ميقاتي سيُعوّم الحكومة بعد التصعيد العوني…. ولبنان بمنأى عن السيناريو العراقي – نور نعمة
تشخص عيون اللبنانيين الى قصر بعبدا لناحية معرفة التطورات التي ستحصل حول هوية رئيس الجمهورية المقبل، وان كان سينتخب ضمن المهلة الدستورية ام ان البلاد ستشهد فراغا رئاسيا في خضم انهيار اقتصادي ومالي وكياني.
وفي هذا الصدد، قالت اوساط سياسية لـ «الديار» ان كل المعطيات تدل ان الاستحقاق الرئاسي لن يتم ضمن المهلة الدستورية، وان الامور ذاهبة الى فراغ، لاسباب عديدة:
– اولا : ميزان القوى داخل البرلمان ليس محسوما لاي فريق سياسي معين.
– ثانيا : فريق 8 آذار الذي يشكل حزب الله ضابط الايقاع له، لم يتمكن من الحصول على اكثرية نيابية لترشيحاته، حيث ان السيد هشام صفي الدين قال بوضوح «ان الاستحقاق الرئاسي لم يتبلور بعد، ونحن بحاجة الى مزيد من الانضاج، وان لا مرشح لحزب الله في المرحلة الحالية»، مضيفا : «ان الرئيس عون سيغادر القصر الجمهوري في الموعد المحدد».
– ثالثا: لم تتمكن المعارضة ايضا من الاجماع على مرشح واحد، بل لا تزال مشتتة، فضلا عن ان كل الافرقاء السياسيين لم يتفقوا على رئيس تسوية.
– رابعا: الخارج يريد ان تحصل الانتخابات الرئاسية في موعدها، ولكن لا يبادر الى ممارسة ضغوط، بل تقتصر الامور على التمني فقط. ذلك ان الاجواء الاقليمية والدولية ملتهبة، ولا حلول للازمات التي تعصف بالمنطقة، حيث ان الحرب السورية انتهت ولم يجر حتى اللحظة اي تسوية سياسية، في حين يذهب العراق نحو الخراب. اما الحرب الاوكرانية –الروسية فلا تزال مستمرة دون اي حسم من اي طرف.
– خامسا: اميركا بقيادة الرئيس جو بايدن لا تريد تقديم تنازلات حاليا خلال الانتخابات الداخلية التي ستجري، بينما الكيان الصهيوني منشغل بانتخاباته والتنافس بين الاحزاب لاجل تشكيل حكومة.
سادسا: في ظل هذه التطورات، يغرق اللبنانيون في صراعات آنية تدل على قصر نظر عند المسؤولين، ولا يبدو انهم يعملون لحلحلة الوضع المأزوم، بل تزداد الانقسامات فيما بينهم، وهذا يشير الى ان معاناة المواطن اللبناني ستطول.
كل هذه المعطيات تشير الى ان الفراغ سيكون سيد الموقف في الاشهر المقبلة، كما تدل الى ان الاولوية اليوم تحولت الى اولوية حكومية وليس رئاسية، لان فريق العهد ابدى رغبة واضحة في تأليف حكومة باسرع وقت ممكن ، حيث يضمن نفوذه فيها ويحصل على منصة متقدمة سلطوية شريكة لرئيس الحكومة، لاكمال ما يقوم به الرئيس ميشال عون على المستوى السياسي.
وبالتالي هذا الامر، يمكّن فريق العهد من ان يكمل مساره من موقع قوي، خاصة ان حزب الله لن يرشح احدا من دون التوافق مع اكبر كتلة مسيحية متحالفة معه وهو التيار الوطني الحر.
اضافة الى ذلك، تؤكد المؤشرات على ان العهد وفريقه ذاهبان الى مواجهة كبيرة مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وقد قالها النائب جبران باسيل بانه اذا بقيت الحكومة الحالية فستحصل ازمة كبيرة، مشيرا الى عدة خيارات قد يلجأ اليها تكتل لبنان القوي، من بينها سحب التكليف من ميقاتي.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان باسيل بكلامه هذا، يوجه رسالة لحزب الله مفادها ان يضغط على ميقاتي من اجل تشكيل حكومة، بما ان المقاومة لا تريد فوضى دستورية.
بري اسقط طرح الرئيس عون
الى ذلك، ورغم كل التسريبات التي اشيعت عن تعديل حكومي مرتقب خلال الاسابيع المقبلة ، انما هذا الامر قد سقط نتيجة رفض الرئيس نبيه بري هذا الطرح بزيادة 6 وزراء سياسيين وابلاغه حزب الله رفضه التام.
ميقاتي سيعوّم الحكومة بعد تصعيد عون
وبينما كان ميقاتي لا يريد تعويم الحكومة في ظل العهد القوي، عاد وتراجع عن موقفه بعدما علم بأن الرئيس ميشال عون ذاهب الى التصعيد عبر اللجوء الى توجيه ضربة سياسية له من خلال سحب التكليف، تحت شعار بأن ميقاتي لا يقوم بواجباته ويدخل البلاد في فوضى دستورية، وبالتالي فان الرئيس عون له الحق في حماية البلاد.
وتقول المعلومات انه جرى عتاب جدي في اللقاء الاخير الذي حصل بين الرئيسين عون وميقاتي حول توقف العديد من الملفات لجهة القرارات المتعلقة بوقف محكمة التمييز، مما اثر في التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت. كما اثيرت مسألة توقيف التعيينات المتعلقة بعمداء الجامعة اللبنانية وجرى عتاب بين الجانبين عمن يقف وراء التعطيل في هذين الملفين. وتزامنا، برز ضغط للثنائي الشيعي قوي لتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لتعبئة الفراغ . من هنا، تشير المعلومات الى ان بري قد يؤجل الدعوة لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية ليعطي المفاوضات بشان تأليف الحكومة الفرصة لاسبوعين او ثلاثة، لاقرار البنود المتعلقة بما يطلبه صندوق النقد الدولي، رغم ان الامر بات صعبا نتيجة رفض المجلس النيابي مشروع «الكابيتال كونترول» المطلوب من صندوق النقد الدولي. والجدير ذكره هنا، ان الدستور ينص على اجراء جلسة لانتخاب رئيس للجمهوري في 20 تشرين الاول ، ومنذ هذا التاريخ يصبح المجلس النيابي مجلسا انتخابيا فقط ولا يعود له الحق في ان يمنح الثقة للحكومة.
عون لن يبقى في القصر الجمهوري
في غضون ذلك، أكدت مصادر وزارية مطلعة لـ «الديار» أن الرئيس عون لن يبقى في القصر الجمهوري، لانه يعلم ان هذا الامر سيؤدي الى مشكلة داخلية ودولية، وهو لا يريد ادخال البلاد في فوضى او ازمة حكم. وتابعت المصادر : ان جلّ ما يريده الرئيس عون هو وجود حكومة تؤمن له بالحد الاقصى ما يريد، وتضمن له استمرارية لحكمه، بما ان المؤشرات تدل الى ان الاستحقاق الرئاسي لن يتم ضمن المهلة الدستورية.
المشاورات الرئاسية متوقفة
وفي الملف الرئاسي ايضا، تكشف اوساط معنية في «الثنائي الشيعي» ان لا مشاورات بين حزب الله و «حركة امل» و «التيار الوطني الحر» واحزاب 8 آذار، بشكل رسمي او جماعي ومكثف ، فما يجري اليوم عبارة عن لقاءات ثنائية حزبية تنظيمية.
وتشير الاوساط الى ان تحديد بري لمواصفات الرئيس المرغوب منذ ايام، في ذكرى تغييب الامام الصدر في صور، هو بداية لتلمس هذا الفريق للرسم التشبيهي للرئيس المطلوب، رغم ان بعض الافرقاء في 8 آذار يفضلون النائب السابق سليمان فرنجية على باسيل، الا ان «الثنائي الشيعي» لم يبحث في اسم المرشح، ولم يطرح اي اسم في انتظار التوافق عليه داخل هذا الفريق. وترى الاوساط ان هذا التوافق لن ينضج قبل دعوة بري الى جلسة انتخاب الرئيس، وهذا امر قد لا يتم قبل منتصف تشرين الاول المقبل!
السيناريو العراقي لن يحصل في لبنان لان…
توازيا، اعرب كثيرون من سياسيين ومواطنيين عن خوفهم من حصول السيناريو العراقي في لبنان، خاصة ان الازمة الاقتصادية انهكت المؤسسات والشعب اللبناني، انما مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى أكدت لـ «الديار» أن ما يحصل في العراق لن يمتد الى لبنان، والسبب ان الجيش اللبناني بقائده جوزيف عون قادر على ضبط الامور وبسط السلطة على الاراضي اللبنانية. واكدت المصادر ان الجيش لديه القدرة والقوة لاحباط اي فوضى تطل برأسها من اي جانب سياسي او امني او اجتماعي، ولذلك لبنان لن يعيش فوضى على غرار العراق.
«القوات»: سنعلن اموراً متعلّقة بالرئاسة الاسبوع المقبل
من جهتها، قالت مصادر «القوات اللبنانية» ان اولويتها حاليا هو وحدة موقف المعارضة لناحية الوصول الى نتيجة ملموسة، وتشكل المدخل للنجاح في الاستحقاق الرئاسي، مشيرة الى ان الترشحيات الآنية هي جيدة، انما الموقف الموحد حيال مرشح واحد سيشكل بداية الطريق لانتخاب رئيس له خلفية سيادية ووطنية واصلاحية، نظرا لخصوصية المرحلة التي يمر بها لبنان. ولفتت المصادر «القواتية» الى ان الاتصالات ناشطة في هذا المجال، خاصة مع بدء المهلة الدستورية التي سرّعت الجهود لتوحيد موقف المعارضة ، ولا شك ان هناك امورا ستعلن تباعا ابتداء من الاسبوع المقبل الى جانب امور تحصل وراء الكواليس.
وكشفت هذه المصادر ان مكونات المعارضة وصلت الى قناعة جماعية، وهي ان وصول رئيس للجمهورية من 8 آذار يعني استمرار الازمة رغم تبايناتها ، كما ان لا مكوّن معارضة وحده يتمكن من تنفيذ الهدف المرجو منه وتحقيق امنيات الناس التي علقت آمالا كبيرة على المعارضة. وعليه، يجب على الجميع ان يتعاون من اجل المصلحة العامة، والتغيير في النهج والاداء السياسي في البلاد.
مطالب لبنان في ملف الترسيم البحري مؤجلة
في ملف الترسيم البحري بين لبنان والعدو الاسرائيلي، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ «الديار» أن مطالب لبنان في هذا المجال ستتحقق، انما بعد حصول الانتخابات «الاسرائيلية». وخلاصة القول ان رئيس حكومة العدو الاسرائيلي الحالي يائير لابيد لا يريد تنفيذ الشروط اللبنانية قبل الانتخابات، كيلا تستغل المعارضة «الاسرائيلية» ذلك ، وتطلق شعارات شعبوية لناسها فتشد العصب الصهيوني.
وعليه، مطالب لبنان في الملف الترسيم ، اي حصوله على خط 23 مع تعرجاته مؤجلة الى حين اجراء الانتخابات «الاسرائيلية»، ومن بعدها سيكون على الارجح زيارة للوسيط الاميركي اموس هوكشتاين للبنان لايجاد مخرج للعدو الاسرائيلي بعودته الى المفاوضات، واعطاء لبنان ما يريده من الثروة النفطية.