شهدت العاصمة بيروت يوم أمس صباحاً صاخباً ترافق مع موعد عقد اللجان النيابية المشتركة جلسةً لبحث مشروع قانون “الكابيتال كونترول” بالصيغة الأخيرة التي أرسلتها الحكومة، إذ اعتصم عدد من المودعين إلى جانب نقابات المهن الحرة رفضاً للصيغة المطروحة ولخطة التعافي التي تحمّل المودعين الخسائر بشكل كبير، علماً أن الدولة بمؤسساتها مسؤولة عن هدر المال العام والخاص، وبالتالي واجب عليها تحمّل الخسائر والتعويض.
واللافت ما حصلت عليه “الأنباء” الإلكترونية من معلومات نقلتها مصادر وثيقة الاطلاع، ذكرت أن ما يجري في موضوع تطيير جلسات الكابيتال كونترول ليس إلا وليد قرارٍ مُضمر لدى الحكومة بعدم البت بشيء من هذا القبيل قبل الانتخابات النيابية، وترك الأمور قيد التمييع لتقطيع الاستحقاق الانتخابي، وهو ما كشفه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمرجع رسمي رفيع المستوى التقاه منذ أيام، وذكر أمامه أن لا داعي للعجلة في موضوع إقرار الكابيتال كونترول.
وفيما تتهرب قوى نيابية اخرى من اخذ القرار في هذا الموضوع نتيجة حسابات شعبوية انتخابية، يبقى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الأحرص على عدم تضييع فرصة الإصلاح التي توفّر باباً لدخول صندوق النقد الدولي على خط مساعدة لبنان، وجنبلاط لذلك يصر على ضرورة إقرار القانون بالصيغة التي تحمي حقوق وأموال الناس قبل الانتخابات النيابية، لأنه ما بعد الانتخابات ستضيع الأمور في ترتيبات تشكيل حكومة جديدة والتي تأخذ الكثير من الوقت.
وفي التحرك النقابي أمس،اعتبر نقيب الأطباء شرف أبو شرف أن “الاعتصام أمام مداخل ساحة الشهداء كان ناجحاً، والمشهد مهم رغم يأس الشعب وحملات التخويف من الاعتداء والضرب“.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت أبو شرف إلى أن “المشكلة تكمن في صيغة الكابيتال كونترول المقترحة، بالإضافة إلى خطة التعافي التي تحمّل المودعين مسؤولية الديون للمودعين“.
وكشف أبو شرف عن اجتماع تم عقده مع وفد صندوق النقد الدولي، “وطرحنا أفكارنا التي تبنّاها الصندوق، وبمقدمتها اعتماد خطّة تعافي توّزع الديون (التي يسمونها خسائر) على الدولة ومصرف لبنان والمصارف بعيداً عن المودعين، وعدم إعطاء براءة ذمّة لاحد، كما وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، بالإضافة إلى توحيد سعر الصرف“.
وختم أبو شرف حديثه مؤكّداً استمرار التحركات الرافضة لقرارت السلكة الحالية.
ومع تطيير اقتراح الكابيتال كونترول، فالسؤال هو: هل طار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يشترط إقراره، أو أقلّه تجميد الامور الى ما بعد الانتخابات؟ وهنا على الحكومة كما على بعض القوى السياسية التي لم تعمل على تعديل الصيغة المطروحة وإقرارها أن تجيب وأن تقول للشعب اللبناني ما فائدة الهروب من المسؤوليات في هكذا مرحلة حرجة من تاريخ لبنان.