مع تناقص “حبّات الرمل” في ساعة الاستحقاق الرئاسي وتسارع العد العكسي للحظة أفول العهد العوني وشغور قصر بعبدا عن سابق تصوّر وتصميم، كما عبّر النائب سليم عون في معرض توقعه علناً أمس عدم حصول انتخابات رئاسية ضمن المهلة الدستورية “لأن لا إمكانية لعقد جلسة مكتملة النصاب بين جميع الأطراف”… أضحت لعبة “شد حبال” الحكم بين أركان السلطة محصورة بالحلبة الحكومية، تثبيتاً للمواقع وتحصيناً لخطوط الدفاع عنها خلال “ولاية الفراغ”، وعلى ذلك يستشرس العهد وتياره في سبيل الاستحواذ على “حصة الأسد” في حكومة الشغور الرئاسي لضمان تكبيل مجلس الوزراء بقيد الثلث المعطّل وإبقاء مفاتيح الحل والربط في قبضة “حارس بعبدا” و”حابس السراي” جبران باسيل.
وفي الانتظار، تتصاعد حدة الاشتباك الرئاسي وترتفع وتيرة التجاذب وتناتش الصلاحيات بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، وسط تسابق كل منهما في تظهير سطوته الوزارية في التأليف والتصريف الحكومي، سيّما في ظل ما بدا أمس من مزاحمة جلية بين الجانبين على تصدّر مشهد إدارة البلاد مع تظهير صورة دخول قصر بعبدا شريكاً مضارباً للسراي الكبير في عقد اللقاءات الوزارية والتنسيقية مع عدد من القطاعات. إذ وعلى ما تبيّن من أجواء اللقاء الخامس بين عون وميقاتي، فإنّ “البتّ في ملف تشكيل الحكومة تم ترحيله إلى تشرين الأول المقبل لتكون ولادة التشكيلة المرتقبة في الربع الساعة الأخير من ولاية العهد”، وفق ما نقلت مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية، متوقعةً أن تأتي التشكيلة الجديدة في نهاية المطاف “نسخة طبق الأصل عن تشكيلة تصريف الأعمال”.
وأعربت المصادر لـ”نداء الوطن” عن “قناعة الأفرقاء المعنيين بالاتصالات الحكومية بأنّ عملية تدوير الزوايا في التعديل الوزاري تبدو متعذرة حتى الساعة، ولذلك قد يكون المخرج الأفضل هو في إعادة تشكيل الحكومة القائمة كما هي، لكي تصبح كاملة الصلاحيات في مرحلة الشغور الرئاسي”، موضحةً أنه “بعدما تراجع الرئيس المكلف عن مسودة تشكيلته الأولى وقدّم تشكيلة ثانية أبقت وليد فياض في حقيبة الطاقة مع إبداء مرونة في مسألة تسمية بديلين عن وزيري الاقتصاد والمهجرين أمين سلام وعصام شرف الدين، لم يلاقِ عون التراجع الميقاتي بخطوة مماثلة، بل مضى قدماً في طلب التفرّد بتسمية الوزيرين البديلين باعتبار سلام وشرف الدين كانا من حصته في الحكومة الحالية، كما أعاد الإصرار على توسعة الحكومة لتكون ثلاثينية من خلال إضافة 6 وزراء دولة سياسيين تحت عنوان ضرورة تأمين الغطاء السياسي للحكومة التي ستنتقل إليها صلاحيات رئيس الجمهورية في مرحلة الشغور”.
وفي المقابل، لفتت المصادر نفسها إلى أنّ “المعارض الأساس للحكومة الثلاثينية هو الرئيس نبيه بري الذي عبّر صراحةً عن ذلك في مهرجان صور الأخير، فضلاً عن تأكيد ميقاتي لعون عدم حماسته لطرح التوسعة بغية تجنّب توسيع رقعة الخلاف على الحصص والتسميات الوزارية”. وأمام هذا الواقع أخذ “حزب الله” على عاتقه الدفع قدماً بصيغة “إبقاء القديم على قدمه”، فأبلغ المعنيين بالتأليف أنّه بات يرى الحل الأمثل للمعضلة الحكومية في “إصدار مراسيم التأليف وفق تشكيلة الحكومة الحالية ذاتها، بتوزيعة الحقائب ذاتها والأسماء الوزارية ذاتها”.
في الغضون، وغداة تحذير الرئيس إيمانويل ماكرون في خطابه السنوي أمام السلك الديبلوماسي الفرنسي من “الوضع الهشّ” في لبنان، مشدداً على وجوب تعزيز سيادته واستقراره في مواجهة “ارتدادات الأزمات الإقليمية”، برزت أمس إضاءة وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أيضاً على “هشاشة الوضع اللبناني”، بحيث أكدت في ختام اجتماع السفيرات والسفراء الفرنسيين المعتمدين في العالم على ضرورة “دعم الشعب اللبناني المنهك”، داعيةً في المقابل المسؤولين اللبنانيين إلى “اتخاذ القرارات الحاسمة للإصلاح، ومن أجل العدالة”.
وإذ نوّهت بالحاجة إلى “التوافق في ما بين اللبنانيين”، قالت كولونا: “لبنان منهك، وشدة الأزمة الاقتصادية (لديه) ليس لها مثيل”، وأردفت: “مسؤوليتنا هي دعم الشعب اللبناني المنهك، واستخدام نفوذنا لوقف الإهمال والتعسف”، مع الإشارة في الوقت عينه إلى أنّ “أسباب الأمل موجودة، فقد حصلت الانتخابات النيابية، وتم توقيع اتفاق فني مع صندوق النقد الدولي”.