بدا المشهد السياسي المتصل بالاستحقاق الرئاسي على عتبة تحولات هذا الأسبوع بفعل ما ذكرته مصادر واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» من أن «مرحلة الضغط الخارجي الكبير» انطلقت في اتجاه إنجاز الاستحقاق.
في المقابل، وفي اليوم الثالث والأربعين على بدء المواجهات في مخيم عين الحلوة انفتح باب الصراع الفلسطيني الفلسطيني على أشدّه. وطاولت القذائف للمرة الأولى منذ 30 تموز الماضي مركزين للجيش اللبناني في جبل الحليب وتعمير عين الحلوة فسقط خمسة جرحى، إصابة أحدهم حرجة، وفق بيان مديرية التوجيه. فهل يعني إشتداد المواجهات ليل أمس بين حركة «فتح» و»تجمع الشباب المسلم»، أن حرب المخيم دخلت مرحلة حاسمة؟
الجواب بالنفي، هو ما نقله مراسل «نداء الوطن» في صيدا محمد دهشة ليل أمس عن أوساط فلسطينية، وصفت ما جرى في الجولة الدامية أمس بأنه كان بمثابة «الكرّ والفرّ اللذين لم يغيّرا في مواقع انتشار كل طرف من الفريقين المتقاتلين».
وأدت الاشتباكات الليلة الماضية إلى سقوط قتيل فلسطيني وأكثر من خمسة جرحى بعدما توزعت القذائف في مختلف أرجاء المخيم رغم إعلان «تجمع الشباب المسلم» عصراً عن وقف إطلاق النار والأعمال الحربية من طرف واحد، فيما تحدثت حركة «فتح» عن تقدم في منطقة حطين، دون حسم، ونحو تجمع مدارس «الأونروا».
وعلى وقع اشتداد المعركة العسكرية، لم تهدأ الاتصالات السياسية للتوصل إلى وقف لإطلاق نار دائم وشامل، قاد جانباً منها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي اتصل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشدداً على «أولوية وقف الأعمال العسكرية والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة».
هذا على المستوى الامني، أما على الصعيد السياسي، فمن المقرر أن يصل اليوم الى بيروت الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في زيارة تستمر حتى الخميس المقبل، يلتقي خلالها جميع الفرقاء في مجلس النواب. أما خارج المجلس فتشمل مواعيد لودريان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وعُلم ان اجتماعاً سيعقد صباح اليوم في باريس بين الوزير السعودي نزار العلولا والسفير وليد البخاري والموفد لودريان قبل توجه الاخير الى بيروت في وقت لاحق اليوم.
في موازاة ذلك، لم ينعقد اجتماع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساء السبت في الهند على هامش اجتماع مجموعة العشرين، كما أعلن سابقاً قصر الإليزيه. ووفق بيان صدر أمس عن الرئاسة الفرنسية، فقد ألغى ماكرون كل الاجتماعات التي كانت مقررة قبل قمة نيودلهي من دون مزيد من التفاصيل.
وبالعودة الى المصادر الواسعة الاطلاع، التي تتابع التطورات السياسية الداخلية، فقالت إن الوضع الداخلي بات في «مرحلة الضغط الخارجي الكبير». ولفتت في هذا السياق الى «ردتي فعل»، هما:
«الأولى، من الرئيس نبيه بري، وقد أتت عن طريق مبادرة رئاسية، لتقول للمجتمع الدولي أن موقف رئيس البرلمان، هو مساعد لإجراء الانتخابات الرئاسية، وليرفع عن كاهله المسؤولية عن تعطيل الاستحقاق الرئاسي أمام هذه الموجة الديبلوماسية الضاغطة.
وردة الفعل الثانية، أتت من «حزب الله»، الذي حاول الظهور بمظهر المسهّل للاستحقاق الرئاسي بطلب ايراني. فبعد لقاء الساعة ونصف الساعة الذي عقده ولي العهد السعودي مع وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان الشهر الماضي في جدة، لم تعد هناك مصلحة ايرانية، وتحديداً من خلال «حزب الله»، للظهور بمظهر المعرقل. فهو من ناحية يظهر اللين في القول إنه يريد حلاً رئاسياً، بينما هو في الواقع مسؤول عن التعطيل بدليل أنه يرفض التراجع عن المرشح الذي يدعمه».
وخلصت الأوساط ذاتها الى القول: «هناك وجهة نظر تفيد أن الثنائي الشيعي بدأ يمهّد فعلاً لمرحلة جديدة، بعدما وصل الى أفق مسدود وأدرك أن الانتخابات الرئاسية بشروطه لم تعد قائمة. وقد بدأ الثنائي عملية تراجع ظهرت في المواقف التي تصدر عنه. وستحسم الأيام القليلة المقبلة أي اتجاه ستسلكه التطورات».
وفي سياق متصل، صرّح نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن «لبنان في حاجة ماسة للاستحقاق الرئاسي». بدوره قال رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين إنّ «البلد اليوم في حاجة إلى من يتحمل المسؤولية فعلاً»، وهو ما نقوم به في «حزب الله». أما عضو المجلس المركزي في «الحزب» الشيخ نبيل قاووق، فقال إن «حزب الله لا يوفّر فرصة في السياسة لإيجاد الحل للخروج من الأزمة الرئاسية».