بدت حظوظ إعادة تكليف الرئيس #نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات النيابية للسنة 2022 والحكومة الأخيرة في عهد الرئيس ميشال عون مرتفعة عشية أسبوع تترقب فيه الأوساط السياسية والديبلوماسية انطلاق مسار التكليف والتاليف الحكوميين علي نحو مواز لاستحقاق المحادثات المفصلية التي سيجريها الوسيط الأميركي في ملف #ترسيم الحدود البحرية بين #لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين اليوم وغدا في بيروت. وعقب أسبوع عاصف من الجدل والضجيج الإعلامي والسياسي المتصل بالمشهد اللبناني المربك حيال ملف الترسيم خصوصا بعد تفرد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله باستباق الموقف الرسمي الذي سيبلغ الى هوكشتاين واطلاقه تهديدات باللجوء الى القوة لاستهداف منصة استخراج الغاز في حقل كاريش، تصاعدت عشية زيارة الوسيط الأميركي مؤشرات من مقار الرئاسات الثلاث تؤكد ان موقفاً موحداً لبنانياً سيبلغ اليه وان التنسيق جار بين المسؤولين في هذا الملف الوطني والاستراتيجي. واما في استحقاق التكليف والتأليف الحكوميين فلم تبرز بعد معطيات ثابتة حيال المسار الذي ستسلكه الأمور، لكن بدا ان تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا لن يبعد كثيرا بعدما تصاعدت الانتقادات والاتهامات للعهد ورئيس تياره جبران باسيل بتعمد تأخير الاستشارات لاهداف تتصل باشتراطات حول تركيبة الحكومة الجديدة وحقائبها. وفيما لم تتبلور بعد أسماء ثابتة مطروحة في التداول لتولي تشكيل الحكومة لوحظ ان اسهم ميقاتي لا تزال متقدمة في بورصة الأسماء المطروحة فيما يرجح تحديد موعد الاستشارات في منتصف الأسبوع الحالي.
وبالعودة الى ملف الترسيم اتخذت زيارة هوكشتاين دلالاتها البارزة مع صدور بيان لوزارة الخارجية الأميركية رسميا إن الولايات المتحدة سترسل مبعوثا إلى لبنان لمناقشة أزمة الطاقة في البلاد وتأكيد أمل واشنطن في أن تتمكن بيروت وإسرائيل من التوصل إلى قرار بشأن ترسيم حدودهما البحرية. وأضافت إن آموس هوكشتاين كبير مستشاري وزارة الخارجية لأمن الطاقة سيزور لبنان يومي 13 و14 حزيران. وافاد البيان إن “الادارة ترحب بالروح التشاورية والصريحة للطرفين للتوصل الى قرار نهائي من شأنه أن يؤدي الى قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان وإسرائيل والمنطقة”.
وفي سياق الاستعدادات الرسمية للمحادثات مع هوكشتاين اجتمع السبت رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في قصر بعبدا وبحثا مطولا في الموقف اللبناني من الترسيم وتنسيق موقف موحد . وأفادت معلومات انه جرى عرض الخرائط والملفات التي حملها ميقاتي بملف اسود الى بعبدا ووصف الاجتماع بانه كان تقنيا بامتياز ولا تباين بالموقف بين الاطراف اللبنانية ولن يصدر اي موقف او سقف او ورقة رسمية للتفاوض بانتظار ما يحمله الوسيط الأميركي .
وفي المعلومات المتوافرة لـ”النهار” ان الرئيسين عون وميقاتي اتفقا على ابلاغ هوكشتاين ردا ًرئاسياً موحداً ولكن لا يمكن استباق ما سيحمله الوسيط الاميركي الى المسؤولين بمعنى بأنهم لا يحضرون رداً على قاعدة “أبيض او أسود”. ولذلك يتم انتظار الوسيط اذا كان سيأتي بـ “تحسينات” مقارنة بالمرة السابقة مع حرص لبناني رسمي على التوصل الى حل لترسيم الحدود البحرية بين الطرفين. واثيرت مسالة عدم مشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء بعبدا ولكن الجهات المتابعة والمعنية شددت على ان الرئيسين كانا على تواصل مفتوح مع رئيس المجلس ولا مشكلة في هذا الخصوص. وبدوره اكد الرئيس بري لـ”النهار” انه على “تنسيق كامل” مع الرئيسين عون وميقاتي في هذا الملف وعلى قاعدة ان موضوع الترسيم والرد على هوكشتاين ” يبقى خارج اي فلك للعب او المزايدة من أي جهة كانت”. وأشارت معلومات الى ان عون سيبلغ هوكشتاين بأن ما قدمه في محطته السابقة الى بيروت ” لم يكن كافيا ” فضلاً عن تشديده على حق لبنان في ثروته البحرية وعدم التفريط بها او تقديمها هدايا لاسرائيل مع التزامه بتطبيق قانون البحار وقواعد الترسيم الدولية بين فريقين يدخلان في مساحات متنازع عليها.
تهديد إسرائيلي
وبعد ايام على تهديد نصرالله باستهداف منصة التنقيب عن الغاز واستخراجه هدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي سكان لبنان باحتمال اندلاع حرب مهددا بـ”قصف مدمر وواسع إذا وقعت الحرب مع لبنان” .
وفي إشارة الى “حزب الله” في لبنان، قال كوخافي: “لقد قمنا ببلورة آلاف الأهداف التي سيتم تدميرها في منظومة الصواريخ والقذائف التي يمتلكها العدو”. وأضاف: “كل الأهداف موجودة في خطة هجوم لاستهداف مقرات القيادة والقذائف الصاروخية والراجمات ومزيد من هذه الأهداف”. وتابع : “كل ذلك سيتم ضربه في دولة لبنان”. واردف: “قوة الهجوم ستكون غير مسبوقة وأنصح اللبنانيين بمغادرة المناطق التي سنستهدفها”.
وفي المواقف الإقليمية من الوضع في لبنان أكدت طهران عبر سفيرها في بيروت محمد جلال فيروزنا “وقوف إيران بكل ما أوتيت من قوة إلى جانب لبنان حكومة وشعباً، واضعة إمكاناتها العلمية والتقنية والعمرانية المتطورة في خدمة أي مشروع حيوي بربوع هذا البلد الشقيق”. وأشار السفير الإيراني إلى “استعداد إيران الدائم في التعاون الثنائي البناء في المجالات الصحية والعلاجية والاستشفائية وفي سائر المجالات الحيوية الأخرى التي تهم لبنان في هذه المرحلة” وقال ان بلاده ” مستعدة لمؤازرة لبنان إلى أقصى الحدود، خصوصا في هذه المرحلة الحساسة بكل ما تحمله من صعوبات وتحديات” .ولفت إلى أنه “لا بد من الإشارة إلى حق لبنان المشروع والعادل في استثمار ثرواته النفطية والغازية في مياهه، والجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة للتعاون مع لبنان في هذا المجال، الذي يشكل بارقة أمل لخروجه من المصاعب الاقتصادية التي يعاني منها”.
مواقف الراعي
اما في المواقف الداخلية فكانت للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مواقف حازمة جديدة اذ اكد في ملف الأزمة الناشئةَ على الحدودِ البحريّةِ بين لبنان وإسرائيل ان “لا مجال للتفريطُ بحقوقِنا تجاهَ إسرائيل أو كُرمى لأي دولة. الحقُّ حقٌّ أمام العدوِّ والصديق. إنَّ الجنوبَ، أرضًا وشعبًا، عزيزٌ على قلبِنا، والثرواتِ المنتظَرةَ هي ثرواتٌ سياديّةٌ وطنيّةُ تَعِدُ بأرباٍح طائلةٍ للدولةِ وللأجيالِ المقبِلة. وجديرٌ بالمسؤولين أن يَعالجوا هذه الأزْمةَ وصولًا إلى الحلِّ لا إلى الحرب، ليتمكّنَ لبنانُ من استخراجِ الغازِ والنَفط في السُرعة القصوى”. وقال “وَحدها الدولةُ مسؤولةٌ عن حسمِ هذا الموضوعِ. ووحدَها مؤتَمنةٌ على قضايا السيادةِ والاستقلالِ، وعلى ثروات النفط والغاز. ووحدَها الدولةُ مسؤولةٌ عن إدارة ِالمفاوضاتِ مع الجهاتِ الأجنبيّة، وتحديدِ دور الوسطاء، واتّخاذِ القراراتِ، وعقدِ المعاهداتِ، وتقريرِ الحربِ والسلم. وعند الضرورة تستطيع إستطلاع مواقفَ الأطرافِ السياسيّةِ اللبنانيّةِ نظرًا لأهميّةِ الموضوعِ ولدقّةِ الظرفِ. ولكن، لا بدّ من أن يكونَ في النهايةِ مرجِعٌ يَحسِمُ الجدلَ القائمَ ويَضمَنَ حقوقَ لبنان. وفي كلّ ذلك ينبغي تحديدُ مهلةٍ زمنيّةٍ للمفاوضات الرامية إلى استخراج ثروتِنا واستثمارِها بأقصى سُرعةٍ. ”
وتناول الشأن الداخلي فقال “يؤسفنا في قلب هذه الإستحقاقات المصيريّة، أن يَبقى هاجسُ بعضِ المسؤولين مكافحةَ أخصامِهم في السياسةِ والإدارةِ والمؤسّساتِ المدنيّة والعسكريّة لتعيينِ بُدَلاءَ عنهم يَدينون لهم بالولاءِ والطاعة. ولم يتحرّروا بعد من شهوة الأحقاد والإنتقام. ويؤسِفُنا أنهم، رغمَ مناشداتِنا المتكرّرَة، لا يزالون يَستخدمون بعضَ القضاةِ ويُعطونَهم توجيهاتٍ مباشرةً لفتحِ مِلفّاتٍ فارغةٍ وإغلاقِ مِلفّاتٍ مليئةٍ بالشوائبِ والاختلاسات. فيا ليتَ هؤلاءِ النافذين وهؤلاءِ القضاةَ يُوظِّفون جهودَهم في دفعِ التحقيقِ في مرفأِ بيروت لتصلَ العدالةُ إلى أهالي الشهداء والمصابين وإلى بيروت الجريحة، وليَتِمَّ البتُّ بمصيرِ الموقوفين منذ سنتين من دونِ محاكمة! يا ليتَهم يلاحقون من يمنعُ إغلاقَ المعابرِ الحدوديّة، ومافياتِ الكهرباءِ والطاقة، وتجّار المخدّرات الّذين يُعكّرون علاقاتِ لبنانَ بدولٍ شقيقةٍ وصديقة