الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار : ميقاتي يهدد بالاستقالة لحماية سلامة
الاخبار

الأخبار : ميقاتي يهدد بالاستقالة لحماية سلامة

خطوة متقدمة، لكنها من دون تأثير، قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس لحماية حاكم مصرف لبنان رياض ‏سلامة. كان رئيس الحكومة هدّد القضاء بأنه مستعد للاستقالة في حال توقيف الحاكم. لكنه، أمس، لوّح بالأمر علناً، ‏متذرعاً بالخلاف مع الكتل النيابية حول مشروع الـ”كابيتال كونترول” ليطلب طرح الثقة بالحكومة، الأمر الذي لم ‏يكن أساساً محل تداول لا مع حلفائه ولا مع بقية أركان الحكم والحكومة‎.‎

جاءت خطوة ميقاتي في وقت يستعد سلامة لمواجهة إجراءات جديدة في لبنان وخارجه، وبعدما حاول رئيس الحكومة ‏توفير حصانة رسمية له بدعوته إلى حضور جلسة الحكومة اليوم، وهو ما اعترض عليه رئيس الجمهورية ميشال ‏عون مبلغاً ميقاتي بأنه في حال قرر استدعاء الحاكم، عليه عقد الجلسة في السراي الكبير وليس في قصر بعبدا. ونصح ‏عون ميقاتي بأن يقنع سلامة بالمثول أمام القضاء في التحقيقات القائمة، وكرّر رفضه أي تدخل من جانب الحكومة في ‏عمل القضاء‎.‎

تزامن هذا التطور مع ورود معلومات، مصدرها سويسرا، تفيد بأن الجهات القضائية هناك تناقش احتمال اتهام جهات ‏رسمية لبنانية حكومية وقضائية ومصرفية بعرقلة التحقيق الأوروبي القائم في ملف سلامة وشركاه، خصوصاً أن ‏فريق التحقيق المؤلف من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، قرر مواصلة التحقيق استناداً إلى القوانين المعمول بها في ‏الاتحاد الأوروبي، ومن بينها قانون العقوبات الخاص بمكافحة الجرائم المالية. وتبين أن الأمر يتعلق بتوجيه إنذار ‏علني إلى الجهات اللبنانية التي تمنع إخضاع الحاكم وفريقه للتحقيقات المباشرة، كما تمنع المحققين اللبنانيين من ‏الوصول إلى المعلومات التي يحتاجها المحققون في أوروبا. وفي ذلك إشارة مباشرة إلى ثلاث جهات: رئيس الحكومة ‏والنائب العام التمييزي والمصارف الخمسة المطالبة بالتصريح عن معلومات تتعلق بثروة سلامة وحساباته وحسابات ‏شقيقه الموقوف رجا‎.
وينتظر أن يعقد قاضي التحقيق في جبل لبنان نقولا منصور غداً جلسة استجواب للحاكم. لكن المعطيات تشير إلى أن ‏الأخير لا يزال يرفض المثول أمام القضاء بحجة عدم صلاحيته في الملاحقة. كما يرفض تزويد المصارف القضاء ‏بالمعلومات بحجة أنها تخضع للسرية المصرفية خلافاً لما تنص عليه المواد القانونية التي تسقط السرية متى بدأ ‏التحقيق بجرم الإثراء غير المشروع. ولم تعرف بعد وجهة القاضي منصور، الذي يبدو أنه حصل على نسخة من ملف ‏التحقيقات الجارية في فرنسا، وهو كان يفكر في استجواب سلامة وفي مواجهته مع شقيقه رجا، وفي حال عدم مثول ‏الحاكم قد يضطر منصور إلى اتخاذ تدبير قضائي بحقه، إما من خلال إصدار مذكرة جلب أو ما هو أبعد من ذلك‎.‎

وكان الرئيس ميقاتي، طلب أمس، تحويل جلسة مجلس النواب التي انعقدت في “الأونيسكو” إلى جلسة مناقشة عامة ‏لطرح الثقة بالحكومة معبّراً عن استيائه من الانتقادات التي طاولته على خلفية مشروع قانون الـ “كابيتال كونترول”. ‏وأتى الطلب بعدَ أيام من الصِدام القضائي – المصرفي، وجلسة الحكومة التي بحثت في ملف ملاحقة المصارف ‏وسلامة، وما سبقها من توتّر بين ميقاتي وعون وعدد من القوى السياسية حول التعامل مع هذا الملف. وهذا ما دفعَ ‏أكثر من مصدر سياسي إلى وضع طلب ميقاتي في إطار “رد الفعل على الإجراءات التي تُتخذ في حق المصارف” ‏وعدم تمكنه من “معاقبة القضاة الذين تجرأوا على اتخاذ إجراءات ضد المصارف ويرفضون لفلفة ملفات سلامة”، ‏فضلاً عن “استيائه جراء فشل حكومته في تحقيق أي إنجاز حتى الآن، وشعوره بأن الأمور بدأت بالخروج عن ‏السيطرة”. وهو، بطلبه هذا، حاول “انتزاع الثقة مرة أخرى من مجلس النواب، باعتبار أن هناك حاجة لحكومته في ‏هذه المرحلة ولا يستطيع أحد أن يطالب بإسقاطها‎”.‎
أراد ميقاتي تغليف امتعاضه هذا برمي المشكلة في حضن “مجلس النواب الذي يعرقل الخطوات الإصلاحية”، ‏علماً أن أسباب التأزيم تعود إلى “رفض الرئيس عون تدخل الحكومة في عمل القضاء”. كما أن هناك سبباً إضافياً ‏يتمثل في منع ميقاتي من “محاسبة” القضاة، تحديداً مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي يتهمه رئيس ‏الحكومة بأنه كان طرفاً في رسالة خرجت من لبنان إلى فرنسا ومنها إلى إمارة موناكو، وانتهت بطلب معونة ‏قضائية تتعلق بملف ممتلكات آل ميقاتي في الإمارة. وقد وصلت الأمور بميقاتي الذي أراد الانتقام من عويدات إلى ‏إعادة تبنّي “صفقة” الإطاحة بالقضاة الأربعة: سهيل عبود وعلي إبراهيم وبركان سعد إضافة إلى عويدات، علماً ‏أنه كان رافضاً لذلك سابقاً بحجة “عدم جواز التدخل في عمل القضاء‎”.
وفي هذا الإطار، علمت “الأخبار” أن “القضاة الأربعة المطلوب إطاحتهم اجتمعوا أكثر من مرة وخلصوا إلى أن ‏اتخاذ الإجراءات في ما خص ملف المصارف يستدعي تدخل عويدات حصراً إذا ما لزِم الأمر، وأن الأخير اجتمع ‏مع رئيس الحكومة وأبلغه بأن التفتيش القضائي هو من يتدخل في حال استدعت الظروف، وأنه لن يقوم بحفظ أي ‏ملف، وهذا الكلام سمعه الرئيس عون أيضاً‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *