحريري، وبالتالي وفي حال اعتذر الرئيس المكلف قد نكون أمام مرحلة صعبة يسودها الفراغ”.
على صعيد آخر، يواصل المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار عمله بصلابة، دون مواربة، وهو رفض طلباً نيابياً لتزويد مجلس النواب بمستندات وأدلة إضافية قبل اتخاذ المجلس قرارًا برفع الحصانة عن النواب الذين تم استدعاؤهم للتحقيق.
توازياً، يواصل أهالي ضحايا انفجار المرفأ تحركاتهم بهدف تشكيل ضغط على المعنيين لرفع الحصانة عن الشخصيات التي يريد القاضي بيطار الاستماع اليها، وكان لهم تحركاً غاضباً يوم أمس أمام منزل وزير الداخلية محمد فهمي.
في هذا الإطار، لفت الخبير القانوني انطوان صفير إلى أن “النظام الداخلي في مجلس النواب واضحٌ لجهة أن هيئة مكتب المجلس ولجنة الادارة والعدل النيابية لهما الحق بالاطلاع على نبذة عامة عن موضوع التحقيق، أما الاطلاع على مختلف التفاصيل فهذا عني تعرضاً لسرية التحقيقات وبالتالي لا يجوز”.
وفي اتصال له مع جريدة “الأنبـاء” الإلكترونية، أشار صفير إلى أن هناك “مهلة 15 يوماً من أجل درس الملف، على أن يرسل إلى الهيئة العامة في مجلس النواب من أجل اتخاذ القرار”. وفي هذا السياق، شدد صفير على وجوب التوجه إلى رفع الحصانة.
أما وبالنسبة لاستدعاء اللواء عباس ابراهيم ورفض وزير الداخلية محمد فهمي اعطاء الاذن بملاحقته، ذكر صفير أن ”النائب العام التمييزي يأخذ القرار لجهة رفض قرار فهمي أو قبوله، أما وفي حال لم يتخذ النائب العام المذكور قراره بعد مرور 15 يوماً، فيُعطى إذن الملاحقة حكماً”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : “الاشتراكي” يصوّب العمل النقابي… وبين الاعتذار وعدمه معاناة اللبنانيين تتضاعف