تقدمت المواجهات “الدائرية” الداخلية التي يخوضها “حزب الله” في اتجاهات متعددة في مواكبة المواجهة العسكرية المحدودة التي خاضها مع إسرائيل قبل أيام واجهة المشهد الداخلي بحيث طغت على “نومة اهل الكهف” المتصلة بملف تشكيل الحكومة التي تنتظر مزيدا من الجولات المتهادية على إيقاع الهبات الباردة والحارة المملة في “مفاوضات بعبدا” .
واذا كانت جولة تبادل القصف بين إسرائيل و”حزب الله” أدت الى تفتق ظاهرة الاعتراض الأهلي في شويا على القصف الصاروخي للحزب وقيام عدد من أهالي البلدة بمصادرة راجمة الصواريخ بما تسبب بتداعيات مباغتة وذات دلالات بارزة لهذه الجهة فان كلمة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله غداة هذا الحادث اسفرت عن واقع ان الحزب يواجه مجموعة إشكالات بل مواجهات داخلية دفعة واحدة الامر الذي يوجب معاينته بدقة نظرا للتداعيات التي ستترتب عليها.
فالحزب الذي يقلل من حجم الاعتراض الذي واجهه في شويا انبرى عبر سيده الى تسديد “صليات” جديدة من الاتهامات بالتسييس للمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت ابرزها عدم اتباع معايير موحدة والغمز من قناة الاتهام بالتواطؤ مع شركات التأمين أيضا . واذا تجاوزنا مسالة خلدة على رغم دلالات عودة السيد نصرالله اليها في عز حمأة الاحتدام حول اخطار المواجهة مع إسرائيل فسيكون من غير الممكن تجاهل الهجمة اللاذعة والعنيفة لانصار الحزب امس على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد وقت قصير من عظته التي رفض فيها توريط لبنان في حرب مع إسرائيل ودعا الجيش اللبناني الى منع اطلاق الصواريخ من الجنوب .
ووسط نومة اهل الكهف في الدولة وتعاميهم عن مجريات بالغة الخطورة تجري تحت أنظارهم ومن دون أي تأثير لوجودهم ، بدا من الصعوبة الكبيرة اطلاق التوقعات حول عملية تاليف الحكومة وما اذا كان كلام الإيجابيات الذي انتهت عليها لقاءات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيكون قابلا عمليا للترجمة القريبة ام ان مماحكات التاليف قد عادت الى سابق عهدها كما انتهت اليه قبيل اعتذار الرئيس سعد الحريري . وفي اعتقاد أوساط متابعة ووثيقة الصلة بالأجواء التي واكبت اللقاءات الستة بين عون وميقاتي ان أسبوعا على الأكثر سيكون فترة كافية وحاسمة لاستكشاف ما اذا كان قرار الحكم قد تغير مع ميقاتي وتاليا فان حلحلة العقد تغدو معقولة وواردة بما يفصح عن كلمة سر من شانها ان تطلق الحكومة الجديدة من أسرها .
او ان تمضي الفترة ولا يسجل أي جديد إيجابي فعلا وتبقى عملية التأليف قيد الشروط والعقد والمطالب المتشددة وعندها سيحصل التثبت اكثر من توزيع إدوار بين العهد وحزب الله لدوافع تتقاطع عند تعطيل تاليف الحكومة الجديدة كما فعلوا مع سعد الحريري . ومع ان أي جديد معلن لم يبرز في الملف الحكومي يبدو ان عدم الاتفاق بعد على موعد اللقاءالجديد بين الرئيسين عون وميقاتي لا يشكل مؤشرا عاجلا على تحرك استثنائي للسلطة وربما تتفاقم الأمور في اتجاهات اكثر سلبية .
نصرالله
الراعي .. والحملة!
وجاء الرد الأبرز على القصف الصاروخي للحزب من الجنوب على لسان البطريرك الراعي امس اذ قال : “إننا نقف إلى جانب أهلنا في الجنوب لنشجب توتر حالة الأمن. وقد سئموا -والحق معهم- الحرب والقتل والتهجير والدمار. وفيما ندين الخروقات الإسرائيلية الدورية على جنوب لبنان، وانتهاك القرار الدولي 1701، فإننا نشجب أيضا تسخين الأجواء في المناطق الحدودية انطلاقا من القرى السكنية ومحيطها. كما لا يمكننا القبول، بحكم المساواة أمام القانون بإقدام فريق على تقرير السلم والحرب خارج قرار الشرعية والقرار الوطني المنوط بثلثي أعضاء الحكومة وفقا للمادة 65، عدد 5 من الدستور” .
وأضاف “صحيح أن لبنان لم يوقع سلاما مع إسرائيل، لكن الصحيح أيضا أن لبنان لم يقرر الحرب معها، بل هو ملتزم رسميا بهدنة 1949. وهو حاليا في مفاوضات حول ترسيم الحدود، ويبحث عن الأمن، والخروج من أزماته، وعن النهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردودا إسرائيلية هدامة. ونهيب بالجيش المسؤول مع القوات الدولية عن أمن الجنوب بالسيطرة على كامل أراضي الجنوب وتنفيذ دقيق للقرار 1701 ومنع إطلاق صواريخ من الأراضي اللبناني لا حرصا على سلامة إسرائيل، بل حرصا على سلامة لبنان. نريد أن ننتهي من المنطق العسكري والحرب واعتماد منطق السلام ومصلحة لبنان وجميع اللبنانيين “.
وغرّد ناشطون عبر استخدام هاشتاغ “راعي_الانحياز” “وراعي_الاستسلام”، حيث اعتبر بعضهم أنّ مواقف رأس الكنيسة المارونيّة لا تختلف عن مواقف الدولة العبريّة. كذلك، اصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بيانا اعتبر فيه “أن الراعي يتعامى عن مئات المجازر والاعتداءات المتكررة من العدو، ويضع الحجة على من حمل السلاح لرفع الظلم وتحرير أرضه من رجس عصابات الاستيطان والاقتلاع وتزوير التاريخ والدين”. وأشار الى أن “لا الهدنة مع العدو أتت بحماية للبنان، ولا الحياد خيار أصحاب الحق، بل خيار المستسلمين. وبلا شك، فإن رعاية الفساد والتنعم بالمغانم بينما تئن الرعية تحت نير الجوع والعوز، لا تنقذ البلاد من نير التبعية، ولا الاستثمار بدماء أبرياء المرفأ يعيد الى لبنان دوره وحيوته. بل قوته، وقوته فقط هي السبيل الوحيد لاستعادة السيادة والدور والوصول إلى التطور والرقي”.
غير أن الرئيس ميشال سليمان رد على المتحاملين عبر صفحته على “تويتر” قائلا: “الاساءة الى البطريرك الراعي ترتد على اصحابها، ولن تؤدي الا الى مزيد من التأييد له خارجياً وداخلياً من المواطنين الشرفاء الذين يؤمنون بلبنان فقط وقبل كل شيء
مسيرة
وسط هذه الأجواء نظّم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت مسيرة احتجاجية تحت عنوان “كلنا ضحايا والمجرم واحد”، انطلقت من أمام مبنى صحيفة “النهار” بإتجاه مدخل رقم 3 للمرفأ، للمطالبة بكشف الحقيقة ورفع الحصانات، وجدّدوا المطالبة بتحقيق العدالة ومحاسبة المتسبّبين بالفاجعة. وخرجت نعوش من حرم مرفأ بيروت في المرحلة الثانية للمسيرة التي نظمها الاهالي وتوجهوا بها بإتجاه منطقة مار مخايل.
وتطرّق محتجون شاركوا الأهالي مسيرتهم إلى مواضيع عدّة أبرزها الفساد وسرقة أموال المودعين والهدر في وزارة الطاقة وغيرها. كما طالبت لجنة عائلات المخطوفين والمفقودين في لبنان قضية المفقودين في السجون السورية.