قرار الثنائي حزب الله وحركة أمل بالعودة الى مجلس الوزراء بعد اعتكاف امتد منذ ما قبل أحداث الطيونة على خلفية تمسك الثنائي بقبع القاضي طارق البيطار، حرّك المياه الراكدة في الحياة السياسية وانعكاساتها الكارثية على المواطنين جراء التكلفة العالية للتعطيل الذي طال ملفات حياتية مهمة كانت عالقة بانتظار عودة الحكومة الى العمل.
وفيما كثرت التساؤلات حول خلفيات هذا القرار وتوقيته، أشارت مصادر سياسية عبر ”الانباء” الالكترونية الى ان “الثنائي قد يكون تبلغ من جهات إقليمية إشارات بضرورة التعاطي بإيجابية في الملف الحكومي والتخلي عن فكرة مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، لأن التطورات الاقليمية بدأت تسير في مسار إيجابي”، كاشفة أن “النصيحة الإقليمية لم تكن برسم الثنائي وحده، بل تم ابلاغ كل الفريق الممانع بمن فيهم التيار الوطني الحر بضرورة تغيير خطابهم، وقد كان لافتاً ما صدر ليلاً عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية والتوضيح بأنه لم يعقد أي اجتماع في قصر بعبدا بعد بيان “حزب الله” و”أمل” بالعودة الى حضور جلسات مجلس الوزراء”.
في هذا السياق، وعن إمكانية عقد جلسة قريبة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، اعتبر عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش في حديث مع “الانباء” الالكترونية أن “هذا الموضوع وارد جداً في حال إنجاز الموازنة والانتهاء من بعض اللوجستيات والتدقيق في بعض الأرقام بعد التوافق على الخطوط العريضة”، متوقعاً إنجاز الموازنة “قبل اللقاء الافتراضي مع صندوق النقد في الرابع والعشرين من الجاري، وعلى الارجح أن الرئيس نجيب ميقاتي قد يدعو الى اجتماع قبل هذا التاريخ”.
وعن الآلية التي يمكن اعتمادها لإنجاز الموازنة، لفت درويش إلى “وجوب إقرارها بداية في مجلس الوزراء ثم تحال الى لجنة المال وعندم تقر من لجنة المال تحال الى اللجان المشتركة وبعدها تتم احالتها الى مجلس النواب لمناقشتها والتصويت عليها”.
من جهة أخرى، أشار درويش الى أن “خطة التعافي الاقتصادي تشمل الخطوط الاساسية لتوجهات الدولة للمرحلة المقبلة، وهي متشعبة تتضمن العديد من البنود التي تعنى بكمية كبيرة من المسائل ذات الصلة بالتوجه الاقتصادي، فكل قطاع سيدرس على حدة، وهناك توجه خاص لعملية الهيكلة وكيفية العمل على مستوى الدولة منها مناقصات وزارة الطاقة والموارد وقطاع الكهرباء والاتصالات والصحة”، مشيراً الى “العديد من التفاصيل التي تحدد مسار الدولة”، كاشفا ان “مسودة خطة التعافي أصبحت شبه مكتملة والأمر يحتاج لإقرارها في مجلس الوزراء قبل ان تحال على لجنة الاقتصاد في مجلس النواب لأن هناك جزءاً منها يحتاج الى تشريع”.
بدوره، أشار عضو كتلة المستقبل النائب بكر الحجيري عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى ”حصول أمر هام على الصعيد الدولي والإقليمي دفع بالثنائي الشيعي الى تبديل خطته بعدما اصبح وحيداً وانكشف بأنه الفريق الوحيد الذي يتولى العرقلة، فقد عزل نفسه عن طريق مواقف كان بالغنى عنها باستخدام لغة التهديد والوعيد وأنهم اصحاب الأرض ومن لا يعجبه البلد فليرحل عنه وما شابه ذلك من لهجة استعلائية لا يمكن لأحد ان يتقبلها”.
الحجيري لفت الى “جانب إقليمي ربما يكون هو الذي دفع بالثنائي الى تغيير موقفه بعد ما يحكى عن تقدم المحادثات بين الرياض وطهران وعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وما يحكى عن تطور في مباحثات الملف النووي بين طهران وواشنطن، فهذه كلها عوامل قد تدفع بحزب الله الى تغيير موقفه”.
وفي السياق نفسه، اعتبر عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جوزف اسحق في حديث مع ”الانباء” الالكترونية أن “هناك أوامر خارجية وصلت الى الثنائي الشيعي جعلته يتراجع عن موقفه المتشددة لقبع القاضي البيطار، ومن جهة أخرى ربما يكون هناك اتفاق مع حلفائهم يتعلق بمرحلة الانتخابات دفعهم الى اعتماد خيار آخر بانتظار معرفة سلوك وزرائهم في مجلس الوزراء بما يتعلق بعمل الحكومة والموقف من التحقيق في ملف المرفأ والاصلاحات او التعينات لأن المعروف عن هذا الفريق أنه لا يفكر الا بمصالحه الخاصة”.
وفي موضوع الهبوط المفاجئ لسعر صرف الدولار، تمنّى اسحق حصول تراجع أكبر “لأن اللبناني يعيش منذ أكثر من سنتين أزمة كبيرة حادة من كافة الجوانب، وخاصة الموظفين وذوي الدخل المحدود”، مطالباً بسياسة مالية شفافة لمعالجة الشأنين الاقتصادي والمعيشي بصورة جذرية “لا أن يكون ما يحصل هو فخ حقيقي لبيع الناس دولاراتهم”، لافتا الى انه لم ير حتى الساعة ما يطمئن اللبنانيين.