كلفت الحكومة اللبنانية القضاء العسكري التحقيق في حادث غرق «زورق الموت» قرب شواطئ مدينة طرابلس في شمال لبنان، وحاولت امتصاص غضب أهالي الضحايا بتكليف الهيئة العليا للإغاثة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمواكبة ذوي الضحايا، وتكليف وزارات «للتواصل مع الهيئات الدولية للبحث في إمكان تقديم المساعدة لهم ولذويهم»، وذلك في جلسة استثنائية عقدت أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء للبحث بالحادثة وانضم إليهم لاحقا قادة الأجهزة الأمنية.
وبعد الاتهامات التي وجهت للجيش بالمسؤولية عن غرق الزورق إثر مطاردته، أعلن وزير الإعلام زياد مكاري أن قائد الجيش العماد جوزيف عون وضع نفسه وقيادة الجيش والعسكريين بتصرف القضاء، كما قدم ومدير المخابرات وقائد القوات البحرية عرضاً مفصلاً معززاً بالصور والوثائق، حول ما حصل مع الزورق والمحاولات التي قامت بها القوات البحرية لإنقاذ الركاب.
وشدد قائد الجيش خلال مداخلته في الجلسة على ضرورة المحافظة على معنويات العسكريين لأنها أساسية وضرورية في ظل الظروف الراهنة والمهمات الكثيرة المطلوبة منهم، ولأن المعنويات هي أهم سلاح بالنسبة للجيوش، موجها انتقادات قاسية إلى الذين استغلوا حادثة غرق الزورق من سياسيين ومسؤولين لأهداف سياسية وانتخابية موجهين الاتهامات إلى الجيش بافتعال الحادثة وإغراق النساء والأطفال، فيما الجيش كان يحاول إنقاذهم.
وفيما انتقد مكاري تعاطي القضاء مع المهربين كشف أن «المهرب بالحادثة الأخيرة كان قد أوقف وأُفرج عنه في وقت قصير».
وكان الرئيس عون استهل الجلسة بالتأكيد على أهمية تولي القضاء التحقيق في ملابسات غرق الزورق وسط وجود روايات متضاربة عنها، وذلك بهدف جلاء الحقيقة ووضع حد لأي اجتهادات أو تفسيرات متناقضة. ووصف الحوادث الأمنية الأخرى في طرابلس وبيروت والاعتداء على وزير الطاقة وليد فياض بأنها «غير مقبولة ولا مبرر لها»، داعيا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها.
بدوره، شدد ميقاتي على عدم جواز حرف الأنظار بهذه القضية عن سياقها القانوني والقضائي الذي يجب أن يأخذ مجراه إلى النهاية التي تفضي إلى كشف ملابسات ما حصل والاقتصاص من المتسببين بما حصل. وإذ أعرب عن رفضه إلقاء التهم جزافاً قبل إنجاز التحقيق، فإنه شدد «على إجراء التحقيقات بسرعة وشفافية بعيداً عن الضغط الإعلامي والاستثمار السياسي والشعبوي والانتخابي الرخيص»، مؤكداً على متابعة القضية وفق الأصول القضائية والأمنية، وعلى وجوب أن تكون التحقيقات شاملة. ودعا إلى التشدد في متابعة ما حصل، مطالباً الأجهزة الأمنية بالتشدد في الأمن الوقائي لتلافي حصول أي كارثة، معرباً عن ثقته الكبيرة بحكمة الجيش وقيادته والتحقيقات التي سيقوم بها.
وطلبت الحكومة من قيادة الجيش إجراء تحقيق شفاف حول ظروف وملابسات الحادث، وذلك تحت إشراف القضاء المختص، والطلب إلى الجيش بتكثيف جهود البحث والإنقاذ عن المفقودين بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، كما من وزارتي الخارجية والمغتربين والدفاع الوطني التواصل مع الجهات الدولية للمساعدة في تأمين المعدات والآليات اللازمة لتعويم المركب الغارق.
وأعلن مكاري كذلك عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الحكومة هدفها إعداد مشروع قانون يرمي إلى إنشاء مجلس لتنمية الشمال، مشيرا من جهة أخرى إلى إدانة الحكومة للاعتداء الذي تعرض له وزير الطاقة والمياه وليد فياض وطلب من الأجهزة الأمنية والقضائية اتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة الفاعلين وإنزال العقوبات بحقهم..