“اسم الشخص المطلوب إحضاره: السيد حسان بهاء الدين دياب،
مهنته: رئيس الحكومة اللبنانية،
محل إقامته: السراي الحكومي،
صفته بالدعوى: مدعى عليه،
الموعد الذي يجب إحضاره فيه: الاثنين 20/9/2021… كل مأمور قوة مسلحة مكلّف إحضار الشخص المدرج اسمه أعلاه إلى دائرة المحقق العدلي لاستجوابه بشأن انفجار مرفأ بيروت”.
بهذه الصيغة الأشبه بملصقات “Wanted”، باغت المحقق العدلي القاضي طارق بيطار رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، كاسراً كل المحظورات والمحاذير الرئاسية والسياسية والطائفية والمذهبية، فأصدر “ورقة إحضار” بحق دياب بصفته “مطلوباً” للعدالة بعدما تمنّع عن الحضور أمامه أمس بذريعة أنّ “المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع الصالح” في استجوابه، فاختزن طلب بيطار “إحضاره” إلى جلسة 20 أيلول، مع ما يعنيه ذلك قانوناً من “الاستعانة بالقوى الأمنية لجلبه جلباً إلى الجلسة قبل 24 ساعة من موعد انعقادها”، تأكيداً من المحقق العدلي على أنه “مستمر في التحقيق حتى النهاية وكل التهويل لن يثنيه عن اتمام عمله”، وفق تعبير مصادر مواكبة للقضية، كاشفةً أنّ بيطار “بصدد اتخاذ المزيد من الاجراءات المتلاحقة في الأيام المقبلة، وإذا لم يحضر دياب جلسة أيلول فإنّ الخطوة التالية ستكون تسطير مذكرة توقيف بحقه”.
وإذ نفت وجود “أي أبعاد سياسية أو طائفية تتحكم بمسار قرارات المحقق العدلي”، شددت المصادر على أنّ بيطار لم يتخذ الإجراء نفسه بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس “لأنه لم يتثبّت بعد من تبليغه، بينما دياب تبلّغ وتخلّف عن الحضور”، آخذةً في هذا السياق على الأخير أنه “أكد تبلّغه عبر واقعة تبريره مسببات رفضه المثول أمام القضاء، وتمسكه بعدم جواز مساءلته إلا أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”. كما لفتت في سياق متصل، إلى أنّ بيطار عازم على استكمال ملاحقة كل من المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا وللأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وأكدت أنه “سيعيد الكتاب الذي تلقاه من المجلس الأعلى للدفاع رفضاً لملاحقة صليبا باعتباره “قام بواجباته ولا معطيات توجب ملاحقته”، وفق ما جاء في كتاب المجلس إلى النيابة العامة التمييزية، بحيث سيعمد بيطار إلى تجديد الطلب من النيابة منح الإذن لملاحقته وفق المادة 60 من قانون الموظفين، وهو المسار نفسه الذي كان قد سلكه إزاء ابراهيم والذي انتهى إلى عدم إعطاء الإذن بملاحقته.
وفي المقابل، رفع رؤساء الحكومات السابقون “لاءات ثلاثا” في مواجهة المحقق العدلي تحت شعار “لا للعدالة الانتقائية، لا للقضاء المسيّس، لا للتعرض لرئاسة الحكومة دون غيرها من الرئاسات والمراكز”، وأعربوا عن رفضهم إصدار “ورقة إحضار” بحق دياب باعتبارها “سابقة خطيرة بكل الأبعاد السياسية والوطنية والدستورية، وتنم عن إجراء غير بريء لينال من موقع رئاسة الحكومة دون سواها من المواقع العليا في الدولة اللبنانية التي يشار اليها نهاراً جهاراً بمسؤولية وقوع هذه الجريمة”، وخصّوا بالذكر تحديداً “الرئيس ميشال عون الذي اعترف شخصياً بأنه قد علم بوجود الأمونيوم في عنابر مرفأ بيروت قبل خمسة عشر يوماً من تاريخ التفجير المريب (…) وبالتالي فقد تقاعس فخامته وامتنع عن القيام بأي عمل للحؤول دون حصول تلك الكارثة”. ليخلصوا إلى وضع خطوة بيطار في خانة متقاطعة “مع محاولات لم تتوقف من سنوات للانقلاب على اتفاق الطائف وكسر هيبة رئاسة الحكومة وتطويق مكانتها في النظام السياسي”، مع اعتبار هذه “الإهانة العلنية لموقع رئاسة الحكومة، إعلاناً مفضوحاً عن إدارة ملف التحقيق العدلي من أروقة قصر بعبدا”.
أما في الزاوية الحكومية من أروقة بعبدا، فقد أضاف اللقاء الثالث العشر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف نجيب ميقاتي مزيداً من الأجواء الضبابية في فضاء التأليف، لا سيما وأنّ اعتصام ميقاتي بالصمت إثر اللقاء خلّف وراءه تحليلات وتأويلات متضاربة لمجريات المشاورات الرئاسية، الأمر الذي رأت فيه مصادر مواكبة للاتصالات “تجسيداً للتخبط الحاصل في استشراف آفاق المشهد الحكومي”، معربةً عن قناعتها بأنّ الرئيس المكلف بدأ “يلعب راهناً في الوقت الضائع محاولاً تسجيل هدف التأليف في اللحظات الأخيرة بعد انتهاء الوقت الأصلي من عمر التكليف بنتيحة تعادل سلبي”.
وإذ اكتفت الأوساط المقربة من ميقاتي بتأكيد انفتاحه على “تعديلات طفيفة بالأسماء لا تمسّ أسس التوزيع الطائفي للحقائب” في مسودة التشكيلة الوزارية التي طرحها على عون أمس، حرصت مصادر مقربة من دوائر الرئاسة الأولى في المقابل على الاستمرار في سياسة ضخ الأجواء الإيجابية باعتبار أنّ لقاء بعبدا أمس أطلق “العد التنازلي للتأليف”، ونقلت أنّ “الأمور اتخذت العجلة والتسريع، بعدما حمل ميقاتي مقترحاً مكتملاً بالحقائب والأسماء، استناداً لما جرى تثبيته في اللقاءات السابقة ووفقاً لما حصل من تبديل في حصص بعض القوى السياسية وتحديداً “تيار المردة”، الذي انتقل في مطالبه من الموافقة على وزيرين ماروني وأرثوذكسي أو كاثوليكي الى مطلب الحصول على وزيرين مارونيين”، موضحةً أنّ “هذا الأمر فرض تغييراً في خريطة توزيع الحقائب، بعدما طرح الوزير السابق سليمان فرنجية عبر موفده النائب فريد الخازن إسم الإعلامي جورج قرداحي لحقيبة الإعلام من حصته، والانتقال بالتالي الى المطالبة بحصة من مارونيين”.
ولم تستبعد المصادر أن يعود الرئيس المكلف اليوم إلى قصر بعبدا لاستكمال المشاورات مع عون، مشيرةً إلى أنّ “بعض الاسماء تم تثبيتها وبقي هناك أسماء تحتاج الى مزيد من الدرس، على أن يعكف كل من عون وميقاتي خلال الساعات المقبلة على درس السير الذاتية للأسماء البديلة وتحديد الموقف منها”، ولفتت إلى أنّ “من بين الحقائب التي جرى اقتراح أسماء بديلة لها، حقيبة الداخلية بعدما أعلن اللواء ابراهيم بصبوص رغبته بعدم التوزير، والشؤون الاجتماعية والعدل والاقتصاد، بينما اسم سعادة الشامي من حصة “الحزب السوري القومي” باتت نسبة تثبيته مرتفعة لتولي موقع نائب رئيس الحكومة”.