كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: وصلت البلاد إلى ذروة التوتر السياسي – الطائفي في جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس، مع ارتفاع حدّة الخطاب التخويني، والاصطفاف المذهبي، اللذين انعكسا إشكالاً جديداً سبق وتكرّر في محطات مشابهة بالأمس القريب، فكان مشهداً لا يليق بمجلس النواب، وبمسؤولين معنيين بتسيير كافة استحقاقات البلاد المنتظرة.
استُحضرت أحداث الحرب الأهلية، جرى رمي التهم يميناً ويساراً، وتصاعدت حدّة التوتر بشكل مُقلق داخل المجلس النيابي، فحذّر رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميّل من أطراف تُريد الفتنة، ليرد عليه النائب علي حسن خليل رافضاً المنطق الذي تحدّث فيه خلال الجلسة المذكورة. وحده كان صوت “اللقاء الديمقراطي” خارج الاصطفافات، حيث حاول نوابه التهدئة وعدم السماح للأمور للتفلّت من عقالها.
وبعد الجلسة، تدخّل رئيس مجلس النواب نبيه برّي، واتصل بالجميل مبدياً رفضه لما حصل، واصفاً إيّاه بـ”غير المقبول”، وكذلك فعل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ليعود ويتصل خليل بالجميّل ويعتذر عن الكلام “الاستفزازي” الذي صدر. إلّا أن ذلك لا يعني انتهاء ذيول ما حصل، لأن القلوب باتت “مليانة”، ومع انسداد الأفق، ما من طريقة للتنفيس، وبالتالي المزيد من التصعيد مرتقب في الأيام والأسابيع المقبلة.
في هذا السياق، ثمّة قلق لا يُمكن تخطّيه بعد المشهدية الطائفية التي سادت في الأسبوع الأخير، على إثر تطوّرات جلسة اللجان المشتركة التي جاءت بعد انقسام الشارع “بين ساعتين”، والخوف من أن ينعكس الانقسام السياسي الحاد إلى توتر في الشارع، خصوصاً لجهة مناطق حساسة، فالقلوب أيضاً “مليانة” في الأزقة كما في المجالس النيابية والوزارية، وفي حال لم يتم سحب الفتيل، فإن الانفجار واقع لا محال.
عضو كتلة “تجدّد” النائب أديب عبد المسيح أبدى قلقه من أن ينعكس التشنّج الحاصل في السياسة على الشارع، مشيراً إلى أن “الجو كان متوتراً قبل الدخول إلى الجلسة، وانفجر نسبياً في الداخل، وفي حال تطوّر الأمر أكثر وانفجرت العداوة السياسية، فلا شك إن ذلك سينعكس على الرأي العام، ويؤدّي إلى تجاوزات طائفية في الشارع، قد تؤدّي إلى فتنة“.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت عبد المسيح إلى أن الحل موجود، وهو يمكن في دعوة برّي إلى جلسة لا تنتهي إلّا مع انتخاب رئيسٍ للجمهورية، ولا قلق في أن ينسحب توتر جلسة اللجان المشتركة إلى جلسة الهيئة العامة، لأن برّي سيكون الضامن، والجلسة ستجري بعهدته، ومهمته ضبط مجلس النواب.
أما وعلى المقلب الآخر، رأى عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم أن “الوضع الراهن يتطلّب الهدوء والتعاطي بحكمة للتخفيف من حدّة التوتر، لأن في البلد ما يكفي من أزمات، علماً أن السجال ليس الأول من نوعه في مجلس النواب أو البرلمانات حول العالم“.
وإذ لفت هاشم في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الحوار هو المخرج الأول لانجاز الاستحقاقات، وعلى رأسها انتخابات رئاسة الجمهورية”، شدّد على أن لبرّي باع طويل في انهاء التباينات والخلافات، ولن يدع ما حصل أن يكون له أي تأثير سلبي.
سبب الخلاف يعود إلى الانتخابات البلدية وكيفية تمويل العملية، في ظل غياب المال، وفي هذا السياق، كشف مصدر نيابي عبر “الأنباء” الالكترونية أن مختلف الأطراف السياسية تُطالب في العلن بإجراء هذه الانتخابات، لكن لا أحد يريد ذلك، بانتظار ما ستفرزه الأيام المقبلة حول هذا الملف.
على خطٍ آخر، يواصل عدد من النواب الزيارة إلى بروكسل، من أجل بحث الملف اللبناني مع دوائر القرار الأوروبية، وفي جديد المعلومات، أعلن عبد المسيح، أحد أعضاء الوفد اللبناني، تعهّد لجنة الشؤون الخارجية بحث الملف اللبناني في جلستها المقبلة، على أن ترفع توصياتها للمفوضية الأوروبية، “وقد لمسنا قلقاً أوروبياً إزاء الوضع في لبنان”، وفق ما قال.
رغم أجواء التهدئة التي يُحاول البعض إشاعتها، إلّا أن الجو على الأرض مغاير، في ظل توتر سياسي طائفي، وضيقة اقتصادية مالية، ولهذين العاملين القدرة على تفجير الشارع في أي وقت، وثمّة أطراف سياسية قد يكون لها مصلحة في ذلك، فحذار الفتنة.