كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : على نحو أشبه ما يكون بإدارة مرحلة انتقالية بدأت مبكراً جداً، غابت كل احتمالات تفعيل مجلس الوزراء في المدى المنظور على الأقل، ولم تبرز أي عوامل يمكن الرهان عليها لحمل الثنائي الشيعي على التراجع عن ربط إنهاء مقاطعة وزرائه للجلسات بما بدا واضحاً معه، لجميع المعنيين، ان المهادنة الكلامية النسبية لدى “حزب الله” تحديداً في شأن مطلب تنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، لم تبدل شيئاً في تصلبه حيال هذا المطلب الشرط لإحياء جلسات الحكومة. واستقرأت الأوساط الوزارية والسياسية المعنية في الكثافة التصاعدية لحركة الاجتماعات واللقاءات والخلوات الوزارية والأدارية على اتساع الملفات وتنوعها التي تتناولها والتي تشهدها السرايا الحكومية، ما يوحي بأن رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي اختطّ هذا النهج حالياً لمحاولة التعويض باللجان الوزارية والاجتماعات بين المعنيين في شتى القطاعات والقرارات الممكنة في إطار الأولويات الأكثر الحاحاً في انتظار حلحلة للأزمة الحكومية يبدو واضحا انها لا تزال مستبعدة. ولم يكن الاجتماع الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا الاثنين الماضي سوى اثبات على الدوران في الحلقة المفرغة وعدم اتخاذ القرار بعد لدى الفريق المعطل لمجلس الوزراء بإنهاء الأزمة.
ولعلّ ما تقتضي الإشارة اليه ان ثمة اوساطاً معارضة للسلطة بدأت ترسم علامات الريبة والشك المتنامي من الان حول ما إذا كان التعطيل المتمادي سيكون قابلاً لنهاية قريبة، ام سيشكل فاتحة تطورات سلبية متواصلة ومفتعلة تتمدد في الزمن حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، بما يفتح الباب مبكراً على خطورة الإجهاز على فعالية حكومة بالكاد سمح لها ان تعقد اجتماعات لمجلس الوزراء لفترة ثلاثة أسابيع بعد تشكيلها ثم صدر القرار بشلّها. وتلفت الأوساط المعارضة نفسها إلى ان واقع العلاقات السياسية بين الشركاء في الحكومة والسلطة بدأ يشكل التربة الصالحة لتبرير الإبقاء على الحلقة المفرغة، فيما تدفع البلاد الثمن التصاعدي الاضافي لشلّ مجلس الوزراء والتأخير في بت خطوات وملفات مصيرية من مثل تلك المرتبطة بمفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمات الدولية كما مع الدول المنخرطة في عمليات دعم لبنان. وتبعاً لذلك بدأت الأنظار تتجه مجدداً نحو رهانات الأوساط الرسمية والسياسية على تحركات ووساطات وتدخلات خارجية علّها تسهل الارضيّة اللازمة لمناخ داخلي يكسر حلقة التعطيل.
ميقاتي إلى #الفاتيكان
في هذا السياق، ثمة رهان ضعيف على حراك خارجي يتولاه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على خط ازمة توتر العلاقات مع دول الخليج، من خلال الجولة الخليجية التي ستقوده ما بين 3 و5 كانون الاول المقبل إلى المملكة العربية السعودية وقطر والامارات العربية المتحدة، علّه يتمكن من احداث خرق في جدار الازمة. وسيقوم رئيس الجمهورية #ميشال عون بزيارة إلى قطر نهاية الأسبوع لحضور مناسبة رياضية يفترض ان تحصل على هامشها محادثات سياسية، فيما يتوجّه الرئيس ميقاتي إلى الفاتيكان في الساعات المقبلة للاجتماع بالبابا فرنسيس غدا الخميس.
وعلمت “النهار” ان رئيس الحكومة يعلق اهمية كبيرة على زيارته الفاتيكان، نظراً إلى رمزيتها وما تنطوي عليه من أبعاد مهمة للبنان ولرئيس الحكومة بالذات. فالبابا فرنسيس يستقبل ميقاتي في ظروف غير عادية، وقبيل توجه البابا إلى قبرص التي تبعد بضعة اميال عن لبنان، علما انه كان يرغب في زيارة لبنان هذه السنة وجرى ترحيلها إلى وقت لاحق ليس هذه السنة طبعا رغم المطالبات الحثيثة له بذلك.
ويحمل ميقاتي بحسب الاوساط القريبة منه رسالتين إلى البابا أولهما تأكيده الهوية اللبنانية الجامعة ودور لبنان الرسالة والنموذج للعيش المشترك، فضلاً عن تأكيده وحرصه ثانياً على الوجود المسيحي وحمايته، وهو سيشرح المشاكل التي تعترض حكومته، معولاً على دور الكرسي الرسولي في المساعدة على حماية هذا الدور وهذه الرسالة التي يؤمن بها الفاتيكان ويحرص على تأكيدها كما حصل في زياراته الاخيرة واللقاءات التي قام بها في العراق والإمارات العربية ومصر.
ولا تتوقع اوساط ميقاتي مبادرات او نتائج معلنة للزيارة، لكنها في المقابل تعلق آمالاً كبيرة على الدور الذي يمكن الكرسي الرسولي ان يقوم به تجاه لبنان مع دول القرار انطلاقاً من سياسة “الديبلوماسية الصامتة” التي ينتهجها ونتائجها حتماً أكبر من ضجيج المواقف والتصريحات.
ورش السرايا
وفيما افيد في بعبدا أمس ان رئيس الجمهوريّة “تابع معالجة المواضيع الّتي كانت محور بحث بينه وبين رئيس مجلس النوّاب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، خلال اللّقاء بينهم في قصر بعبدا، بعد العرض العسكري الرمزي الّذي أُقيم في وزارة الدفاع الوطني، لمناسبة الذكرى الـ78 للاستقلال ” من دون ان تتضح نتائج هذه المتابعة، كانت السرايا تشهد اجتماعات متلاحقة متصلة بشؤون الازمات الخدماتية خصوصاً. ورأس ميقاتي في هذا السياق اجتماعاً خُصص لمتابعة شؤون قطاع الكهرباء، شارك فيه نائب المدير الاقليمي لدائرة الشرق الاوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه وتناول ملفات استجرار الطاقة والغاز، والتجديد لعقود التوزيع وزيادة التعرفة الضرورية لتغطية الكلفة او جزء منها، وضرورة مؤازرة كل هذه الأعمال من وزارة المال والبنك المركزي بالنسبة إلى المواضيع التي تتعلق بالمالية، سواء لجهة التحويل من الليرة إلى الدولار، أو طريقة الدفع للمشغّلين ولموزّعي الخدمات ولمشغلي المحطات. واعلن وزير الطاقة تشكيل لجنة تضمّه ووزير المال ومصرف لبنان ومؤسسة كهرباء لبنان لبحث المواضيع المالية وتحديدها، من بينها: آلية الدفع من مؤسسة الكهرباء لمستحقات الجهات المعنية ومن ضمنها قرض البنك الدولي بالدولار، ومشغلي الخدمات والمحطات، وأولويات الدفع، وسيكون دور هذه اللجنة البحث في موضوع زيادة التعرفة، وتأمين الدولار وطريقة احتسابه، وتحديد الميزانية التي تحتاجها مؤسسة كهرباء لبنان للإيفاء بالتزاماتها مستقبلاً. كما رأس ميقاتي اجتماعاً خُصص للبحث في أوضاع مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، لجهة تقييم أوضاعه، والسعي إلى وضع خطة استباقية من اجل عدم حصول مشكلات ورسم خطة طريق ملائمة لتحقيق هذا الهدف.
ووسط هذه الحركة كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنّ الحكومة لم تقدم إلى صندوق النقد الدولي حتى الآن تقديرات لحجم خسائر النظام المالي ولا اتفاق حتى الان على توزيع الخسائر.
وأضاف سلامة بحسب ما نقلت عنه وكالة “رويترز”: “البنك المركزي لديه الآن 14 مليار دولار من السيولة المتاحة في الاحتياط”.
اقتراح لارشيه
وفي سياق المواقف الفرنسية من لبنان افادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه اقترح عقد مؤتمر للأطراف اللبنانيين حول السيادة كحل للوضع الكارثي الذي يمر فيه لبنان. وجاء ذلك خلال مشاركته في اجتماع لمنظمة فرسان مالطا التي يترأسها في لبنان مروان صحناوي والقائم بالاعمال فرنسوا ابي صعب والبير كفوري ورئيس منظمة فرسان مالطا في #فرنسا. وسالت “النهار” لارشيه بعد الاجتماع اذا كان يعمل من اجل تنظيم مؤتمر كهذا فقال: “بدأنا التفكير بذلك وما قلته لا يعني انني اريد فرض أي شيء ولكني أرى انه يجب الخروج من هذه الازمة واعتقد ان مؤتمراً بين جميع الأطراف اللبنانيين حول السيادة اللبنانية بدعم من مجموعة أصدقاء لبنان الشركاء الإقليميين اعتقد ان هذه الفكرة من شأنها ان تفرض نفسها تدريجيا لذا قدمت هذا الاقتراح. ليس لتنظيم مؤتمر مالي آخر على غرار المؤتمرات الأخرى، ولكن لاعادة تأكيد الأرضية المشتركة وإعادة جمع كل اللبنانيين حول موضوع السيادة”. وعما اذا كان الرئيس الفرنسي ماكرون يوافق على هذا الاقتراح قال “ساقترحه عليه ولكن اردت ان اقترحه أولا امام أصدقائي منظمة فرسان مالطا لان لدي علاقة خاصة بمنظمة فرسان مالطا منذ السنوات الصعبة في 1990 و2000 ولم يسبق لي ان شعرت بوضع لبنان مثلما هو في حالة خطر مطلق فينبغي في مثل هذا الوضع الطارئ الخطير التطرق إلى قضية السيادة