كما كان متوقعاً، تقدّم الوزير السابق يوسف فنيانوس، المُدعى عليه في قضية انفجار مرفأ بيروت، بدعوى ارتياب مشروع ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار أمام الغرفة السادسة من محكمة التمييز التي ترأسها القاضية رندة كفوري. نص الدعوى التي تقدّم بها الوكيلان القانونيان لفنيانوس، نزيه الخوري وطوني فرنجية، أشار إلى جملة من الأسباب التي تبرّر التقدّم بهذا الطلب، من بينها: “مخالفة الدستور (المواد 70 و71) مُعطياً لنفسه صلاحية الادعاء والتحقيق”، كما عمد الى تحريك دعوى الحق العام “والادعاء بصورة استنسابية بحق خمسة أشخاص فقط؛ من بينهم طالب النقل دون باقي الأشخاص الواردة أسماؤهم في كتابه، واستمر بالملاحقة على غرار سلفه مخالفاً بذلك النصوص الدستورية والقانون 13/1990. كما خالفَ مطالعات النيابة العامة التمييزية التي قدمتها والتي يتبيّن من خلالها أن الصلاحية في ملاحقة الرؤساء والوزراء إنما تعود للمجلس الأعلى وليس للقضاء العادي”. وفي ما يتعلق بالدفوع الشكلية “خالف القاضي قانون تعليق المهل، واتخذ قراراً قبل إبداء النيابة العامة التمييزية الرأي فيها، متذرعاً بأنه غير ملزم برأيها”. كما أشارت الدعوى إلى “مخالفات ارتكبها المحقق العدلي بطريقة التبليغ (شكلاً وتوقيتاً)، بالإضافة إلى مخالفات ارتكبها في قانون تنظيم المحاماة، وتحديداً المادة 79 التي تمنع الملاحقة الجزائية بحق أي محام قبل الاستحصال على إذن بالملاحقة من نقيب المحامين”، وتطرقت إلى “الانتقائية والاستنسابية بحصر الادعاء والتعمية على بعض المعطيات وتجاهلها”.
وبحسب المعلومات، يفترض أن تلحق بدعوى فنيانوس دعويا ردّ سيتقدّم بهما الوزيران السابقان علي حسن خليل ونهاد المشنوق. كما يستعد رئيس الحكومة السابق حسان دياب للتقدم بطلب تنحية البيطار لعدم الصلاحية.
المشنوق أشار أمس، بعد اجتماع طويل مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الى “أننا سنواجه بالدستور وبالقانون وبالسياسة. فليسمح لنا البيطار، هذا كثير. وهذه مسألة لا تحتمل شدّ العضلات، ولا يزايدنّ أحدٌ علينا. كلّ واحد يروق ويعرف وين قاعد”. وعدّد المشنوق 7 أسباب لارتيابه المشروع من “تنفيذ البيطار أجندة سياسية، بعيداً من الدستور والقانون والمنطق”، قبلَ أن يوجّه اتهاماً الى المحقق العدلي بأنه “يأتمر من المستشار الرئاسي سليم جريصاتي”. وذكّر بتهديد جريصاتي له قبل عامين، “بأنّني سأدفع الثمن غالياً لأنني تصدّيت لكلام النائب جبران باسيل من البقاع حين هاجم السنية السياسية”.
في غضون ذلك، واكبت الاتصالات السياسية المسار القضائي، إذ التقى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، وهو ما لم ينفه مقربون من الأخير ولم يؤكدوه. لكنهم أشاروا إلى أن “قبلَ الدعاوى التي يرفعها الوزراء ضد القاضي، فإن هناك صلاحية دستورية لا يستطيع لا البيطار ولا غيره أن يتجاوزها، وهناك مواد دستورية تنص على أن مجلس النواب هو المرجعية التي لها صلاحية ملاحقة الوزراء والنواب”.
وعلمت “الأخبار” أنّ البيطار بعد اجتماعه بوزير العدل هنري خوري الذي أبلغه أنه سيتابع كل ما يتعلق بأمنه الشخصي وبمتابعة ذلك مع المراجع القضائية المختصة كي يُبنى على الشيء مقتضاه، أعدّ تقريراً شرح فيه كيفية تلقيه رسالة مسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، وأحاله مختوماً إلى المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي لم يطلع عليه بعد. وقد سُلّم كتاب البيطار الى النيابة العامة التمييزية ممهوراً بعبارة “شخصي وخاص”.