شكلت الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الكاتب والناشر والناشط #لقمان سليم وسط المناخات الضاغطة التي يعيشها لبنان، مناسبة إضافية لاطلاق تساؤلات قلقة حول ضياع دماء شهداء الاغتيالات، في مفهوم بات مخيفاً ومعمماً من ان هذه الجرائم لا يكشف فاعلوها بدليل طمس التحقيقات اقله منذ زلزال عام 2005 الذي شهد تفجير حرب الاغتيالات. وإذ تتوجه أنظار الدول والمجتمع الدولي بأسره نحو لبنان راهنا من “عدسة” التدقيق بالتحركات اللبنانية في رحلتها نحو الانتخابات النيابية وليس من أي زاوية أخرى أساسية، فان ذكرى اغتيال لقمان سليم ابرزت ان العين الدولية ترصد بدقة تغييب العدالة في هذه الجرائم، وهو امر بات يرتب تداعيات باهظة خارجيا على صورة الدولة والقضاء والأمن.
وفي هذا السياق كانت للولايات المتحدة مواقف متقدمة اذ أعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في المناسبة ان “الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الناشط اللبناني لقمان سليم تذكير مهيب بضرورة المساءلة في لبنان. ان العدالة والتحقيق الشفاف في هذه الجريمة وجرائم قتل أخرى طال انتظارها”.
وبدورها اعتبرت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا في كلمة ألقتها خلال احتفال أقيم في دارة سليم في حارة حريك “إن إحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال لقمان سليم هي مناسبة حزينة للغاية لنا جميعاً، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن نرى أن العدالة لم تتحقق بعد وليس هناك مساءلة بعد”. وأضافت: “لم يكن اغتياله هجوماً على شخص فحسب، بل كان أيضًا هجومًا على لبنان نفسه. إن استخدام التهديدات والترهيب لتقويض حكم القانون وإسكات الخطاب السياسي والمعارضة أمر يبقى غير مقبول”.
وبدا لافتا ان ثمة تكثيفا في “الاطلالات”والمواقف الأميركية من لبنان في هذه الفترة. ففيما بات في حكم المؤكد ان الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ايموس هوكشتاين سيصل الى بيروت الثلثاء المقبل، برزت امس مواقف لمساعدة وزير الخزانة الاميركية لشؤون تمويل الارهاب والجرائم المالية اليزابيت روزنبرغ من لبنان في كلمة ألقتها امام اتحاد المصارف العربية فقالت “لا يزال حزب الله يمرر عشرات الملايين من الدولارات إلى وكلائه، ليس فقط باستخدام حاملي النقود، ولكن من خلال المعاملات المصرفية وعمليات صرف العملات”. وقالت ان ليس تمويل الإرهاب هو التهديد الوحيد الذي يعاني منه نظامنا المالي بل الفساد أيضا واتخذت لبنان كمثال مباشر على ما يمكن ان يفعله الفساد فقالت “يعاني لبنان، بحسب البنك الدولي، من واحدة من أسوأ ثلاث أزمات مصرفية منذ عام 1857. تقلص اقتصاد الدولة بنسبة تزيد عن ثلاثين في المئة من حيث القيمة الحقيقية بين عامي 2019 و 2021. وقد انجرف نصف السكان تحت خط الفقر وأصبح النقص في الوقود وحليب الأطفال وحتى أدوية السرطان مكانًا شائعًا”. اضافت :” هناك مجموعة من الأسباب لحدوث ذلك. لسنوات، اتخذت الحكومات اللبنانية المتعاقبة قرارات اقتصادية لا تستند إلى الإصلاحات المطلوبة، ولكن على أساس شبكات المحسوبية وصفقات الباب الخلفي بين الأحزاب السياسية، بما في ذلك حزب الله. في الوقت نفسه، يضع اللبنانيون أموالهم في بنوك البلاد. لقد وثقوا عندما قاموا بالإيداع ، انهم سيكونون قادرين على السحب. لكن هذا ليس ما حدث. منذ أن تخلف لبنان عن سداد سنداته في عام 2020، أصبح النظام المصرفي في البلاد فعليًا قبوًا لا يستطيع الوصول إليه سوى قلة طبعا لبنان ليس وحده. في جميع أنحاء العالم، نرى النخب السياسية الفاسدة تصيب اقتصادات بلدانها”.
غالاغر
وفي غضون ذلك انهى أمين سر الكرسي الرسولي للعلاقات بين الدول في الفاتيكان المونسنيور ريتشارد بول غالاغر امس جولته على المرجعيات السياسية والروحية، في الزيارة التي يقوم بها الى لبنان والتي تستمر حتى صباح اليوم. وأوضح عقب لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انه اطلعه على لقائه مع مختلف القادة اللبنانيين، الروحيين والسياسيين، “كما التقينا مع نخبة من الشباب اللبناني الذين نفتخر بهم وبتطلعاتهم لوطن مشرق. كما استمعنا الى هواجسهم بسبب الاوضاع الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان، ولكننا أتينا برسالة قداسة البابا وهي رسالة أمل بوطن يعني له الكثير، ونحن هنا لنقوّي اللبنانيين ونقول لهم إننا معكم لمواجهة التحديات، وقرار نهوض لبنان هو قرار لبناني بحت يجب أن تتضافر الجهود بشأنه”.
وأضاف: “التغيير آت الى لبنان ونحن نصلّي لكي يكون لخير هذا الوطن، وباسم قداسة البابا والكنيسة الكاثوليكية الجامعة سنقف دائما الى جانب لبنان”.
الموازنة
اما في المشهد السياسي الداخلي فتواصلت جلسات مجلس الوزراء لانجاز درس مشروع قانون الموازنة وإقراره الأسبوع المقبل. وتقرر امس إرجاء الموافقة على سلفة الكهرباء الى ما بعد إقرار مجلس الوزراء لخطة إصلاح القطاع التي أعدّها وزير الطاقة وسيعرضها على المجلس في جلسة خاصة قريباً. ولم يُقر أي شيء بخصوص زيادة خمسة أضعاف على كلفة الاتصالات، وهذا الموضوع ستُخصص له جلسة خاصة لمجلس الوزراء. وتقرر أن يُعقد اليوم اجتماع تنسيقي بين وزراء المال والزراعة والصناعة لدرس المواد المتعلقة بالدولار الجمركي والضرائب كي لا يكون هناك أي لغط أو خطأ في هذا الإطار، في حين تقرّر إعطاء العاملين في القطاع العام والمتقاعدين مساهمة اجتماعية تحدّدت براتب شهر على ألا تقل عن مليوني ليرة لبنانية ولا تزيد عن ستة ملايين للعاملين، وللمتقاعدين على ألا تقل عن مليون ليرة شهرياً.
وتوافق رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا، لدرس مسودة الموازنة بصيغتها النهائية وبت البنود العالقة، على ان يقوم فريق عمل وزارة المال بوضع اللمسات الأخيرة على المشروع بالاستناد الى مداولات جلسات مجلس الوزراء التي عقدت في السرايا.
بري
وفي المواقف من المجريات الداخلية اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري امس رفضه أي محاولة لإرجاء الإنتخابات النيابية، وقال: “لا اقبل بتأجيل الانتخابات النيابية ولو لدقيقة واحدة”، مستغرباً “ان يتهم الثنائي الوطني (حركة امل وحزب الله) بالعمل لتأجيل الانتخابات” قائلاً: “كيف يتهم الثنائي بالتعطيل او التأجيل وهم يجزمون انه من الصعب اختراق الثنائي ولو بمقعد واحد؟.”. وحول موضوع ترسيم الحدود البحرية كشف بري بأن الموفد الاميركي آموس هوكشتاين سيكون في لبنان خلال اسبوع ومن المفترض ان يُستأنف التفاوض وان يصار الى الإلتزام بإتفاق الإطار. وقال: “اتوجه الى فرنسا وشركة توتال والشركات التي رسا عليها الإلتزام بأعمال الحفر والتنقيب بالدعوة إلى ان تباشر عملها فلا ذريعة للتنصل من ذلك، خاصة ان المنطقة التي يجب ان يبدأ العمل بها غير متنازع عليها وعلى الشركات التحرر من اية ضغوطات تمارس عليها”.
وبدا لافتا تشديد “كتلة الوفاء للمقاومة” امس على “التزامها وثيقة الوفاق الوطني دون أي زيادة او نقصان”، داعية “الجميع الى ملاقاتها عند هذا الإلتزام”، ونبهت الى أن “أي خروج ولو تحايلي على هذه الوثيقة ينطوي على جملة مخاطر كبرى تهدد بالتأكيد المصالح الوطنية للبنان واللبنانيين، ولن ينفع لتداركها رهان بعضهم على دعم خارجي له من هنا او هنالك”.