أفضت الاستشارات النيابية التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون امس لتكليف شخصية سنية لترأس الحكومة الجديدة، إلى نيل نجيب ميقاتي ٥٤ صوتا مقابل ٢٥ صوتا للسفير نواف سلام، وامتنع ٤٦ نائبا عن التسمية، فيما سجل صوت واحد للرئيس السابق سعد الحريري، وصوت للدكتورة روعة حلاب وقاطع النائب أشرف ريفي الاستشارات.
هذه الاستشارات التي كان طابعها بروتوكوليا دستوريا، على اساس ان النتيجة كانت معروفة سلفا، اعتبرتها مصادر سياسية ان الصورة السياسية اليوم مختلفة تماما عن سابقاتها لاسيما وأن هذه الاستشارات اتت بعد انتخابات نيابية أفرزت وجوها جديدة، ومشاهدة غير تقليدية بحيث ان التوافق المسبق على الكثير من المواضيع اليوم بات أمرا مستحيلا ومستبعدا كما كان يحصل سابقا.
المرحلة المقبلة بطبيعة الحال ستشهد شد حبال لاسيما وأن استحقاقات مهمة تنتظر لبنان وأولها تشكيل حكومة، انتخاب رئيس جمهورية جديد، متابعة التواصل والاتفاق مع صندوق الدعم الدولي، اجراء الاصلاحات المطلوبة خارجيا…..الا ان المشهدية السياسية تبدو صعبة جدا، بحيث ان تأليف الحكومة لن تكون طريقها مسالة في غياب شريحة وازنة فيها كالاشتراكي، القوات، الكتائب، وربما مقاطعة التيار.
وكشفت المصادر ان الكلام حول توجه الرئيس المكلف اجراء تعديلات وزارية على حكومة تصريف الأعمال لا يبدو أنه سيسلك طريقه الإيجابي نظرا لعدم دستوريتها وقانونيتها. من هنا استبعدت المراجع السياسية تمكن ميقاتي من تجاوز هذا المطب الحكومي، وبالتالي فإن حصول ميقاتي على ٥٤ صوتا قد يطرح علامات استفهام حول الثقة التي ستنالها حكومته، بمعنى آخر فإن الرئيس ميقاتي مجبر على الحصول على ٦٥صوتا كي تنال الحكومة الثقة، وهذا الامر غير متوافر اليوم.
المصادر وصفت الوضع الحالي بالستاتيكو والجمود السياسي حتى أوائل ايلول حيث يبدأ المجلس النيابي العقد العادي للفترة التشريعية، وعندها يحق للمجلس النيابي دعوة النواب الى انتخاب رئيس للجمهورية، وبهذه الحالة يدخل لبنان مرحلة جديدة ربما قد تفضي الى انتخاب رئيس ضمن الفترة الدستورية المحددة او نكون أمام فراغ جديد نعرف متى يبدأ ولكننا لا نعرف متى ينتهي.
وكانت الاستشارات الملزمة بدأت صباحا واستكملت عصرا . وعند انتهائها، أعلن المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبعدما تشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعه على نتائج الإستشارات النيابية الملزمة، استدعى نجيب ميقاتي ليكلفه بتشكيل حكومة».
ميقاتي : وقال الرئيس نجيب ميقاتي اثر تكليفه بتشكيل الحكومة: «بداية أقول شكرا لمن سماّني. وشكرا أيضا لمن لم يزكّني، لانهم جميعا مارسوا دورهم بكل ديموقراطية. هذا التكليف الجديد يحمّلني اليوم مسؤولية مضاعفة، ولكن تبقى الثقة الملزمة للجميع من دون استثناء لها عنوان واحد هو التعاون. فلنتعاون جميعنا اليوم على إنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبط فيه، لأن مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فرد».
أضاف :»بكل صدق وإخلاص وتجرّد أمدّ يدي إلى الجميع من دون إستثناء، بارادة وطنية طيبة وصادقة».الوطن بحاجة اليوم إلى سواعدنا جميعا. لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وانانياتنا اذا خسرنا الوطن. المهم اليوم أن نعي أن الفرص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يجب إنقاذه. نحن قادرون معا على إنتشال البلد من أزماته”.
وقال : «المهم أن نضع خلافاتنا واختلافاتنا جانبا وننكب على إستكمال الورشة الشاقة التي تتطلب أن نضع أمامنا انقاذ شعبنا ووطننا كهدف واحد اوحد . لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب. أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا ساعدوا انفسكم لنساعدكم».