كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: فرض ملف ترحيل النازحين السوريين نفسه في الأيام الأخيرة مادة جدلية، بعد ترحيل الأجهزة الأمنية اللبنانية عدداً من النازحين وتسليمهم إلى أجهزة النظام السوري عبر الحدود بطريقة عشوائية تشكّل خطراً قاتلاً عليهم. وبالتوازي، انطلقت حملة تحريضية ضد النازحين السوريين بطريقة مريبة عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وكأن أزمة النزوح هي الوحيدة التي يعاني منها لبنان.
في هذا السياق، دأبت منظّمات المجتمع الدولي، وعلى رأسها مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التحذير من خطورة الترحيل القسري للنازحين السوريين، نسبةً للمخاطر التي يرتّبها عليهم، خصوصاً وأن سوريا لم تبلغ مرحلة التسوية السياسية، وخطر التوقيف والاعتقال والتعذيب وحتى القتل قائم مع عودة كل نازح سوري إلى بلده.
التبريرات التي صدرت لتأييد عمليات الترحيل ليست منطقية ولا إنسانية، والحديث عن تحميل هؤلاء النازحين مسؤولية التفلّت الأمني والانهيار الاقتصادي هروب من واقع غياب الدولة وحكومتها وأجهزتها، وحرف الأنظار عن الحقيقة، فالنازحون ليسوا مسؤولين عن الجرائم التي ينفّذها مجرمون ينتمون إلى كافة الجنسيات، وليسوا مسؤولين عن الانهيار الذي يقف خلفه فساد بعض السياسيين، وكل ما ذُكر لا يبرّر تسليم السوريين للموت المحتّم على يد نظام بشار الأسد.
الصحافية والكاتبة السياسية السورية، عالية منصور، استغربت “الحملة الممنهجة التي ظهرت فجأة بين ليلة وضحاها “بكسبة زر”، والتي تقوم على التحريض ضد السوريين وتحميلهم كافة مسؤوليات التفلّت والانهيار، واعتبرت أن ثمّة جهات تستثمر في الملف وتفبرك الأخبار وتنشر الفيديوهات التي تساهم في عملية التحريض ضد هذه الفئة، ما قد يدفع البلد إلى ما هو أسوأ وأخطر”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، كشفت منصور معلومات خطيرة، تتحدّث عن اعتقال قوّات النظام السورية لعدد من الرجال السوريين الذين تم ترحيلهم، وتلفت إلى أن “عمليات الترحيل لا تقتصر فقط على من تخلّف عن تجديد معاملات الإقامة الخاصة به، بل شملت الكثيرين، بينهم أطفال ونساء ورجال يعانون مشكلات أمنية مع النظام السوري، علماً أن السلطات اللبنانية فرضت شروطاً تعجيزية لتجديد الإقامات”.
وإذ أكّدت منصور أن لبنان يتحمّل أكثر من طاقته في ملف النازحين السوريين، لفتت إلى أن مسؤولية الحكومة إيجاد الحلول الواقعية والمنطقية لهذه الأزمة، وليس الحلول العشوائية ذات الأسلوب المافياوي”، مذكّرة بأن الحكومة اللبنانية تخلّفت عن إيجاد الحلول بسبب تقاذف الصلاحيات من جهة، والتنازع على صلاحيات أخرى من جهة ثانية، مذكّرة بالاشكال بين وزيري المهجّرين والشؤون الاجتماعية حول الملف قبل أشهر.
على خطٍ آخر، تمكّن لبنان أمس من إجلاء عدد من اللبنانيين من السودان، ونجح في مهمّته بعد مساعدة السعودية والإمارات، فوجّه الشكر للدولتين. مصادر سياسية متابعة للشأن لفتت إلى أهمية هذه المساعدة، وأشارت عبر الأنباء الالكترونية إلى أن لا بديل للبنان عن محيطه العربي وعلاقاته الإيجابية مع مختلف الدول العربية والخليجية، وفي طليعتها السعودية.
أما بالنسبة للملف الرئاسي، ذكّرت المصادر السياسية عبر الأنباء الالكترونية أن لا جديد في هذا الخصوص، والمواقف على حالها، بانتظار ما سيتبلور في الفترة المقبلة على صعيد المواقف الداخلية، والمساعي الخارجية لانتاج تسوية.
في المحصّلة، وفي ظل الشغور الحاصل والانهيار الذي لم يوفّر مجالاً ولا قطاعاً، المطلوب الابتعاد عن الاجراءات العشوائية التي من شأنها تغذية الصراعات، والتوجّه نحو حلحلة الأزمات بعقلانية ومنطقية، وأي تسرّع أو إجراء شعبوي قد يستدعي ردوداً لا تُحمد عقباها.