ماذا سيتبلغ المبعوث الاميركي اموس هوكشتاين الذي يصل اليوم إلى بيروت من الجانب اللبناني، في وقت لم تتضح بعد صورة موقف لبنان من الطروحات التي كان قدمها هوكشتاين للحكومة في شباط الماضي ولم يتلق إجابة واضحة بشأنها حتى اليوم.
مصادر خبيرة في ترسيم الحدود المتنازع عليها دوليا، أعربت عبر “الأنباء” الالكترونية عن شكها في ان يكون الرد اللبناني الرسمي على اسئلة هوكشتاين يوازي الحملات التي اطلقت على لسان مسؤولين رسميين وغير رسميين عقب إعلان اسرائيل عن وصول السفينة “انجن باور” التي ستتولى حفر واستخراج الغاز من حقل كاريش. وشبّهت المصادر هذه الحملات بالحركة بلا بركة التي لا فائدة منها ورأت ان هذا الأسلوب في النزاعات الدولية لا يوصل إلى شيء، إذ في الغالب تخضع لقوانين دولية وخاصة لدى الدول التي تشهد عداوات مزمنة كما هو الحال بين لبنان واسرائيل.
واعتبرت المصادر أن “المواقف الشعبوية والتهديدات العشوائية تضعف الموقف اللبناني ولا تفيده بشيء”، لافتة إلى أن اجتماع رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي والذي غاب عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يحمل اي جديد، ولن يحمل الإجابات المحددة والواضحة التي يطالب بها هوكشتاين بما يدفع إلى أمرين: إما تعديل المرسوم 6433 والعودة إلى طاولة المفاوضات لتحسين شروط لبنان بعض الشيء، أو قبول لبنان بالخط 23 والمباشرة بالتنقيب والمحافظة على ثرواته النفطية، وأي شيء خارج هذين الأمرين سيعقد الأمور ويحرمه من ثروته، خاصة بعد دخول إيران على الخط ووضع عملية الترسيم على طاولة مفاوضات فيينا.
الخبير القانوني البروفيسور سعيد مالك رأى في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أن الثابت الوحيد هو أن تتخذ الحكومة قرارا سياسيا لناحية تحديد المطالب اللبنانية وما إذا كان الخط 23 سيبقى ام يصار الى تعديل المرسوم رقم 6433 واعتبار الخط 29 من ضمن الحدود اللبنانية. وفي هذه الحالة يعود لمجلس الوزراء اتخاذ القرار المناسب بشأنه. وقال مالك إن ما يحصل نتيجة تلكؤ الرئيس نجيب ميقاتي في الدعوة لاجتماع الحكومة يعتبر خطأ كبيرا بالنسبة لهذا الملف العالق، فالبت بشأنه يناط بالسلطة التنفيذية. وقال: “كان مفترضا بالدولة تعديل المرسوم 6433 والذهاب به الى مجلس الامن من اجل تثبيت الحق اللبناني، ومن ثم فتح التفاوض غير المباشر مع اسرائيل وأن تنطلق المفاوضات من حدود لبنان عبر الخط 29 اذا توصل الافرقاء الى اتفاق تسووي لضمان حقنا، لأن ليس باستطاعتنا التوجه للأمم المتحدة بشأن التعدي على المياه الإقليمية طالما الخط 23 هو المعتمد من قبلها، وطالما أن الحكومة اللبنانية لم تعتمد هذا الخط على أنه الحدود اللبنانية رسميا وقانونيا .
من جهتها أشارت الخبيرة الاستراتيجية الدكتورة لوري هايتيان إلى أنه لم يتغير شيء من صورة المشهد، فالمسؤولون ما زالوا على موقفهم بالنسبة للخط 23 وهم يتحدثون عن منطقة متنازع عليها هي الخط 29 بدل أن يقوموا بأي خطوة لتثبيت حق لبنان. ولفتت في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن هوكشتاين يريد ان يعرف مطالب الدولة اللبنانية ولا يريد ان يسمع اي شيء آخر، كما يريد أن يفسّر لهم ان الخط 29 غير ثابت ولا يمكن اعتباره الحدود اللبنانية، وأن حقل كاريش يقع خارج المنطقة المتنازع عليها ومن الممكن أن يفاوض على المساحة 860 كيلو متر مربع.
وعن معادلة قانا مقابل كاريش رأت هايتيان أن كاريش حقل مكتشف، أما قانا فغير مكتشف، وهذه المعادلة ليست واقعية وغير صحيحة كمن يتخلى عن شيء موجود مقابل شيء غير موجود. وقالت إن قانا تتطلب شراكة مع اسرائيل، فإذا وجد فيه الغاز سيكون مشتركا، وإذا استمر لبنان بالقول ان كاريش متنازع عليها فواضح انه تنازل عن الخط 29 وقبل بالخط 23، معتبرة أنه الآن لديه العرض الأميركي وهو بالمقابل يسعى للحصول على مساحة 860 كلم مربعا، فلا يمكنه الحصول عليها طالما لا يوجد تثبيت مساحات جديدة. وسألت لماذا تتنازل إسرائيل عن مساحة 860 كلم مربع؟، ورأت أن عرض هوكشتاين يتلخص بتقاسم البلوكات 8 و 9 مع إسرائيل، فالمسألة الوحيدة التي تغير مسار الامور تبدأ بتعديل المرسوم 6433 للضغط على كاريش، وغير ذلك ليس هناك أي تغيير إلا إذا كان هناك ورقة ما لن يسلمها لبنان الى اسرائيل إلا مقابل الحصول على ما يسمى قانا