كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: قبل نحو عامين، سطّرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها الابتدائي بإدانة “القيادي العسكري” في “حزب الله” سليم عياش بموجب الأدلة التي تثبت تورطه “عمداً وعن سابق إصرار” في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مقابل تبرئة عناصر “حزب الله” المتهمين أسد صبرا وحسين عنيسي وحسن مرعي من الضلوع في العملية. حينها هلّل مناهضو المحكمة لهذا الحكم باعتباره انتصاراً لمحور الممانعة وانكساراً للجبهة الداعمة والداعية لإحقاق العدالة الدولية في جريمة 14 شباط… لكن وعلى قاعدة “لا يموت حقّ وراءه مطالب”، جاء حكم غرفة الاستئناف في المحكمة أمس ليعيد تصويب “أخطاء ارتكبتها غرفة الدرجة الأولى في القانون والوقائع، وحالت دون إحقاق العدالة”، ففسخت حكم البراءة عن مرعي وعنيسي وأعادت إدانتهما بعدما تثبتت من أنّ “كلًا منهما مذنب على نحو لا يشوبه أي شك معقول” في اغتيال الحريري.
وبهذا الحكم المبرم، يصبح “حزب الله” عملياً “مداناً بحكم تبنيه وحمايته للمدانين الثلاثة في الجريمة”، كما ترى أوساط قانونية، موضحةً أن “قرينة براءة “الحزب” الوحيدة تكمن في إقدامه على خطوة التبرؤ من عناصره المتهمين والمدانين بموجب أدلة لا يرقى إليها شك، ومسارعته إلى تسليمهم للعدالة، أما استمراره في تأمين الحصانة الحزبية والسياسية لهؤلاء فسيزجه معهم في قفص الاتهام والإدانة أقله بجرم التستر على مجرمين”، لا سيما وأنّ المدعي العام في المحكمة نورمن فاريل أعقب صدور حكم الإدانة أمس بتصريح شدد فيه على أنّ “الأفعال التي أُدين بها مرعي وعنيسي هي أفعال تلاعب وخداع نفِّذت بدم بارد ولم ترمِ إلى حماية الفاعلين الحقيقيين من الملاحقة القضائية فحسب، بل رمت أيضاً إلى تضليل الشعب اللبناني”، لافتاً الانتباه إلى أنّ “المساءلة لا تنتهي بإدانتهما، فهما وشريكهما في المؤامرة سليم عياش، لا يزالون طلقاء حتى الآن والعدالة تقضي بتوقيفهم“.
وكانت غرفة الاستئناف قد وثّقت في حكمها أمس إدانة مرعي وعنيسي بجرائم “الضلوع في مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، والتدخل في جريمة ارتكاب عمل إرهابي، والتدخل في جريمة القتل عمداً والتدخل في جريمة محاولة القتل عمداً”، وتبعاً لهذه التهم أصدرت مذكرات توقيف بحقهما على أن يصار لاحقاً إلى ابلاغها للحكومة اللبنانية بواسطة النيابة العامة التمييزية ووزارة العدل تمهيداً لتولي السلطات اللبنانية “مهمة الملاحقة والتوقيف”. وتنطلق بالتوازي إجراءات “تحديد عقوبة” كل من مرعي وعنيسي عبر إيداع أفرقاء القضية (الادعاء، الدفاع، ممثلو الضحايا) مذكراتهم بهذا الخصوص خلال مهلة شهر، ريثما يتم إصدار العقوبة المناسبة بحقهما خلال جلسة علنية تعقدها غرفة الاستئناف لهذه الغاية.
حكومياً، تخطى مجلس الوزراء أمس “جدلية” الميغاسنتر وأسقطها من حسابات الدورة الانتخابية المقبلة في 15 أيار، مقابل مطالبته بوجوب اعتمادها في انتخابات العام 2026، غير أنّ مصادر قيادية في “التيار الوطني الحر” أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ إجهاض “الميغاسنتر” على طاولة مجلس الوزراء لن يمرّ مرور الكرام “ومش رح نبلعها”، كاشفةً أنّ “التيار” سيعقد اجتماعاً تشاورياً اليوم برئاسة النائب جبران باسيل للتداول في “مروحة الخيارات المتاحة أمامه، وهي كثيرة، من بينها طرح تقديم اقتراح قانون معجل مكرر إلى مجلس النواب حول آلية الميغاسنتر لوضع المجلس أمام مسؤولياته في ظل استنكاف الحكومة عن القيام بواجباتها في هذا الملف”. ورداً على سؤال حول المدى الذي يمكن أن يبلغه “التيار الوطني” في تصعيده السياسي – الانتخابي، اكتفت بالقول: “التصعيد مستمر ومن الممكن أن يؤدي إلى أي مكان“.
وفي هذا السياق، ستتوالى إطلالات باسيل خلال الأيام المقبلة، بدءًا من اللقاء الذي يعقده اليوم مع مرشحي “التيار الوطني” للانتخابات، على أن تكون له إطلالة بعد غد الأحد للإعلان عن أسماء هؤلاء المرشحين من حملة بطاقات الانتساب الحزبي، على أن تليها إطلالة سياسية “تصعيدية” خلال العشاء السنوي الذي يقيمه “التيار” في “الفوروم دو بيروت” لمناسبة ذكرى 14 آذار، حيث أكدت مصادر مقربة من باسيل أنه سيضمّن كلمته “رسائل سياسية في كل الاتجاهات برسم الحلفاء والخصوم على حد سواء”، مشيرةً إلى أنه “سيفنّد أمام الرأي العام كل الممارسات الكيدية، وسيقدم مضبطة اتهام وتوضيح تتطرق إلى الضغوط التي مورست لحرمان اللبنانيين في دول الانتشار من حقهم بالدائرة 16، واللبنانيين في الداخل من حقهم بآلية الميغاسنتر التي تؤمن سهولة الاقتراع وكثافة التصويت“.