يبدو لبنان هذا الاسبوع في خضم عاصفتين . الاولى طبيعية، وقد بدأت الاسبوع الماضي على ان تتجدد في الساعات المقبلة، أما الثانية، فقضائية – سياسية مع انطلاق استجوابات المحقق العدلي المكفوفة يده في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار اليوم الاثنين، والتي على الارجح لن يحضرها المستدعون اليها، من جهة، ومع اللقاء الخماسي الذي تستضيفه باريس اليوم ايضا، من جهة أخرى، والذي على ما يبدو لن يحمل مرونة بل تشددا في كيفية مقاربة الازمات اللبنانية خصوصا لناحية الموقف الدولي من الدولة اللبنانية وسيادتها وحصرية السلاح على اراضيها والاصلاحات التي عليها القيام بها قبل اي دعم خارجي، في تصلّبٍ لن يُسهم في طبيعة الحال، في حل المعضلة الرئاسية، بما ان حزب الله، معطِّل نصاب جلسات الانتخاب، يضع “حماية المقاومة” على رأس سلّم اولويات الرئيس المقبل.
اللقاء الخماسي
رئاسيا اذا، العيون على باريس حيث يعقد الاثنين اليوم اجتماع فرنسي – اميركي – سعودي – قطري – مصري، بمشاركة مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الاوسط باربرا ليف، مستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والسفير السعودي في بيروت وليد البخاري، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية السفير علاء موسى والسفير نزيه النجاري، ونائب وزير الخارجية القطري السفير منصور العتيبي. واذا كان الرهان كبر في الداخل، سيما لدى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، على مقرراتٍ “حاسمة” رئاسيا سيخرج بها اللقاء الخماسي، فقرر تهيئة الارضية المحلية لها عبر رفع شعار التلاقي والمرشّح التوافقي، الا ان مصادر ديبلوماسية تقول ان هذا الاجتماع لن يخرج باتفاق على اولوية اجراء الانتخابات في اسرع وقت حتى انه لن يخوص في الاسماء الرئاسية، بل هو سيحدد خارطة الطريق والشروط التي يجب ان يسير عليها لبنان وأيُ رئيس يتم انتخابه، في المرحلة المقبلة، سياديا واقتصاديا، وهي شبيهة بما جاء في البيان الاميركي – الفرنسي – السعودي الذي صدر من نيويورك منذ اشهر، ويطلب تنفيذَ الطائف وضبط السلاح غير الشرعي وتنفيذ القرارات الدولية والاسراع في الاصلاحات. والاجتماع الدولي سيُشجّع القوى المحلية على الاتفاق في ما بينها لايجاد الشخص المناسب للرئاسة وانتخابه، وسيحصر مساعداته للبنان بالشق الانساني للمؤسسات غير الحكومية الى حين تقيّد بيروت بهذه الشروط.
مبادرة الصرح
في الداخل، رفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي نبرته في الملف الرئاسي بالتوازي مع استعدادات الصرح لاستضافة النواب المسيحيين وبحث الانتخابات معهم، رئيسُ مجلس النواب نبيه بري لا يبدو في صدد الدعوة الى جلسات انتخابية منتظرا تأمين 65 صوتا لمرشح الثنائي الشيعي غير المعلن اي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
التعطيل للفرض
على الضفة الاخرى، شدد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على “ضرورة إلتزام الجميع بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، بدلا من تعطيله بهدف فرض مرشح يريده الطرف المعطل”، وذلك خلال لقائه في معراب، السفير البابوي لدى لبنان المونسنيور باولو بورجيا.
في المقابل، استبعد وزير الاعلام زياد مكاري، ردا على سؤال عن جمع النواب المسيحيين في بكركي، اتفاق المسيحيين على ترشيح رئيس للجمهورية. وعن مشاركة المردة، رأى في حديث اذاعي، أنه على المردة المشاركة في حال مشاركة الجميع، وردًا على سؤال حول ما إذا كان فرنجية مرشح للشيعة، قال مكاري ان “سليمان فرنجية ليس مرشح الشيعة في لبنان انما هو مرشح الى رئاسة الجمهورية والسنّة يدعمونه للعديد من الاعتبارات ولكن هناك اشكالية بالأصوات المسيحية وإذا أردنا الاتكال على التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ليتفقوا على انتخاب رئيس فهذا مستحيل وسبق ان فعلوها وفشلوا”، لافتاً إلى تباعد بين جنبلاط وفرنجية. وعن الأسماء التي طرحها جنبلاط، اعتبر أنه “لا يمكن الإتيان برئيس “تكنوقراط” فقط، إنما عليه أن يجمع بين العلوم والسياسة”، معتبراً أن ترشيح النائب ميشال معوّض للرئاسة انتهى.
شغور طويل؟
في المقابل، حزب الله الذي لم يحدد مرشحه ويعطل نصاب الجلسات، يتهم “الاميركيين” بعرقلة الانتخابات، ويبشر بجهوزيته لمرحلة شغور طويلة. فقد أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ان “من يريد أن يصرخ فليصرخ حتى يشبع، فنحن مطمئنون بأن شعبنا لن يصرخ، لأنه شريك معنا في المعركة، كما أننا لسنا مجموعة منفصلة عنهم ونفرض إرادتنا عليهم، ومن يقول إن المقاومة ترهن طائفة وتأخذ البلد إلى المكان الذي تريد، فإننا نقول له بأننا في المقاومة رهائن تطلعات الناس وخياراتهم، والمقاومة جاهزة لما تتطلبه هذه التطلعات من تضحيات”.
مجلس الوزراء
في الاثناء، الشعب كلّه يصرخ وجعا تحت وطأة المأساة الاقتصادية المعيشية وقد نفذ مرضى السرطان في اليوم العالمي لهم، وقفة احتجاجية تحت المطر وفي البرد، امام السراي ، مطالبين بعدم رفع الدعم عن أدويتهم لانه سيتسبب بـ”مجزرة” في وقت اكد وزير الصحة فراس الابيض ان دعمها سيستمر. واذ يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم الاثنين لمحاولة ايجاد حلول للأزمتين التربوية والاستشفائية الطبية، وذلك عشية اضراب عمالي الاربعاء، رأى نقيب الشركات المستوردة للأدوية كريم جبارة أن “أهم الأدوية التي تدخل لبنان هي أدوية الأمراض المستعصية لا سيما الأمراض السرطانية ولا بد من التعاطي مع هذا النوع من الأدوية بطريقة مختلفة”.