“العبرة في التأليف”. هذا سيكون عنوان المرحلة. تخطّى اللبنانيّون مرحلة التكليف والاستشارات النيابية الملزمة وغير الملزمة، وعينهم من الآن وصاعداً على مسار عملية تشكيل الحكومة، فهي الامتحان الأساسي أمام الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي.
مقاربة الملف من منظارٍ مختلف ضرورة حتى لا يستعيد الخلف تجربة السلف ويختبر المصير نفسه. ولا يكون ذلك إلّا عبر انتهاج مسار تسووي مع رئيس الجمهورية وفريقه، الذي يقع على عاتقه مسؤولية خفض سقف الشروط.
زار ميقاتي أمس قصر بعبدا بُعيد الانتهاء من الاستشارت النيابية غير الملزمة، وقد استعرض مع رئيس الجمهورية تصوّره لتشكيلة الحكومة، وكشف أنّ الآراء متطابقة إلى حدٍ كبير، وولادة الحكومة قد تكون في غضون أيام، بعد تكثيف الزيارات إلى قصر بعبدا.
الأجواء الإيجابية التي أشاعتها صالونات السياسة في اليومين الأخيرين انعكست انخفاضاً غير طبيعي في سعر الصرف، وهو ما يؤكّد المؤكّد: السياسة تتحكّم بكل شيء، ومنها تنطلق الحلول الاقتصادية والاجتماعية، ما يزيد من حجم المسؤولية الملقاة على الأطراف الأساسية في البلد، والمعنيّة إمّا مباشرة عبر عملية التأليف، أو بشكلٍ غير مباشر عبر تسهيل العملية والابتعاد عن الشروط والعراقيل.
وكما هو ارتفاع سعر صرف الدولار إلى حدود جنونية اصطناعي، فان الإفراط في التفاؤل هو أيضاً اصطناعي، وقد يعود على اللبنانيين بالسوء. فالبدايات دائماً جميلة، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل. وفي حال غابت نوايا التسهيل عن فريق رئيس الجمهورية، فإنّ أي تغييرٍ في أسلوب ميقاتي لن يخوّله التشكيل إلّا وفق الشروط التي يريد فرضها الفريق الأول، والتي سبق أن رفضها الرئيس سعد الحريري سابقاً، ومن غير المفترض أن يسير بها ميقاتي في الوقت الراهن.
في هذا السياق، لفتت مصادر سياسية إلى وتيرة الاتصالات السريعة التي تشهدها عملية تشكيل الحكومة، والتي تهدف إلى التأليف بأسرع وقت. وما زيارة ميقاتي إلى قصر بعبدا بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة يوم أمس، ووعده بأنه سيلتقي رئيس الجمهورية كثيراً، إلّا خير دليل.
وأشارت المصادر عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ الحكومة ستكون مؤلفة من 24 وزيراً، جميعهم بالمبدأ من الاختصاصيين.
من جهته، تمنّى عضو تكتل “لبنان القوي”، النائب مصطفى حسين، أن تكون عملية تشكيل الحكومة سريعة، على أمل أن تستعيد الدولة دورها، وتعود المؤسّسات إلى العمل بانتظام.
ورداً على احتمال وجود تبدّل أو تغيّرٍ في إنجاز عملية التأليف بين ميقاتي والحريري، لفت حسين في اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ، “الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن وجود تغيّرٍ في طريقة التعاطي من عدمه. ولكن حتى الآن نسمع عن وجود تعاونٍ في ما بينه ورئيس الجمهورية، الذي بدوره يرحّب بهذا الأمر”.
وحول تحديد موعد لولادة الحكومة، وما إذا كانت قد تتشكّل قبل 4 آب، ذكر حسين أن المهم أن تتشكّل في أقرب وقت لأن الناس لم تعد تحتمل.
على خطٍ آخر، برز في ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت اقتراح للرئيس سعد الحريري وكتلة المستقبل النيابية، يقوم على تعليق مختلف المواد الدستورية والقانونية التي تمنح الحصانات، أو أصول خاصة بالمحاكمات لرئيسَي الجمهورية والحكومة، والوزراء، والنواب، والقضاء والموظفين، ليصبح الجميع سواسية أمام المحقّق العدلي، طارق بيطار.
عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب محمد نصرالله، علّق على الاقتراح لافتاً إلى أن (الاقتراح)، “وحده لا يمكنه إيصالنا إلى الحقيقة، بل قد يكون ضمن جملة أنشطة مطلوبة لكشف الحقيقة، منها توحيد المرجعية القضائية مثلاً”.
وفي حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، ذكر نصرالله أن، “الأصول الدستورية لتطبيق الاقتراح تقتضي برفعه كاقتراح لمجلس النواب، على أن تتم إحالته إلى اللجان المختصة، ومن ثمّ الهيئة العامة للتصويت عليه”.
الخبير القانوني إدمون رزق شدّد على، “وجوب رفع كل الحصانات عن الجميع، وإزالة كل العوائق التي تحول دون الوصول إلى الحقيقة وتوفير العدالة، خصوصاً في ظل حالة التسيّب التي تشهدها الدولة التي سقطت بسبب عدم أهلية من يتولّاها فكرياً أو مهنياً”.
وأسف رزق في الوقت نفسه لـ”حالة النكول المطلق التي يختبرها الدستور، لجهة عدم حمايته، أو الالتزام به وتهميشه”، لكنه ذكر أنّ أهمّ شيء في الدستور هو روحه، والتي تتيح المساءلة المباشرة والتخلّص من كل الأسباب التي قد تشكّل أي عراقيل”.