لا “الاستفزاز” الذي شعر به أهالي شهداء 4 آب جراء تهديدات الأمين العام لـ”حزب الله” العلنية للمحقق العدلي في قضية أبنائهم وتأكيداته الجازمة بأنهم “لن يصلوا معه إلى الحقيقة”، ولا “التنبيه الأوروبي” المتجدد أمس لأركان السلطة اللبنانية بوجوب “تمكين التحقيق والسماح بالمضي في الإجراءات القانونية من دون أي تدخل، وصولاً إلى إعطاء إجابات تتمتع بالمصداقية عن الأسباب التي أدت إلى وقوع الانفجار ومحاسبة المسؤولين عن هذه المأساة”، ولا إعراب الخارجية الأميركية مساءً عن “رفض ترهيب” القاضي البيطار واعتبارها أنّ ”إرهاب حزب الله يقوّض السيادة اللبنانية” وأنه “مهتم بمصالح إيران أكثر من مصلحة لبنان”… لا هذا ولا ذاك حرّك “شعرة” في رأس السلطة، بل زادت رأسها “دفناً في الرمال” تهرباً من مسؤولياتها في الذود عن سيادة القانون وصون استقلالية القضاء في البلاد.
وإنفاذاً لرغبة السيد حسن نصرالله بفرض بند “قبع البيطار” على طاولة مجلس الوزراء، ”تكركب” جدول أعمال جلسة بعبدا أمس مع مسارعة وزير “حركة أمل” القاضي محمد مرتضى، فور افتتاح الجلسة، إلى فرض الموضوع بنداً أولَ على جدولها معكّراً بذلك صفو الأولويات “التحاصصية” في التعيينات، فأسهب بالأصالة عن “أمل” وبالنيابة عن “حزب الله” و”المردة”، في تقديم مطالعة “سياسية” تتحامل على أداء المحقق العدلي وتطالب حكومة “معاً للإنقاذ” باتخاذ موقف للإطاحة بالبيطار وإنقاذ المتهمين المدعى عليهم من كماشة ملاحقاته واستدعاءاته.
وإذ بدا رئيس الجمهورية ميشال عون محرجاً في الجلسة، تتخطفه من جهة النزعة إلى الاستجابة لرغبة حليف العهد راعيه الأساسي، ومن جهة أخرى الخشية من ركوب موجة ”حزب الله” في مواجهة “تسونامي” المزاج المسيحي الجارف دعماً للتحقيق في جريمة المرفأ، بادرت مصادره ليلاً إلى تسريب أجواء “التمايز” في الموقف مع “حزب الله” إزاء كيفية مقاربة ملف المحقق العدلي، بينما كان وزير العدل هنري الخوري قد حاول تبريد اندفاعة وزراء الثنائي الشيعي خلال جلسة بعبدا عبر التنبيه إلى ضرورة احترام “مبدأ فصل السلطات وعدم قدرة مجلس الوزراء على التدخل في عمل القضاء”، فاحتدّ النقاش على إثرها ليبلغ مستوى تلويح وزراء الثنائي بخيار الانسحاب من مجلس الوزراء، فطلب رئيس الجمهورية، بعد سلسلة اتصالات جانبية جرت على هامش انعقاد مجلس الوزراء، إرجاء البت بالموضوع 24 ساعة على أن تعود الحكومة للانعقاد اليوم وبحث المخارج المناسبة.
وعشية انعقاد جلسة بعبدا اليوم، رفع النائب علي حسن خليل منسوب الحماوة تحت أرضية الحكومة مؤكداً مساءً في أول إطلالة إعلامية له بعد تسطير المحقق العدلي مذكرة توقيف غيابية بحقه، قبيل تبلغ دعوى الرد الجديدة المقدمة ضده ورفع يده مجدداً عن الملف، أنّ وزراء الثنائي الشيعي لن يقبلوا إلا بوضع قضية القاضي البيطار “بنداً أولَ” على جدول الأعمال الحكومي، معيداً التهديد الذي سبقه إليه الوزير مرتضى صراحةً خلال جلسة بعبدا الأمس، بإمكانية “تحريك الشارع” ضد المحقق العدلي في حال عدم إيجاد الحل المناسب لتنحيته من داخل المؤسسات.
وعلى قاعدة “عليّ وعلى خصومي”، بعدما أضحى “مطلوباً” للعدالة، فضح خليل ”الازدواجية” العونية في ملف الحصانات، مؤكداً أنّ ما يعلنه رئيس الجمهورية في العلن عن تأييده رفع الحصانات عن المدعى عليهم في قضية انفجار المرفأ، يخالفه في المقررات السرية للمجلس الأعلى للدفاع، في إشارة إلى تحصّن المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا بـ”فيتو” بعبدا ومنع إعطاء الإذن للمحقق العدلي بملاحقته.
في هذا الإطار، وكما كان متوقعاً، أعاد المجلس الأعلى للدفاع الذي عقد أمس برئاسة عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، التأكيد على موقفه نفسه السابق في رد طلب القاضي البيطار وعدم إعطائه الإذن بملاحقة صليبا. ونقل مصدر واسع الاطلاع لـ”نداء الوطن” أنّ ”المجلس الاعلى للدفاع الذي يتبع إليه جهاز امن الدولة، عندما رد طلب إذن ملاحقة اللواء صليبا في المرة الأولى، ومن ثم أمس، فإنه برر قراره “بوجوب تصحيح البيطار نصّ طلبه بحيث لا يكون الإذن بملاحقة اللواء صليبا بصفته مدعى عليه، إنما استجوابه كشاهد، وهذا لم يحصل نظراً لكون المحقق العدلي أصرّ على ملاحقته كمدعى عليه”.
الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : خليل “مطلوب” ويفضح “الازدواجية” العونية: صليبا يتحصّن ببعبدا ”قبْع البيطار” بند أوّل: “معاً لإنقاذ” المتّهمين!