لا تكاد تخرج نفحة أمل على اللبنانيين بانتهاء أزمةٍ، حتى تعاجلهم أزمة أخرى من حيث لا يدرون. فبعد جولة مكوكية قام بها البطريرك مار بشارة الراعي على الرؤساء الثلاثة، كاشفاً عن التوصل إلى حل يقضي بإنهاء الأزمة السياسية التي شلّت البلد بسبب ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت وما تلاها من أحداث في الطيونة، حتى فجّرت تصريحات وزير الإعلام امتعاضاً دبلوماسيا في دول الخليج العربي عكستها أجواء المصادر العربية التي تحدثت عن أزمة دبلوماسية.
وفي حركة البطريرك الراعي تبلورت تسوية أفضت إلى الوصول لاتفاق يقضي بألا يخرج أحد منكسراً بعدما تم رفع السقوف إلى أعلى الحدود ووصل الجميع إلى نقاط اللاعودة. الراعي أعلن عن عودة اجتماعات الحكومة بضوء الحل المذكور، في حين كان رئيس الجمهورية ميشال عون قال إن لا انعقاد للجلسات الحكومية قبل التوصل إلى حل، وبالتالي، فإن جلسات مجلس الوزراء ستكون رهن الحل الوحيد الموجود حالياً والذي يتضمن الاستعانة بمجلس النواب ومجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، على أن يبقى المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في موقعه، ويحقق مع الجميع باستثناء الوزراء.
هو طرح قديم جديد كان قد تقدم به رئيس مجلس النواب نبيه بري وطالب فيه الوزراء المعنيون بالملف، إلّا أنه اصطدم حينها برفض القاضي طارق البيطار للطرح وإصراره على استدعاء الوزراء الأربعة السابقين، كما وبرفض عدد من الكتل النيابية التي تعتبر أن التوجه نحو مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء هو هروب من التحقيق، كما وبرفض أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذين يصرون على أن ياخذ التحقيق العدلي مجراه. وعليه لا يُمكن الحديث بعد عن أن حلاً كاملاً قد أُنجز، بانتظار ما سيقرره مجلس النواب لجهة انشاء هيئة اتهامية أو إحالة المعنيين إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبانتظار مواقف الكتل النيابية، والقاضي البيطار والأهالي.
مصادر حركة أمل علّقت على جولة الراعي، بالإشارة إلى أن “الأمور لا زالت في مرحلة تلمّس أول الطريق، فالمطلوب كخطوة أولى كسر الجليد الحاصل منذ أسبوعين، إذ إن الاتصالات كانت معطلة، ولم يكن هناك أي بوادر حل أو نوافذ أفق، والحراك الحالي قد يتمكن من إزالة بعض الجليد الذي تكوّن بين مختلف الأطراف”. وقالت المصادر لجريدة “الأنباء” الالكترونية إن “ما من حل يحظى بإجماع، ولكن هناك حل يمثل الحد الأدنى من اعتبارات كل طرف، ونتمنى أن يكون الحل سريع “مبارح قبل اليوم”، ومن المؤكّد أن أحداً لا يعترض على الحل الذي يحمي البلد ويحفظ كرامات الناس ويمنع الانزلاق نحو المخاطر”.
وإلى أزمة أخرى، هي أزمة النقل العام، والتي كان اللبنانيون على موعد مع إضراب عام بسببها اليوم، الا أن المساعي المستمرة أدت إلى إعلان رئيس اتحادات ونقابات النقل البري في لبنان بسام طليس تعليق التحركات التي كانت مقررة اليوم بعد اجتماع وزاري في السراي، تلقى فيه وعدد من النقابيين وعوداً بإطلاق خطة النقل العام.
طليس كشف في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية أن “الأول من كانون الأول 2021 هو تاريخ إطلاق خطة النقل التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع اليوم، والتي تقوم على دعم السائقين بصفائح بنزين ومازوت بأسعار مخفّضة، 100 الف ليرة لصفيحة البنزين و70 الف ليرة لصفيحة المازوت، على أن يتم منح السائقين مبلغاً وقدره 500 الف ليرة شهرياً، كما ودمجهم ضمن الفئات المستفيدة من البطاقة التمويلية، بالاضافة إلى اعفاء السائقين من رسوم الميكانيك، ومكافحة العمالة غير الشرعية في هذا القطاع”.
ورداً على سؤال حول طول الفترة الزمنية حتى الأول من كانون الأول وعدم قدرة السائقين العموميين على الصمود في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وبقاء التعرفة نفسها، لفت طليس إلى أن “المهلة قد تكون طويلة، لكن سيتم الاتفاق على تدبير استثنائي مع وزير الأشغال قريباً، كما ان الترتيبات تحتاج إلى الوقت، خصوصاً وأن محطات معيّنة سيجري التعامل معها لبيع المحروقات المدعومة للسائقين، وبالتالي الأمور تحتاج إلى بعض الوقت وجلسات العمل”.
وفي حال عدم التزام الحكومة بتنفيذ الخطة، اعتبر طليس أن “جميع اللبنانيين حينها كما والنقابات والسائقين العموميين معنيون بالنزول إلى الشارع”.
وفي سياق متّصل، أعلن عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس أن “أسعار المحروقات ستشهد ارتفاعاً جديداً اليوم بسبب ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً إلى 86$”، لكنه أكد أن الارتفاع سيكون روتينياً وكلاسيكياً.
وعن احتمال رفع الأسعار بشكل كبير وبطريقة مفاجئة كما حصل الأسبوع الماضي، استبعد البراكس هذا الأمر لافتاً إلى أن سعر صرف الدولار المُعتمد وفق الجدول هو 20 الف، وهو قريب من سعر السوق السوداء، وبالتالي الدعم رُفع، وما من زيادة كبيرة متوقعة في هذا الخصوص.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : بوادر حلّ لأزمة الحكومة تعاجلها بوادر أزمة دبلوماسية.. والنقل العام “موعودٌ بالحل”