ما سمعه الذين اجتمعوا امس مع سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، العائد الى صدارة المشهد السياسي الداخلي، يؤكد بما لا يقبل الجدل، ان كل الضوضاء التي أثارها في الفترة الاخيرة السمسار الفرنسي، بإسناد كامل من الناطق باسم فريق الممانعة الرئيس نبيه بري، حول حقيقة الموقف السعودي، لا أساس لها.
وفي معلومات “نداء الوطن” ان السفير السعودي الذي عاود امس نشاطه بعد عطلة رمضان والفطر، نقل رسالة من الديوان الملكي السعودي الى جميع المعنيين بالاستحقاق الرئاسي مفادها ان انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان هو شأن داخلي، وان المملكة تلتزم عدم التدخل في هذه العملية الداخلية. وعندما يختار اللبنانيون رئيسهم، سيكون همّ الرياض منصبّاً على قيام هذا الرئيس بالاصلاحات المطلوبة على جميع الصعد وإعادة تصويب الحياة السياسية. وكانت الرسالة التي ابلغها البخاري واضحة جداً في التأكيد ان السعودية “لن تضغط على احد لكي يسمّي أحداً او ينتخب أحداً.
وهكذا، انجلى الغبار الذي أثاره الجانب الرسمي الفرنسي والرئيس بري خلال الفترة الاخيرة، وتبيّن ان الزعم بأن الرياض ستضغط على حلفائها في لبنان كي يمشوا في خيار الاليزيه – حارة حريك بما يؤدي الى وصول رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى قصر بعيدا هو وهمٌ وسراب.
وخلال جولة البخاري التي انطلقت امس، وتتواصل اليوم، وشملت في مرحلتها الاولى تباعاً مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس بري ورئيس حزب “القوات اللبنانية”، كان الديبلوماسي السعودي يؤكد ان الانتخابات الرئاسية “شأن سيادي لبناني، ويعود الى اللبنانيين مسألة تقرير من سيكون الرئيس المقبل وتقف المملكة خلف اللبنانيين في خياراتهم”.
وكان لافتاً ان دوائر الرئاسة الثانية في عين التينة، عندما كانت تحضّر اول من امس لزيارة البخاري ولقائه بري، كان الاخير يدلي بحديث قال فيه انه “لا الفرنسيين، ولا السعوديين، نَفوا ما صدر عني في شأن موقف الرياض حيال ترشيح فرنجية”. فبدا سلوك رئيس البرلمان كمن يستبق الامور بدلاً من انتظار الطرف المعني مباشرة ليقف منه على حقيقة الموقف من ترشيح فرنجية. وذهب المراقبون الى تشبيه هذا السلوك بـ”إطلاق نار عشوائي في تشييع خيار الممانعة الرئاسي”. ونتيجة توسيع بيكار الدفاع عن ترشيح فرنجية، وتصويبه مباشرة على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الرافض هذا الترشيح، ردت الدائرة الإعلامية في الحزب على بري، فأكدت “أنّ تمسُّك الممانعة بمعادلة “مرشحنا أو الطوفان”، لم ولن يبدِّل في المعطيات الخارجية ولا الداخلية قيد أنملة… والقادم من الأيام سيثبت أكثر فأكثر صحة ما نقول وخطأ ما يقوله الرئيس بري”.
واستوقف المراقبين، ان توقيت معاودة السفير السعودي تحركه، أتى مباشرة بعد موقف اميركي حازم من الخارجية الاميركية دعا الى انتخاب رئيس “متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد”، ما اوحى بوجود تناغم بين واشنطن والرياض التي بدت حريصة على عدم حصول أي تناقض مع الولايات المتحدة بعد التعقيدات التي مرت بها اخيراً العلاقات الثنائية سواء بالنسبة للعلاقات مع النظام السوري او بالنسبة لاتفاق بكين بين السعودية وايران. ومن شأن هذا التناغم في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية ان ينهي عملياً التفويض الاميركي لباريس ومحاولتها احتكار إدارة الملف الرئاسي اللبناني، بعدما ثبت ان الاليزيه لم يكن على قدر هذا التفويض بعد الانحياز المفضوح لمصلحة المحور الذي يأتمر بأوامر إيران.