وسط مناخ “متجدد” بالشكوك والترقب الحذر يعززه تراجع غير معلن عن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية مجددا، يعود الموفد الرئاسي الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق جان ايف لودريان اليوم للمرة الثالثة بصفته هذه ليبدأ غدا الفصل الثالث من مهمته واجراء جولة لقاءات ثنائية مع الكتل والأحزاب حول السبل الممكنة لانهاء الازمة الرئاسية. ولعل المفارقة اللافتة التي ستواكب عودة لودريان الى بيروت انها لن تحتل وحدها واجهة المشهد الداخلي حتى لو انشدت الأنظار لرصد الجديد المحتمل الذي يمكن ان تعكسه لقاءات لودريان غدا والأربعاء، اذ ان التفجير المشبوه منذ الخميس الماضي في مخيم عين الحلوة والتصعيد الذي تتولاه الجماعات الإسلامية الأصولية بات يتقدم الأولويات الأمنية الطارئة بعد التطورات الخطيرة التي كادت “تستنبت” مخيما رديفا للاجئين في صيدا. كما ان ملف التسلل والنزوح السوري الذي تفاقم بخطورة عالية لم يعد ممكنا معالجته بمسكنات فيما يخوض الجيش اللبناني يوميا جهودا مريرة وصعبة لمواجهة هذا الخطر الزاحف الذي يحتاج الى خطة كبيرة جديدة لوقف فصوله التصاعدية الامر الذي سيضفي على الأيام الطالعة دلالات وابعاد ساخنة للغاية.
واستنادا الى الأجواء المتوافرة لـ”النهار” فانه على رغم الغاء اللقاء الثنائي الذي كان مقرراعقده على هامش قمة العشرين بين الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الهند لان ماكرون الغى مواعيده، لم يتبدل شيء في اجندة لودريان الذي سيعمل على استكمال مهمته للبحث والتشاور مع القوى اللبنانية حول افضل السبل للتوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية، وحل الازمة السياسية المستمرة من خلال التوصل الى توافق يسمح بانهاء الشغور الرئاسي الممتد منذ شهر تشرين الثاني الماضي، ووضع صيغة تشاورية محددة ببرنامج وزمان تعبد الطريق لانتخاب رئيس وانجازه عبر توافق وتفاهم على صيغته وفق اتفاق الطائف.
وبحسب مصدر ديبلوماسي في باريس فان حضور لودريان الى لبنان يعني ان الموفد الشخصي للرئيس ماكرون لديه شيء جديد سيعرضه على محاوريه وانه لم يات الى لبنان لاعلان فشل مهمته ، بل ان لديه طروحات جديدة سيعرضها على القوى السياسية وهي تشكل خطوات عملية لانعاش مهمته واعطائها زخما لمتابعتها من خلال انتخاب رئيس للجمهورية قبل اعادة تكوين السلطة المفقودة.
ويامل لودريان في امكان توصل النواب اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية وهدفه الحصول على اجماع سياسي يؤمن هذا الانتخاب. ويعول على جولته الثالثة في لبنان لمناقشة العقد التي تمدد الفراغ الرئاسي الممتد منذ تشرين الثاني الماضي والتوصل الى حل لها .
مواقف محلية
وعشية وصوله لم تتبدد الأجواء الخلافية الحادة حول ملف الحوار الذي عاد واصطدم باخفاق طرح الرئيس بري في اقناع المعارضة بطرحه الأخير. وامس اعتبرت أحزاب ومجموعات معارضة تضم أحزابا وتنظيمات تغييرية (الكتلة الوطنية، خط أحمر، تقدم، لقاء الشمال 3، ائتلاف انتفض للسيادة والعدالة، عكار تنتفض) أن ” شرط الحوار، ان يحصل بالتوازي مع عمل المؤسسات واحترام المواعيد والاستحقاقات الدستورية، فهذا لا يلغي ذاك، أما أن يكون الحوار وسيلة لتحقيق أهداف تناقض الديمقراطية والدستور، فذلك ابتزاز مرفوض”. ورأت ان “كل الحوارات التي حصلت في الماضي القريب كانت نتائجها تنصل فريق الممانعة من تعهداته، ومزيدا من قضم الدولة ومؤسساتها لحساب حزب الله ومشروعه الاقليمي، مما ادى الى عواقب مدمرة على البلد واللبنانيين، علما ان من يدعو الى الحوار اليوم، هو طرف تسبب بأزمة شل الدستور وتعطيل جلسات الانتخابات الرئاسية. لذلك نتوجه لصاحب الدعوة بواجب التعهد بالالتزام بالدستور، والتطبيق المباشر والفوري للمواد 49، و74 و75 منه؛ وبالتالي تحديد موعد لعقد جلسة انتخابية بدورات متتالية والتوقف عن تعطيل النصاب، ومحاولات فرض مرشح بعينه”.
وفي المقابل كشف عضو “تكتل لبنان القوي” النائب آلان عون أن “القبول برئيس تيار المردة سليمان فرنجية لم يعد مستحيلاً وحزب الله سيتنازل في المقابل عن أمور كان يرفضها سابقًا لأننا دخلنا في منطق السلّة معه وليست مقايضة ووزارة المال ليست ملكاً للثنائي الشيعي علماً أن مطالب التيار لا تقلل من صلاحياتها”.
وقال عون ان “نتائج الحوار مع حزب الله تظهر خلال أسبوعين بالاتفاق أو عدمه والحديث عن أننا نمرّر الوقت الى حين انتهاء ولاية قائد الجيش محاكمة مرفوضة للنوايا والمعركة محصورة بمرشحين هما سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزاف عون وكلاهما عاجز عن الوصول لذا علينا الاتفاق”.
واليوم يعقد مجلس الوزراء جلستَين الاولى عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر خاصة بملف النازحين السوريين والثانية عند الثالثة والنصف بعد الظهر لاستكمال البحث في مشروع قانون موازنة 2024.
اليوم الرابع
في الوضع المتفجر في مخيم عين الحلوة شهد المخيم لليوم الرابع جولات قتال عنيفة ومواجهات عنيفة عند محور الرأس الاحمر والطيري وحي التعمير والطوارئ، شنت خلالها حركة “فتح” هجوماً عنيفاً من البركسات باتجاه حي الطوارئ ومدارس الاونروا، حيث معقل الجماعات الأصولية المسلحة، لتخفيف الضغط عليها عند جبهة الرأس الاحمر وحطين، التي انسحبت من بعض مواقعها التي كانت سيطرت عليها سابقا. كما شهد محور جبل الحليب حطين اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة والقذائف التي طاولت حي الجامعة والجانب البحري، وتضررت الواجهة الزجاجية لشركة سليم للتجارة قرب المهنية في صيدا، اثر إصابتها بقذيفة “لانشر” كما سقطت اخرى قرب سنتر ابو دراع في المدينة. وكانت ساحة مخيم عين الحلوة قد تحولت ظهرا ً إلى عمليات كر وفر بين “فتح” والمجموعات المتشددة عند محور حطين ، استخدمت فيها الاسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، وسقط إحداها في جوار المخيم على الاوتوستراد الشرقي الذي يربط المدينة بالجنوب والمقفل امام السيارات في وجهة سير نحو الطريق الساحلية البحرية، كما انفجر عدد من القذائف الصاروخية في اجواء مدينة صيدا و درب السيم وسيروب ، كما أدى الرصاص الطائش الى اصابة المواطن عدنان الزكنون في منطقة تعمير عين الحلوه، ونال الرصاص ايضاً من احدى السيارات في تعمير حارة صيدا. وكانت الاشتباكات اشتعلت مجدّداً، على رغم الاتصالات والمحاولات التي بذلتها القيادة السياسية في “فتح” و”هيئة العمل الفلسطيني المشترك” وقيادات لبنانية لوقف إطلاق النار، وباءت جميعها بالفشل، علماً أنّ السفير الفلسطيني أشرف دبور، استطاع الدخول مساء السبت مع أعضاء في “هيئة العمل الفلسطيني”، لكنّه فشل وواجه صعوبة في مهمته .
وأصيب خمسة عسكريين في الجيش احدهم بحالة حرجة اثر سقوط ثلاث قذائف على مركزين للجيش في محيط المخيم، وقد نقلوا الى مركز الراعي الطبي للمعالجة. ورد الجيش بشكل محدود على مصادر اطلاق النار وحذر في بيان من مغبة تعريض المراكز العسكرية وعناصرها للخطر .
في سياق متّصل كان مشهد نصب خيم لإيواء النازحين من مخيم عين الحلوة عند مدخل صيدا الشمالي اثار ردود أفعال عديدة على المستوى الرسمي، إذ أفادت معلومات بأنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي طلب ليل السبت من وزير الداخلية بسام مولوي إزالة خيم النازحين من أمام الملعب البلدي في صيدا – وهو ما قد تمّ بالفعل صباح امس ، حيث تمّت بشكلٍ كامل إزالة الخيم. وكان وزير الداخليّة والبلديات بسام مولوي تواصل مع محافظ الجنوب منصور ضو، وأعطى توجيهاته للقوى الأمنيّة وعناصر بلديّة صيدا لإزالة الخيم.على أن يستمرّ تنسيق الجهود مع الأونروا لإيواء الهاربين في المدارس والمراكز الآمنة.