كما كان متوقعا بعد عطلة الاعياد، اشتعلت على اكثر من جبهة، سياسيا وماليا وصحيا. فبعد تصعيد رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل بوجه «الثنائي الشيعي» الذي استدعى سجالا واسع النطاق مع حركة «أمل»، اشتعلت يوم أمس على جبهة حزب الله- رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غداة كلام الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي قصف فيه بعنف جبهة الرياض، متهما قياداتها بالارهاب وتمويله وبدعمه وتصديره الى الميادين العربية، ما استدعى ردا غير مسبوق من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انتقد فيه حزب الله بشكل مباشر الذي بدوره فتح النيران بوجهه ما يهدد الكيان الحكومي المترنح اصلا. ويحصل كل ذلك على وقع انهيار تاريخي للعملة الوطنية التي تخطت يوم امس عتبة الـ٣٠ الف ليرة للدولار الواحد فيما حلق سعر صفيحة البنزين ليبلغ 351400 ليرة للـ ٩٥ اوكتان. وترافق هذا الانهيار مع اجتياح المتحور الجديد لكورونا «أوميكرون» لبنان مع اعلان وزارة الصحة عن تسجيل 5087 إصابة جديدة و19 حالة وفاة.
مصير الحكومة بخطر!
سياسيا، تواصل يوم امس السجال بين القوى السياسية على خلفية تصعيد السيد نصرالله بوجه السعودية ردا على تصريحات سابقة لمسؤولين سعوديين وصفت الحزب بـ «الارهابي». ووصف نواب حزب الله ميقاتي بـ «المتملق» واعتبروا انه «يقوم باستجداء لرضى من يصر على الاستمرار في الاساءة إلى اللبنانيين».
وانتقدت مصادر مطلعة على جو حزب الله في حديث لـ «الديار» بشدة ما ورد في بيان ميقاتي، متسائلة «اين موقفه الحازم من التهجم السعودي على قسم كبير من اللبنانيين يمثلهم حزب الله»، مستغربة «سياسة الاستجداء المتواصلة التي يمارسها ميقاتي فيما الرياض لا تعير له اهتماما». ونبهت المصادر من ان استمرار ميقاتي بسياسته هذه سيهدد الحكومة بالسقوط وليس حصرا بالتعطيل كما هو حاصل اليوم، مضيفة: «آخر ما يريده حزب الله حكومة ورئيس حكومة ينفذون الاجندة والاهواء السعودية في لبنان».
واعتبرت مصادر سياسية في حديث لـ «الديار» ان «التطورات الاخيرة تعيق اي مسعى لحل الازمة الحكومية وتجعل اي ساعي خير سواء بالداخل او في الخارج نيته تحريك المياه الراكدة يتريث قبل الاقدام على اي خطوة.. ما يعنينا ان البلد دخل عمليا في المجهول».
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعرب عن تمسكه بموقف لبنان الرسمي الذي عبر عنه مجددا في رسالته الاخيرة الى اللبنانيين لجهة الحرص على علاقات لبنان العربية والدولية، لا سيما منها دول الخليج العربي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، ولفت الى ان «هذا الحرص يجب ان يكون متبادلا لأنه من مصلحة لبنان والدول الخليجية على حد سواء».
اما رئيس الحكومة السابق سعد الحريري فتوجه إلى السيد نصرالله عبر «تويتر» قائلا: «إصرارك على استعداء السعودية وقيادتها ضربٌ متواصل من ضروب المغامرة بلبنان ودوره ومصالح ابنائه. السعودية لا تهدد دولة لبنان بالعاملين فيها والمقيمين بين اهلها منذ عشرات السنين». وأضاف «السعودية ومعها كل دول الخليج العربي احتضنت اللبنانيين ووفرت لهم فرص العمل ومقومات العيش الكريم. من يهدد اللبنانيين في معيشتهم واستقرارهم وتقدمهم، هو الذي يريد دولة لبنان رهينة دولة ايران وامتداداتها في سوريا والعراق واليمن ولبنان».
بالمقابل شن حزب الله هجوما غير مسبوق على ميقاتي، فقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله: « كنَّا ننتظر من دولة رئيس الحكومة الاستاذ نجيب ميقاتي أن يعلي من شأن الانتماء الوطني وينتفض لكرامة وطنه في وجه الاساءات المتكرِّرة من المملكة العربية السعودية ضد الشعب اللبناني، وآخرها تصريحات ملكها ضد شريحة واسعة من اللبنانيين باتهامها بالارهاب بما يشكله ذلك من إساءة كبرى لمقدسات هؤلاء اللبنانيين وفي طليعتها دماء شهدائهم وتضحيات مقاوميهم في وجه العدو الصهيوني». وأضاف «بدل أن يسارع دولته، الذي يفترض أنه وفق الدستور رئيس حكومة جميع اللبنانيين، إلى الدفاع عمن يمثل دستوريا، فإنه إرتد ضد الداخل اللبناني، وأطلق عبارات التشكيك بولاءات جزء كبير من هذا الشعب بكل ما يمثله تاريخيا وحاضرا ومستقبلا، وهو ما كنَّا نربأ بدولته أن يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح استجداء لرضى من يصر على الاستمرار في الاساءة إلى اللبنانيين جميعا وفي طليعتهم الرئيس ميقاتي نفسه الذي رغم كل التنازلات التي قدمها بما فيها: استقالة وزير الاعلام، وإطلاق المواقف والتصريحات التي تخالف حتى إدعاء النأي بالنفس، والمحاولات الدؤوبة التي بذلها هو ووزير خارجيته منذ توليهما المسؤولية، فإنه لم يحظ بمجرد اتصال من سفير المملكة في بيروت خلافا لكل الأعراف الديبلوماسية والأصول وأدب العلاقة والتخاطب». من جهته، غرد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب ابراهيم الموسوي قائلا: «بئس الزمن الذي يطالب فيه البعض المقاومة بأن تكون جزءا من التنوع اللبناني، هي التي حمت وضحت بدماء شهدائها وأرواحهم كي يبقى الوطن». وأضاف «كلامك المتملق يمثلك ويلزمك وحدك، وهو اساءة واهانة لك قبل ان يكون كذلك لكل لبناني وطني شريف. اذا بتعملو شوية كرامة واحترام للوطن بكون منيح».
انهيار تاريخي لليرة
وفي ظل انشغال القوى بالتراشق السياسي الذي بمعظمه ذي خلفيات انتخابية، حلق سعر صرف الدولار ليتجاوز لاول مرة منذ انفجار الازمة المالية عتبة الـ ٣٠ الف ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وقالت مصادر مواكبة للملف المالي لـ «الديار» انه كان من المنتظر تخطي هذه العتبة قبل العيد، اما اليوم فننتظر المزيد من الانهيار نتيجة مجموعة عوامل، اولا اجراءات مصرفية غير مجدية للحد من تحليق سعر الصرف، ثانيا تصعيد سياسي من المرتقب ان يتواصل ويتحول اعنف مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي وثالثا استمرار تحكم المنصات ومن يقف خلفها في الداخل والخارج بســعر الصرف تنفيذا لاجندات مختلفة من دون حسيب او رقيــب.
وانعكس سعر الصرف تلقائيا على اسعار المواد كافة كما ارتفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 15600 ليرة، و98 أوكتان 15600، سعر صفيحة المازوت 24200 ليرة، وسعر قارورة الغاز 20700. وأصبحت الأسعار كالآتي: – بنزين 95 أوكتان: 351400 ليرة. – بنزين 98 أوكتان: 363400 ليرة. – مازوت: 360400 ليرة. – غاز: 319300 ليرة.
اوميكرون يجتاح لبنان
وكأنه لا يكفي اللبنانيين كل مآسيهم، افيد يوم امس عن اجتياح متحور «اوميكرون» لبنان مع اعلان وزارة الصحة عن تسجيل 5087 إصابة جديدة و19 حالة وفاة وحديث رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي عن انتشار هذا المتحور بسرعة لافتا الى انه تضاعف خلال اليومين الماضيين، اي كل يومين ونصف يتضاعف العدد. مضيفا:»وصلنا الى ارقام تدعو الى القلق، فنحن لدينا 916 سريرا سواء أسرة عادية ام اسرة عناية.
ولاحظنا بالامس دخول 40 مريضا الى غرف الاسرة العادية او العناية، وهذا امر غير مطمئن. يعني بالامس وصلنا الى 700 مريض، وقبلها كان هناك 660 مريضا ويعني 40 مريض دخلوا في يوم واحد ونسبة الاشغال اليوم 80 في المئة واذا ارتفعت الاصابات والمرضى الذين يحتاجون الى غرف عناية ماذا نفعل؟»
وكان رئيس مجلس الوزراء بحث مع وزير الصحة العامة فراس الأبيض بالتطورات الأخيرة لانتشار فيروس كورونا. وقال الابيض انه «رغم تزايد الاصابات بكورونا، الوضع في المستشفيات لغاية الآن لا يزال تحت السيطرة، ولم يزد عدد المرضى فيها وفي العناية الفائقة بشكل كبير، ولكن المطلوب منا ان نكون على درجة من الجهوزية والاستعداد، في حال تزايد هذه الأرقام».
وقالت مصادر نيابية معنية بالشأن الصحي لـ «الديار» انه «رغم مخاوف الكثيرين المبررة الا انه لا داعي للهلع. صحيح ان عدد الاصابات كبير لكن معظمها لا يحتاج لدخول المستشفى، ما يعني ان ذلك يقربنا من المناعة الجماعية كما يحصل في معظم دول العالم».
واضاف المصدر: «طالما لم نتجاوز الخطوط الحمراء في المستشفيات فلن نتجه للاقفال العام ولن نقفل المدارس».