كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
مع إقرار موازنة العام 2022 بـ63 صوتاً نيابياً معها، واعتراض 37 نائباً، وامتناع 6 نواب، تُطوى هذه الصفحة، كإجراء يلبّي من جهة متطلبات صندوق النقد الدولي، لكنها من جهة ثانية، لا ترقى حتى إلى اسمها، حيث انّها بدل أن تأتي محمّلة بعناصر الحماية والقدرة على مواجهة الأزمة وتحدّياتها، اضافت إلى معاناة المواطن اللبناني المنكوب، حمولة زائدة من الأعباء الثقيلة، التي لن يطول الوقت حتى تبدأ آثارها في الظهور، ويبدأ معها اللبنانيون رحلة صراخ جديدة من اوجاعها.
واذا كان إقرار الموازنة يستجيب لرغبة المستعجلين عليها بوصفها افضل الممكن لملء الفراغ المالي، وامراً لا بدّ منه في المسار المؤدي إلى بلوغ برنامج تعاون مع صندوق النقد، الّا انّ التعويل يبقى على كيفية ملء الفراغ الحكومي، مع دخول ملف تأليف الحكومة دائرة الاحتمالات تؤرجحه تارة في اتجاه التعقيد وانسداد أفقه، وتارة اخرى في اتجاه الولادة الوشيكة لحكومة مستنسخة بغالبية وزرائها عن حكومة تصريف الاعمال.
تأليف .. لا تأليف؟!
فعلى الصعيد الحكومي، يُفترض بعد إقرار الموازنة ان تدور محركات التأليف بزخم مفترض، بحسب الأجواء التي سادت في الآونة الاخيرة ورجّحت ولادة الحكومة ضمن فترة سقفها بدايات تشرين الاول المقبل. وتبعاً لذلك، يُنتظر ان يدخل ملف التأليف في دائرة الحسم النهائي، مع اللقاء المرتقب في الساعات المقبلة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، لتوجيه الدفة الحكومية، إما في اتجاه التأليف وإصدار مراسيم الحكومة، واما في الاتجاه الآخر وإبقاء هذا الملف في دائرة التعقيد، ومعنى ذلك تهيئة البلد لاشتباك سياسي عقيم حول صلاحية حكومة تصريف الاعمال بوراثة صلاحيات رئيس الجمهورية، يلي الفشل الحتمي في اجراء الانتخابات الرئاسية في جو الانقسام السياسي القائم، خلال الشهر الثاني من المهلة الدستورية، على رغم الدعوة، او ربما الدعوات المتتالية لجلسات الانتخاب التي سيدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
المناخ السائد
وإذا كان المناخ الذي ساد في الايام الاخيرة وأوحى بأنّ الحكومة الجديدة صارت في مرحلة وضع اللمسات الاخيرة على تشكيلتها، وحسمها ينتظر لقاء الرئيسين عون وميقاتي، الّا انّ ما هو سائد عشية هذا اللقاء، والذي تجلّى بإعادة تطويق ملف التأليف بروايات وتسريبات جديدة – قديمة من هذا الجانب او ذاك، فرض من جديد، جوّاً من الغموض صعّب تحديد وجهة الرّياح الحكوميّة.
وعلى ما تؤكّد مصادر معنية بملف التأليف لـ”الجمهورية”، فإنّ الجو القائم بين الرئيسين عون وميقاتي يعكس رغبتهما في التسريع في تأليف حكومة، وعدم إيقاع البلد في مشكل سياسي وجدل دستوري مفتوح، وتداعيات واحتمالات سلبية، وهو امر يدفع إلى افتراض انّ الإيجابيات ما زالت قائمة، انما يشوبها الكثير من الحذر ربطاً ببعض التفاصيل المرتبطة ببعض الاسماء المقترحة للخروج من الحكومة القائمة، وكذلك الاسماء المقترحة كبدائل لهم. علماً انّ ثمة اشارات جدّية ما زالت موجودة، تعكس رفض تغيير بعض الاسماء. وفي اي حال، كل تلك التفاصيل يفترض ان تُحسم في لقاء، او ربما لقاءات الرئيسين عون وميقاتي، هذا إذا لم تحصل مداخلات من قِبل بعض المتضررين ونسفت تلك اللقاءات قبل انعقادها.
وعلى الرغم من الايجابيات المفترضة، الّا انّ الاجواء المحيطة بالرئيسين عون وميقاتي عابقة بالحذر المتبادل، والتشكيك بالنوايا.
فمن جهة، ثمة من ينقل عن الاوساط المؤيّدة لموقف رئيس الجمهورية بأنّها ترفض المساس بصلاحيات رئيس الجمهورية، والتعامل مع الولاية الرئاسية بأنّها انتهت. فالرئيس سيمارس صلاحياته كاملة حتى آخر يوم من ولايته، وبالتالي فإنّ كرة التأليف في ملعب الرئيس المكلّف، وانّ رئيس الجمهورية كما كان منذ البداية منفتح على النقاش، ولكن ضمن صلاحياته الدستورية وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة، وبالتالي يستحيل القبول بإلزامه بأي تشكيلة، او بأي اسماء، سواء لتغييرها او لإشراكها في الحكومة. علماً انّ ثمة علامات استفهام ما زالت من دون توضيح حول الغاية والخلفيات القائمة خلف تغيير هذا وذاك من الوزراء.
اما في الاوساط المقابلة، فإنّ التشكيك واضح في نوايا الطرف الآخر. ولفت في هذا السياق، ما سمّاه موقع “لبنان 24” التابع للرئيس ميقاتي “الكمّ الهائل من التسريبات التي تضخّها “الادارة الرديفة في قصر بعبدا”، تارة عن لائحة شروط ومطالب ينبغي على رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي تنفيذها قبل حسم الملف الحكومي، وطوراً عن التهديد بإصدار مرسوم بقبول استقالة الحكومة لمنعها من تصريف الاعمال، وما شابه ذلك من “ولدنات وحرتقات” معروفة المصدر”.
ونسب الموقع إلى ما سمّاها اوساطاً مطلعة قولها، “انّ الرئيس ميقاتي لن يُقدم على اي خطوات حكومية قبل التأكّد من وجود نوايا جدّية للحل، حتى لا تكون الاجتماعات خالية من اي نتيجة ايجابية”. وينقل مقرّبون من ميقاتي عنه قوله انّه “لن يدخر اي جهد لتشكيل الحكومة، وانّه اصلاً قدّم تشكيلة إلى الرئيس عون ينبغي الانطلاق منها في اي بحث، لا العودة إلى شروط ومطالب جديدة، ليس اوانها ولا يمكن القبول بها”.
يشار في هذا السياق، إلى انّ ميقاتي قال في حديث صحافي في نيويورك قبل عودته الى بيروت: “لقد كُلّفت لتشكيل حكومة، وفي اليوم التالي للاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب، قدّمت لفخامة الرئيس تشكيلتي الحكومية، ولا يزال الموضوع عالقاً بين وزير من هنا وآخر من هناك، وهذا البحث يحصل بيني وبين فخامة الرئيس وبالتعاون معه، وأتمنى في الاجتماعات المقبلة في الأسبوع المقبل أن ننتهي من هذا الموضوع لأنّه لا يحتاج إلى الكثير من النقاش، والبلد بحاجة إلى حكومة لتستطيع التصدّي قدر المستطاع للمشكلات التي نعاني منها، ونأمل بالتعاون مع مجلس النواب أن نتصدّى لكل هذه المشكلات”.
جلسة الموازنة
وكان المجلس النيابي قد انعقد بهيئته العامة امس لمتابعة درس مشروع موازنة العام 2022 التي طيّرها فقدان النصاب القانوني قبل عشرة ايام.
وكما كان متوقعاً، شهدت الجلسة مناقشات مستفيضة حول بنود الموازنة وما تتضمنه من اعباء كبيرة على المواطنين، يفاقمها قصور واضح في التقديمات، وفي التصدّي لمتطلبات الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة. والتقت مختلف التوجّهات النيابية على وصف الموازنة التي يفترض انّها تعيد انتظام المال العام، بأنّها موازنة غير متوازنة، وانتقدوا التخبّط في الارقام المقترحة للوزارات، ولن تؤدي في نهاية الامر الّا إلى مزيد من الاهتراء وغرق لبنان في الأزمة اكثر فأكثر.
ولوحظ توالي الاصوات الاعتراضية في الجلسة على اعتماد الدولار الجمركي على 15 الف ليرة، وكذلك على العجز المقدّر للموازنة الذي يزيد عن 16 الف مليار ليرة، وعلى السبل المحدّدة لتحصيل الواردات. ولفت في هذا السياق، قول الرئيس ميقاتي خلال النقاش انّ “صندوق النقد الدولي تعهد بعد الاتفاق ان يسدّد العجز، والّا ذاهبون إلى التضخم”. الّا انّ الرئيس بري سارع إلى الردّ على ميقاتي طالباً ان يشطب ما قاله من المحضر وقال: “عم تغلط، يشطب من المحضر، أنا والمجلس النيابي لا نخضع لا لصندوق النقد ولا لغيره، والمجلس سيّد نفسه وهناك سيادة في مجلسنا”.
63 صوتاً
وقد عُقدت الجلسة على جولتين نهارية توسّع فيها النقاش، ومسائية استُكمل فيها هذا النقاش، وطُرحت الموازنة على التصويت في ظل حضور نيابي فاق المئة نائب، حيث جاءت النتيجة 63 نائباً صوتوا مع الموازنة، وعارضها 37 نائباً، وامتنع 6 نواب عن التصويت.
وأبرز ما تضمنته الموازنة، زيادة رواتب موظفي القطاع العام المدنيّين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين وكافّة الأجراء في الدولة، زيادة ضعفين على الراتب الأساسي، على أن لا تقلّ الزيادة عن 5 ملايين ليرة لبنانية ولا تزيد عن 12 مليون ليرة. وتُعتبر هذه الزياده استثنائية محدودة الزمن ريثما تتّم المعالجة النهائية لموضوع الرواتب، ولا تُحتسب في تعويضات نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي. هذا وقد بنيت أرقام واردات الموازنة على احتساب الدولار الجمركي بقيمة 15,000 ليرة لبنانية كما أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة العامة.
وتوجّه رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل لرئيس مجلس النواب نبيه بري في ختام جلسة إقرار الموازنة بالقول: “دولة الرئيس سؤال بالسياسة: “اللي صوّت عالمادة بند بند وكان مع.. وبالآخر صوّت ضدّ، هيدا كيف منحسبو؟”.
كما شدّد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي حسن خليل، بعد إقرار مشروع موازنة 2022، على “أننا اقفلنا صفحة من أجل الانطلاق إلى الأمام، وما انجزناه يشكّل قاعدة لننطلق من خلالها في موازنة 2023، وهي أفضل بكثير من أن لا يكون هناك موازنة ونزال نتخبّط”.
ولفت إلى أنّه “حين يتمّ التصويت ضدّ هذه الموازنة، فهذا يعني أنّ من صوّت بذلك هو ضدّ اعطاء بعض حقوق العسكريين المتقاعدين”، مشيرًا إلى أنّ ما تمّ من خلال هذا المشروع، مهم لهم وللقطاع العام.
وأوضح خليل، أنّ “مشروع الموازنة أتى بعد الجلسة بعجز قيمته 10 آلاف و800 مليار”، مشيرًا إلى “أننا قمنا بتأمين توازن بين الواردات والنفقات، وقيمة أي موازنة هو التزام الحكومة بتطبيقها والمحاسبة والمراقبة، ومواكبة كل التفاصيل القانونية”، كما شدّد على أنّ “مجلس النواب لا علاقة له بتحديد قيمة الدولار الجمركي، وحين سألنا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن السعر الذي احتسبت به الواردات من خلال الدولار الجمركي، اجاب بأنّه 15 ألفاً”.
ولفت عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون، بعد انتهاء جلسة اقرار موازنة 2022، إلى أنّه “كان يوجد منطقان في الجلسة، منطق يريد المعالجة ومنطق يريد الإبقاء على الفوضى”.
وذكر أنّ “المقاربة التي اتخذناها بشأن الموازنة هي التحسين فيها”، موضحًا أنّ “الناس تتأذى حين لا نقوم بتقديم شيء لهم”، مشيرًا إلى أنّه “لا يمكننا أن لا نقوم بأي شيء، والمطلوب وجود مسؤولية بدلًا من الشعبوية”، كما لفت إلى أنّ “تحديد الدولار الجمركي ليس بحاجة إلى قانون بل يحدّده وزير المالية وله الحق برفعه أو خفضه”.
وكان النائب سامي الجميّل قد اعتبر في جلسة النهار، انّ الموازنة “عبارة عن مواد وهمية وهي بمثابة عملية انتحار جماعية وتشريع التهرّب الضريبي والإقتصاد الموازي. واصفاً ايّاها بالمهزلة”. وفي تصريحٍ على هامش الجلسة قال: “بدلاً من القيام بالاصلاحات والنظر في كيفية إدخال الدولار إلى البلد، نضيّع وقتنا بالهروب الى الامام”، مؤكّداً انّ “كل الايرادات التي يجري الحديث عنها هي وهمية، لأنّ زيادة الرواتب ستؤدي إلى مزيد من طبع العملة وارتفاع حجم التضخم وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية”.
من جانبها، اقترحت كتلة “الجمهورية القوية” إعادة العمل بإعفاء معاشات التقاعد من الضريبة على الرواتب والأجور، والهيئة العامة اقرّت الاقتراح. كما أثارت الكتلة موضوع ضرورة استعادة مبلغ 52 مليون دولار فريش من شركات الطيران لمصلحة الجامعة اللبنانية، وأكّد النواب هذا الأمر.
تحرّك المتقاعدين
وكانت الجلسة قد ترافقت مع تحرك تصعيدي للعسكريين المتقاعدين في محيط مجلس النواب، وحاولوا الدخول اليه بالقوة، وذلك بعد ان تردّد انّ رواتبهم ستُضاعف مرة ونصف المرة فقط. وبعد ان دخل وفد منهم إلى البرلمان حيث طرح مطالبه، خرج وزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم إلى حيث تجمّعهم، وأبلغهم بأنّ “المطالبة بالحقوق تشمل العسكريين بفئاتهم كافة وعوائل الشهداء والعسكريين المتقاعدين، بما فيها كل الاسلاك العسكرية. وهؤلاء أعطوا عمرهم في الخدمة ودافعوا عن الارض والشعب وردّوا كل الاخطار التي تهدّد بلدنا”.
أضاف: “نعمل ضمن امكانات الحدّ الأقصى لنيل حقوق العسكريين. في المرحلة الاولى كانت هناك مساعدة اجتماعية وتضاعفت”. وتابع: “تقرّر اليوم ان تتضاعف الرواتب 3 مرات، أما الحسابات التفصيلية فهي تعود للأجهزة المختصة في المال. أما موضوع المخصصات فيُحسم لاحقاً وفق الحسابات، وفي موازنة 2023 سيُطرح تعديل قيمة الراتب من أساسه”.
العرض الاميركي
من جهة ثانية، ابلغت مصادر رسمية إلى “الجمهورية” قولها، انّ ملف الترسيم امام محطة حاسمة في الايام القليلة المقبلة، والأجواء تميل إلى الايجابية اكثر من اي وقت مضى.
واكّدت المصادر، انّ الجانب اللبناني لمس في المحادثات التي أُجريت في واشنطن على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، حماسة لافتة لدى الاميركيين في إنهاء هذا الملف في القريب العاجل بما يخدم مصلحة الطرفين المعنيين بترسيم الحدود البحرية اي لبنان واسرائيل.
وكشفت المصادر، انّ الجانب الاميركي اكّد انّ عناصر الاتفاق ممكنة، وهو سيسعى جهده من موقعه كوسيط بين الجانبين لبلوغ هذا الاتفاق قريباً جداً.
وفي السياق ذاته، نُقل عن مسؤول في السفارة الاميركية في بيروت قوله، انّ الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل آموس هوكشتاين يتابع جهوده للوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية، مشيراً إلى أنّ الإدارة الأميركية مستمرة في تضييق الثغرات بين كل الأفرقاء، وتعتقد أنّ التسوية المستدامة ممكنة، مرحّباً بروح التعاون لدى الطرفين للتوصل إلى حل.
أضاف المسؤول الأميركي: “إنّ حل النزاع حول الحدود البحرية هو أولوية لإدارة الرئيس جو بايدن، ولدينا إيمان راسخ بأنّ الإتفاق سيوفر استقراراً مستداماً وازدهاراً اقتصادياً للطرفين”.
يشار هنا إلى انّ رئيس الجمهورية ميشال عون عرض مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب خلال استقباله في قصر بعبدا، نتائج الزيارة التي قام بها إلى نيويورك الاسبوع الماضي واللقاءات التي عقدها هناك مع الوسيط الاميركي. وكشف بو صعب انّ “العرض الخطي الذي سيرسله هوكشتاين من المتوقع وصوله إلى بعبدا قبل نهاية الاسبوع الجاري”.
تحذير من الغدر
وفي سياق متصل، حذّرت مصادر لبنانية مسؤولة ما تبيته اسرائيل، ربطاً بملف الترسيم، وقالت لـ”الجمهورية”، انّه على الرغم من التطمينات التي ترد من اكثر من مستوى اميركي وغربي، وكذلك من الامم المتحدة، الّا انّ القلق قائم من إقدام اسرائيل على اي خطوات تصعيدية عدوانية، لزرع العراقيل امام اي اتفاق محتمل حول ترسيم الحدود، وتأجيله إلى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية.
واشارت المصادر، الى انّ هذا الامر أُبلغ الى الاميركيين، الذين شدّدوا من جهتهم على تجنّب الاطراف جميعاً القيام بأي خطوات او اعمال تهدّد الاستقرار القائم في المنطقة. مؤكّدين انّ الولايات المتحدة تضع ملف الترسيم ضمن اولوياتها وتسعى مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي لتحقيق اتفاق بحري، وما تكوّن لدى هذه الادارة حتى الآن، يصنّف في خانة الايجابية الملموسة التي يفترض ان تُترجم قريباً باتفاق علني بين الجانبين.
إشارات تصعيد
يشار في هذا السياق، الى انّ الاشارات التصعيدية الاسرائيلية توالت في الآونة الاخيرة، وآخرها قبل ايام قليلة، حيث أُعلن في اسرائيل انّ رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لابيد، عقد جلسة مشاورات أمنية بمشاركة وزير الدفاع وقادة الجيش والأجهزة الأمنية، للبحث في سيناريوهات محتملة للتصعيد على الجبهة الشمالية مع لبنان. وخُصّص الاجتماع من اجل بحث سيناريوهات اندلاع مواجهة مع “حزب الله” على الجبهة الشمالية في ظل المفاوضات على ترسيم الحدود مع لبنان.
وفي هذه الجلسة، بحسب ما عكسه الاعلام الاسرائيلي، أوضح لابيد أنّه لم يحدّد بعد موعداً دقيقاً لبدء استخراج الغاز من حقل ” كاريش”، فيما كانت مصادر إسرائيلية رجحت ألّا يتمّ ذلك قبل منتصف تشرين الأول المقبل.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قد وجّه تحذيراً مطلع الشهر الجاري “لزعيم “حزب الله” حسن نصرالله” من عرقلة مفاوضات الحدود البحرية مع لبنان، أو إلحاق ضرر بمنصة حقل “كاريش”. كما اتهم في تصريحات لاحقة إيران بمحاولة “شراء” لبنان من خلال جعله يعتمد على “حزب الله” في الوقود وإصلاح شبكة الكهرباء في البلاد. وأوضح حينها أنّ “اعتماد لبنان في مجال الطاقة على إيران قد يؤدي في النهاية إلى إقامة قواعد إيرانية على الأراضي اللبنانية وزعزعة استقرار المنطقة”.