الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: سقوط الطعن الانتخابي يفاقم معارك السلطة
النهار

النهار: سقوط الطعن الانتخابي يفاقم معارك السلطة

لم تتبدل أمس صورة التأزم المالي كثيراً عما سبقها على رغم بدء تنفيذ الإجراءات المالية التي شرع مصرف لبنان في تطبيقها إنفاذاً لمقررات الاجتماع الذي عقد في السرايا الحكومية لاحتواء التحليق الحارق في سعر الدولار وتداعياته الكارثية. ومع ذلك فان المراوحة طبعت واقع السوق المالية اذ ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء في تعاملات بعد الظهر وسجل 27 ألف و600 ليرة لبنانية ثم ارتفع في ساعات المساء إلى سقف الـ 28 ألف و200 ليرة بعدما كان تراجع في فترة قبل الظهر بما يعكس استمرار المضاربات على أشدها. ولم يعد سراً خفياً ان الوقائع المالية ليست وحدها العامل المسبب لهذه الدوامة، اذ ان معالم الازمة السياسية تبدو متجهة نحو مزيد من التصعيد والسخونة بدليل ان الساعات الثماني والأربعين الأخيرة سجلت تبادلاً سجالياً في الرسائل المتوترة بين الرئاستين الأولى والثانية لا يمكن معها توقع أي حلحلة محتملة لازمة شلّ الحكومة ومجلس الوزراء اقله خلال ما يفصل من وقت عن بداية السنة الجديدة. كما ان الساعات المقبلة ستشهد تطوراً منتظراً سيزيد على الأرجح حدة الاستقطابات والتجاذبات ويتصل بما كشفته “النهار” أمس بالنسبة إلى نتائج اجتماعات المجلس الدستوري حول الطعن الذي قدمه ” تكتل لبنان القوي” لدى المجلس في قانون التعديلات على قانون الانتخاب لعام 2017 النافذ. اذ صار في حكم المؤكد ان المجلس الدستوري لن يأخذ بالطعن لعدم التوصل إلى أكثرية مرجحة لاي قرار وسيعقد اليوم اجتماعه النهائي في هذا الصدد ويعلن عدم توصله إلى قرار. وهذا يعني ان تعديلات قانون الانتخاب ستصبح كلها نافذة بما يشكل نكسة لـ”تكتل لبنان القوي” ولا سيما لجهة اعتراضه على تصويت المغتربين للـ 128 نائبا في كل الدوائر المحلية، فيما لا يزال موعد الانتخابات عرضة للتجاذب بين رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي علما ان الأولى تدفع نحو تحديد الموعد بين 8 و15 أيار وليس في 27 اذار باعتبار ان هذه مسألة تعود إلى السلطة التنفيذية بعدما اعترض رئيس الجمهورية ميشال عون على الموعد الثاني واعلن انه لن يوقع مرسوم الدعوة إلى الانتخابات الا في شهر أيار.

يشار إلى ان وزارة الخارجية والمغتربين أعلنت مساء أمس انها استلمت القوائم الانتخابية الاولية لغير المقيمين من وزارة الداخلية والبلديات والتي تشمل اسماء الاشخاص الراغبين في الاقتراع في الخارج والذين تتوافر فيهم الشروط القانونية بحسب البلدان والبعثات وعددهم 225,114 وسيصار إلى نشرها وتعميمها بكل الوسائل المتاحة من خلال البعثات الديبلوماسية والقنصلية وعبر توفير نسخ في مقراتها ليتمكن جميع المواطنين غير المقيمين من الاطلاع عليها وطلب تصحيحها عند الاقتضاء ابتداء من اليوم ولغاية 1 كانون الثاني 2022.

ردود بري
وغداة كلام رئيس الجمهورية حول الأوضاع والأزمات الداخلية كانت لرئيس مجلس النواب نبيه بري مجموعة مواقف خلال لقائه مجلس نقابة المحررين اذ اعتبر انه “لابد من التحاور ولا يجوز التفرج على اللبنانيين وهم يسافرون والأخطر انهم يهاجرون من وطنهم الذي رغم ما يعاني من ازمات الجميع مسؤول عنها، لكن علينا ان نقر ان لبنان يتعرض للحصار، فهل يعقل التصديق ان اسرائيل العدو انفتح على العرب على النحو الذي يحصل اليوم والعرب يقفلون ابوابهم على لبنان؟”
وفي شأن موقفه من المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار انتقد بري أساسا تعطيل التشكيلات القضائية غامزا من قناة رئيس الجمهورية وقال:”بصراحة لو كان هناك مجلس قضاء أعلى يمارس دوره لما وصلنا إلى ما وصلنا اليه اليوم من تطييف وتمذهب في القضاء .. وبعيدا عن التجني الذي يقال في حق الثنائي الذي يسمونه شيعيا وهو ثنائي وطني، هذا الثنائي لا يريد ابدا تطييف القضاء، وأقول لا يريد تطيير البيطار وما نريده فقط العودة إلى القانون والدستور هذا ما قلته لغبطة البطريرك، فليطبقوا بنود ومواد الدستور خاصة في الموضوع المتعلق بإنفجار المرفأ. مطلبنا كان ولا يزال ممارسة كل سلطة لصلاحياتها في هذا الإطار، لقد اعطى القانون حقا خاصا لمحاكمة القضاة واعطى حقا لمحاكمة النواب والرؤساء والوزراء. لماذا لم يتم التزام هذه القواعد والأصول؟ ولتبق خارج هاتين المؤسستين بقيت الصلاحيات له على كل لبنان”. ولفت إلى انه “تم التوافق على هذه العناوين مع غبطة البطريرك وأعلنها غبطته ان الرؤساء ايضا التزموا. لكن تم الإنقلاب على هذا التوافق وتطييره قبل صياح الديك”. وأشار إلى “أن من نسف هذا التوافق هم العاملون في الغرفة السوداء التي تدير العمليات في هذه القضية”. ووجه بري رسالة إلى رئيس مجلس القضاء الاعلى شدد فيها ان “على مجلس القضاء الاعلى مسؤولية حسم هذا الموضوع”. وقال انه “مستعد للصعود مشيا على الاقدام إلى قصر بعبدا لمقابلة رئيس الجمهورية إذا شعرت بوجود ايجابية لايجاد حل للازمة التي نعيشها”.

وفي سياق السجالات بين فريقي “امل” و”التيار الوطني الحر” دعا المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل إلى “التوقف عن ممارسة سياسة التعمية على الحق والحقيقة التي يتبعها التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل في ما يتعلق بالمصرف المركزي”. وسأل”لماذا لا تبادر مفوضة الحكومة لدى “المركزي” السيدة كريستال واكيم، التي عينها باسيل وتياره، إلى إيقاف أي قرار لحاكم المصرف لافتاً إلى انها الوحيدة القادرة على ذلك عبر توقيع قصاصة ورق صغيرة”؟

دوكان
وفي غضون ذلك أنهي الموفد الفرنسي منسّق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان زيارته لبيروت التي استمرت ثلاثة أيام بعدما استكمل جولته على المسؤولين اللبنانيين والتقى وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام وتم البحث في الإصلاحات التي يعمل عليها لبنان ومدى تقدّمها، لا سيما لجهة قانون المنافسة، حيث أكد سلام أن مسار إقراره أصبح في مراحله النهائية. وأكد أنه لمس في لقاءاته وقوف المجتمع الدولي إلى جانب لبنان، وأن الاصلاحات هي مطلب أساسي جامع. كما أن دوكان أجرى نقاشاً مستفيضاً حول لبنان، في لقاء مع مجموعة من الشخصيات المالية والاقتصادية والإعلامية.

وفي هذا السياق نقلت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع تأكيده أن كل ما يجري من تأويلات في لبنان حول عدم اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالرئيس ميشال عون لا اساس له من الصحة وأن عدم الاتصال مرده ان ماكرون لديه اجندة مليئة بالسفر والتنقل داخل اوروبا وفرنسا وان السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو زارت الرئيس عون لتضعه في صورة لقاءات ماكرون في الخليج وليس هناك اي خلاف بين بعبدا والاليزيه. وعن سبب عدم لقاء السفير بيار دوكان بالرئيس عون قال المصدر ان دوكان لا يزور الرئيس خلال زياراته التقنية إلى لبنان.

البنك الدولي
وليس بعيدا من تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية عرض رئيس الجمهورية، مع المدير الإقليمي لمجموعة البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط ساروج كومار جاه، الملفات التي يعمل البنك الدولي على تمويلها في لبنان ولا سيما منها مشروع شبكة الأمان الاجتماعي الذي يؤمن مساعدات نقدية للفئات المحتاجة في المجتمع اللبناني. كما تطرق البحث إلى دور البنك الدولي في تمويل عملية استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان عبر مصر والأردن وسوريا والإجراءات الواجب اتباعها للإسراع في انجاز هذا الامر. واكد كومار جاه ان البنك الدولي يواصل تقديم الدعم للبنان في تمويل عدد من المشاريع الحيوية والاساسية بعد تذليل العقبات التي تحول دون إنجازها بسرعة. وشكر الرئيس عون المدير الإقليمي للبنك الدولي على الجهود التي يبذلها في سبيل مساعدة لبنان، مؤكدا ان الحكومة اللبنانية ستفي بالتزاماتها في سبيل انجاز المشاريع التي يمولها البنك الدولي.

وفي هذا الإطار كشف وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار أن الأول من آذار سيكون موعد بدء دفع مستحقات “البطاقة التمويلية” بالعملة الأجنبية على أن يتم ذلك بمفعول رجعي عن شهرَي كانون الثاني وشباط 2022. وشدد على “ضرورة الإسراع في عقد جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ القرارات المناسبة بعدما أصبح الحد الأدنى في لبنان يوازي 23 دولاراً وبات جميع اللبنانيين فقراء”. وأضاف: لو عاد الأمر لي لعمدت إلى توسعة مروحة المستفيدين من البطاقة، إلا أن المشكلة تكمن في الأموال، لأنه لغاية هذه اللحظة لم نتوصل بعد إلى الاتفاق النهائي بالنسبة إلى المال رغم كل البوادر الإيجابية التي تشير إلى رفع قيمة المِنَح للبنان أو إمكانية الحصول على قروض ميسّرة لدعم الشعب اللبناني.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *