اذا كان وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان شكل محور الحركة السياسية اللبنانية نهارا، فان وليم نون سرق منه الاضواء ليشكل محور الاهتمام السياسي مساء، بعد توقيفه من المديرية العامة لامن الدولة اثر اطلاقه تهديدات باحراق قصر العدل، اذا لم يمض التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، متجاوزا الافخاخ والمطبات التي وضعها له عدد من السياسيين.
وقد بدت زيارة وزير الخارجية الايراني اكثر اقليمية من كونها لبنانية، اذ غالبا ما تعتمد طهران لبنان منصة سواء لرسائلها السياسية او العسكرية في الاقليم. فلم تحمل الزيارة اي جديد لبنانيا، الا كلام متكرر عن استعداد لدعم قطاع الكهرباء في لبنان، وقول عبد اللهيان ان “#إيران ستقف الى جانب لبنان وتدعمه في كل الظروف، وترغب في تطوير العلاقات وتفعيلها على الصعد كافة”.
واذا كانت الزيارة خرقت الجمود السياسي، في ظل انشغال داخلي بشرعية عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، فان الديبلوماسية الايرانية بدت تسابق اللقاءات التركية – السورية برعاية روسية، واللقاء الذي تنوي باريس عقده من اجل لبنان بالتنسيق مع واشنطن والرياض، من دون التواصل مع طهران، والتطورات الاسرائيلية، لتؤكد دورها الاقليمي الفاعل بدليل ما نقله عبد اللهيان بعد لقائه السيد حسن نصرالله بان “المقاومة في أبهى حالاتها سواء في لبنان أو في فلسطين”، وهو ملخص الرسائل الهادفة الى التذكير بعدم امكان تجاوز النظام الايراني رغم انشغاله بمشاكله الداخلية.
توقيف وليم نون
داخليا، بدت الدولة كأنها تنقض على اهالي ضحايا انفجار المرفأ لتغطية تقصيرها الفاضح في اجراءات سير العدالة، اذ تم توقيف وليم نون الذي هدد بتفجير قصر العدل، من دون محاكمة اي شخص من المسؤولين عن ادخال نيترات الامونيوم الذي سبب الانفجار. وقد طغى توقيف وليم نون على السجال الدائر حول جلسة مجلس الوزراء المتوقعة الاثنين، اذ أوقفت المديرية العامة لأمن الدولة – فرع الدكوانة على ذمّة التحقيق النّاشط وليم نون بعدما حققت معه منذ الساعة 1.30 بعد الظهر. وبحسب المعلومات ، فإنّ المديرية دهمت منزل نون عقب توقيفه. ولاحقا تم نقله الى مركز امن الدولة في السوديكو قبل نقله مجددا الى فرع الرملة البيضاء.
وقصد الاهالي مركز امن الدولة حيث نفذوا اعتصاما اكدوا خلاله انهم لن يغادروا قبل اطلاق نون، وتقدمهم النائب ملحم خلف مع مجموعة من المحامين لمتابعة قضية نون شقيق جو نون الذي ذهب ضحية انفجار المرفأ في 4 اب 2020.
وقد توالت الردود المستنكرة، فأكد عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص، أن “توقيف وليم نون من قبل جهاز أمني يجب أن يكون الشرارة لإطلاق ثورة 02 على هذا النظام البوليسي العفن الذي يخاف من المتطاولين على الدولة ويرهب الساعين الى قيامها”.
وغرّد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل عبر تويتر فكتب: “عندما تنقلب الأدوار فيحاولون تحويل أهالي الضحايا إلى مجرمين نكون في آخر فصول شريعة الغاب”.
واعتبر أن وليم نون موقوف قسرًا لإسكات الأصوات الحرة وقمعها عن المجاهرة بالحقيقة، مؤكدًا أن قضية المرفأ لن تنتهي حتى كشفها.
بدوره غرّد النائب نديم الجميل: وين كان جهاز امن الدولة لما زعران الحزب القومي هجموا على العدلية يوم اصدار الحكم بقضية اغتيال بشير وهددوا القضاة بالقتل؟ وين كان لما جربوا البلطجية يهجموا عالعدلية “لقبع القاضي بيطار”؟ الشبيبة متأثرين كثير بالحرس الثوري الايراني..”.
وقال النائب زياد الحواط: محاولة توقيف وليم نون صورة عن اللادولة واللاعدالة والفلتان. بدل توقيف المجرمين في تفجير المرفأ تتم ملاحقة المطالبين بالعدالة والحقيقة.
وصدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي الاتي: إن استمرار التعامل بطريقة بوليسية مع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وآخر ذلك توقيف شقيق الشهيد جو نون، وليم نون، والتمادي في تعطيل التحقيق والعدالة في هذه الكارثة المأساوية التي أصابت كل اللبنانيين، يدفعنا إلى تجديد المطالبة الصريحة بضرورة إحقاق العدالة بهذا الملف دون أي مواربة، ومحاسبة المسؤولين أيا كانوا دون أي إبطاء، والبحث عن الأسباب والمسببين لهذه الفاجعة بدل الاقتصاص من أهالي الضحايا الذين يستحقون بالحد الأدنى العدالة لأبنائهم.
وكان “تجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت” استنكر في بيان، “الوقاحة الفاضحة التي تمثلت باستدعاء أهالي ضحايا وشهداء للتحقيق على خلفية وقفة احتجاجية وتكسير بعض الزجاج في قصر العدل، بعد انتظارهم الحقيقة والعدالة سنتين ونصف سنة من دون جدوى”. ورفض “هذا الإجراء التعسفي القمعي في حقهم”، محذرا “بشدة من مغبة أي توقيف يطال أحدهم”، وقال: “سنتحرك كجسم واحد، رغم اختلافنا حول القاضي، فمصلحة قضيتنا فوق كل اعتبار، خصوصا أن ما جمعته الدماء والدموع والأشلاء لا يمكن لأحد أن يفرقه”.
مجلس الوزراء
الى ذلك، ينتظر أن يوجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة إلى جلسة حكومية الإثنين المقبل بعدما حسم أمر مشاركة “حزب الله” في الجلسة بشرط حصرها بملف الكهرباء وبالتالي تأمين النصاب من أجل إصدار المرسوم المتعلق بسلفة الخزينة التي تتيح فتح اعتماد مستندي لتغطية ثمن شراء كمية 66000 طن متري من مادة الغاز أويل لصالح “مؤسسة كهرباء لبنان”. وافاد وزير الطاقة وليد فياض انه لن يحضر الجلسة وانه حاول الاتصال بميقاتي، لكن الاخير لا يجيب على اتصالاته.
اما عن قانونية ما قام به فياض، يلفت الخبير القانوني عادل يمين الى ان الاخير “اجرى المناقصة تنفيذا لقرار مجلس الوزراء المتعلق بخطة الكهرباء وبناء على موافقة استثنائية موقعة من رئيس حكومة تصريف الأعمال بتسديد تكاليف باخرتي الفيول، وقد تمت المناقصة بإشراف هيئة الشراء العام، فلا يكون وزير الطاقة مسؤولا عن التأخر في تسديد نفقات وتكاليف الباخرتين، خصوصا أن المطلوب راهنا هو مجرد رسالة اعتماد”.